نقلت مصادر المتحاورين في الحوار الوطني لصحيفة ”لمستقبل”، أنّ النقاش الرئاسي كان قد استهله رئيس “حزب الكتائب” النائب سامي الجميل حين شدد على وجوب وقف تعطيل النصاب في الجلسات الرئاسية وضرورة احتكام المرشحين إلى اللعبة الديموقراطية بعد دعم قطبين من 14 آذار مرشحيْن من 8 آذار، معتبراً أنّ ذلك أدى إلى كسر الانقسام العمودي بين 14 و8 آذار بشكل بات يؤمن “الميثاقية” اللازمة لإتمام الاستحقاق ربطاً بحيازة كل من المرشحين الحيثية التمثيلية وتلقي كل منهما دعماً متعدد المذاهب والطوائف، في حين طالب الوزير بطرس حرب بإعطاء “مهلة شهر” لتأمين التوافق على أحد المرشحين وإلا النزول إلى مجلس النواب والاحتكام لصندوق الاقتراع.
على الأثر، طلب ممثل رئيس تكتل “التغيير والإصلاح” على طاولة الحوار الكلام معتبراً أنّ هناك “محاولة لتصغير الإشكالية الرئاسية”، وقال باسيل: “المشكلة عميقة وتتعلق بالميثاقية المفقودة منذ عام 1990، فما كان يجري قبل اتفاق الطائف الذي انتزع صلاحيات من رئيس الجمهورية يختلف عما يجري اليوم”، بحيث تحدث عن تهميش القيادات المسيحية التي تتمتع بالحيثية الشعبية، مطالباً في المقابل بإجراء الانتخابات النيابية بالتزامن مع الانتخابات البلدية. غير أنه لم يُجب على سؤال نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري عن قانون الانتخاب الذي ستتم على أساسه الانتخابات النيابية.
عندها توجّه فرنجية إلى باسيل بالقول: “ما أوصلنا إلى ما وصلنا إليه عام 1990 يتحمل تيارك (الوطني الحر) مسؤوليته، فلو حصلت تسوية حينذاك لما كان أصاب المسيحيين إجحاف بحقوقهم”، مذكراً إياه بأنّ مواقف “التيار الوطني” هي التي أوصلت إلى إقرار دستور الطائف وأسفرت عن انتزاع جزء من صلاحيات رئيس الجمهورية ومن بينها قدرته على حلّ مجلس النواب. وأردف فرنجية متسائلاً: “منذ العام 2005 وأنتم في السلطة فماذا فعلتم سوى أنكم تشاركون في الحكم وتتصرفون كمعارضة؟”. وأضاف: “أما بالنسبة لمسألة التمثيل الشعبي فنحن موجودون قبلكم ومعكم وسنبقى موجودين بعدكم إلا إذا كنتم تعتقدون أنّ اتفاقكم مع “القوات اللبنانية” يستطيع إلغاء الآخرين”، لافتاً انتباه باسيل إلى أنّ “شركة الإحصاءات التي منحتكم 86% من تمثيل المسيحيين هي نفسها كانت قد منحت إميل لحود أكثرية شعبية أيام التمديد لولايته مع العلم أنّ أكثرية اللبنانيين لم يكونوا يؤيدونه”.
إزاء ذلك، أشارت المصادر إلى أنّ “حالة من الصمت المدوي” سادت طاولة الحوار بعد مداخلة فرنجية حتى أن باسيل لم يعقب بكلمة على الموضوع واستعاض عن ذلك بإثارة مسألة موقف لبنان الرسمي في اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة اليوم طالباً من رئيس الحكومة تمام سلام تحديد ماهية الموقف الواجب اتخاذه حيال بند “التضامن مع لبنان” منعاً لأي لغط جديد في هذا الصدد، فأجابه سلام بأنه موضوع خارج عن سياق النقاش على طاولة الحوار.
وذكرت صحيفة “النهار” ان إجتماع طاولة الحوار النيابي لم يكن كالاجتماعات السابقة، فقد شهد سجالا هو الاول من نوعه بين النائب سليمان فرنجية والوزير جبران باسيل من خلال السياق الاتي:
إقترح وزير الاتصالات بطرس حرب في مداخلة له “إعطاء مهلة شهر للتوافق في شأن إنتخاب رئيس جديد للجمهورية على أن ننزل بعدها كلنا الى مجلس النواب للإنتخاب ونهنئ من يفوز”. ثم تحدث رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل فقال: “يتكلمون عن التوافقية وأن هناك إنقساما خطيراً في البلد فيما لا يوجد في الواقع إنقسام طالما أن 14 آذار رشّحت إثنين من 8 آذار.ويتكلمون عن الميثاقية، فأين الميثاقية الطائفية طالما أن المرشحيّن مؤيدان من بيئتهما المسيحية؟ وأين الميثاقية المذهبية طالما أن كل المذاهب تؤيدهما؟”
فرد الوزير باسيل على النائب الجميل: “منذ عام 1990 وأنتم لا تراعون الميثاقية. إنكم تهمّشونا منذ ذلك الحين.لنعد الى الناس لنر أين الاكثرية الشعبية”.
عندئذ تحدث النائب فرنجية ووجّه كلامه الى الوزير باسيل: “إن أخطاء عمّك تسببت بالطائف وما أدى اليه في شأن صلاحيات رئيس الجمهورية، لو حصلت تسوية يومها لما كان أصاب المسيحيين اجحاف في حقوقهم”. وأضاف: “في التمثيل الشعبي نحن موجودون قبلك ومعك وبعدك. لستم الوحيدين الذين تمثلون المسيحيين ولا قدرة لكم على الغاء الآخرين”.
وأبلغ مشاركون في الاجتماع “النهار” أنه بعد هذا السجال ساد صمت إستمر نصف دقيقة وعلا وجوه عدد من المعنيين الوجوم. بعد ذلك تجدّد الحوار وخلاله سأل الوزير باسيل عما يجب عمله في إجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة، فكان جواب الرئيس سلام: “ليس هنا المكان المناسب فلنترك الامر للحكومة”.