أعلن رئيس مؤسسة “لابورا” الأب طوني خضرا عن إنشاء مرصد آداء القطاع العام للشراكة الوطنية والمساواة لتلقي شكاوى المواطنين، ولفت الى أنّ الميثاقية واجب وطني ويجب المحافظة على لبنان، مضيفا: “يهمنا الحق بحد ذاته ونعتبر أي وزير في الدولة هو للجميع وليس لطائفة، ولا نرد على المحاصصة بالمحاصصة بل نطالب بلبنان الكفاءات، فنحن شريحة من المسيحيين نخاطبكم باسم كل لبنان، ونطالبكم بإسم الجميع المحافظة على حقوقنا”.
خضرا، وفي مؤتمر صحافي، ذكّر بأنّ الطائف الغى الطائفية في الوظيفة العامة، إلا أنّ تركيز المسؤولين يتمّ على المحاصصة والطائفية وليس على الكفاءة”. ودعا لتطبيق القرارات المتعلقة بالقطاع العام والتي لم يطبق منها قرار واحد، ولإعادة النظر بالتعيينات الطائفية ولدرس المراسيم المتوقفة منذ سنتين واصدارها وفق القوانين.
وأضاف: “نطالب باحترام القوانين ولا سيما قرار أجهزة الرقابة بمجلس الخدمة المدنية والوزارات، لا نريد رئيسًا يملأ الفراغ بل رئيسًا يحافظ على التنوع ودور لبنان الرسالة. إنّ التوازن في وظائف الدولة يؤمن سدًا منيعًا في لبنان بوجه التكفير”. ودعا لضرورة العمل على تحييد مجلس الخدمة الوطنية وإدارات الدولة عن التدخلات السياسية، وإيصال الكفوء والأقوى علميًا، وقال: “إرفعوا أيديكم عنها، إذ يجب أن نحافظ على شعار “وساطتك كفاءتك”، ولنضع آلية واضحة لمباراة الامتحان في مجلس الخدمة”.
وحذّر خضرا من أنّ هذه المرة الأخيرة التي نتحدث فيها بالمبادئ العامة والعموميات، واعدا بأنّه في المرة المقبلة سندخل بالتفاصيل وسنكون بالمرصاد. ورأى أن السياسة تفسد كل شيء ونحن نتبع طريق عدم التحدث في العلن لأن التدخلات السياسية تفسدها”.
وفي ما يلي كلمة الأب خضرا
أيها الشعب اللبناني الحبيب…
أيها الحضور الكريم :ممثلي 13 كنيسة في لبنان، ممثلي الأحزاب المسيحية كافة، ممثلي الأبرشيات والرهبانيات، والجامعات والمؤسسات المسيحية وهيئات إتحاد أورا والهيئات الإعلامية والثقافية وكل الحضور.
نحن اليوم هنا نخاطبكم بإسم لبنان المتعدد ، لبنان العيش معا، لبنان أولا ولبنان للجميع. نخاطبكم باسم المسلمين والمسيحيين . نخاطبكم لا بصفتنا فريقاً في طائفة واحدة أو مكوّن واحد في لبنان . لسنا هنا لنطالب بمركز أو بحق طائفة معينة أو مذهب معيّن لنردّ على المحاصصة بالمحاصصة والطائفية بالطائفية، بل لنطالب باسم كل اللبنانيين، بلبنان للجميع، لبنان الميثاقية ، لبنان الكفاءات والتوازن. شبعنا التحدث باسم حقوق الطوائف والمذاهب والأحزاب والمحاصصة السياسية التي تغيّر وجه لبنان المدني الجميل والرائد. إنّ هذا اللقاء يأتي في سياق أهداف لابورا القائمة على المحافظة على حقوق الجميع في الإدارة العامة وتعزيزها توظيفاً وخدمات .
أولاً: نلتقي اليوم لنعلن إنشاء “مرصد أداء القطاع العام: للمشاركة الوطنية والمساواة” وفق ما يلي:
- رصد ومتابعة وتوثيق كل ما يتعلق بسير العمل في القطاع العام وبخاصة عملية المباريات والتوظيف والمناقلات والتعيينات الإدارية وتوزيع خدمات الدولة على الجميع وبالتساوي.
- تنبيه الجميع على التجاوزات التي تحصل في القطاع العام وتسميتها بالإسم من خلال التواصل مع كل المعنيين مباشرة وبكل الطرق المتوفرة، ومنها الحوار البنّاء المباشر والضروري.
- عقد مؤتمرات صحفيّة دوريّة للإعلان عن كل ما يحصل من إيجابيات وسلبيات في القطاع العام وتسميّة الأمور بأسمائها والأرقام بحقيقتها دون النظر إطلاقاً إذا كانت التجاوزات تتعلق بطائفة أو حزب أو جهة معينة. فلا تهمنا طائفة المستهدف ولا طائفة الوزير، بل الحق بحد ذاته وعودته لأصحابه.
فنحن ننظر إلى كل وزير بأنه وزير لكل لبنان و إلى كل مركز بأنه في خدمة كل اللبنانيين. فالميثاقيّة واجب وطني ، والتوازن أمانة في أعناقنا للحفاظ على لبنان بوجهه المتنوع وعلى مبدأ الكفاءة التي لا تعرف لا طائفة ولا حزب، بل تعدد الطوائف هي نعمة للجميع.
- إن المرصد يتلقى شكاوى اللبنانيين بهذا الخصوص وبخاصة شكاوى الذين يهمهم تفعيل الإدارات العامة من منظار الكفاءة والمشاركة والمساواة.
- تشكيل اللجان والفرق الخاصة بهذا المرصد: محامون، إختصاصيون، مدراء عامون سابقون، نواب ووزراء وغيرهم.
- إصدار البيانات والوثائق التي تدعم هذا المرصد .
ثانيا: لماذا اليوم بالتحديد؟:
يأتي الإعلان عن هذا المرصد في هذا الوقت بعد أن وجدنا بأن الإنهيار مستمر والأولوية عند المسؤولين ليست للإستنهاض بالبلد ولا لخدمة المواطنين:
- مرور 25 سنة على إتفاق الطائف دون وضع آليات تطبيق للمادة 95 من الدستور المتعلقة بالمناصفة والتوازن وفق مقتضيات الميثاق الوطني. طارت المناصفة وطارت الآليات كما العديد من بنود الطائف. ألغى الطائف الطائفية في الوظيفة العامة، فماذا حل مكانها؟ لم توضع أي الية للكفاءة بل ثبتنا حق الطوائف والأحزاب وألغينا حق المواطن. فألغينا المؤسسات والهيئات الرقابية وحولنا الوطن إلى مزرعة بدل أن نقفل المزارع ونفتح أبواب الوطن للجميع.
- تركيز المسؤولين عندنا على المحاصصة السياسية والطائفية في الوظائف ولا على بناء المؤسسات. بحيث أن مصالح الأحزاب والطوائف تتقدم على مصالح الشعب وعلى حساب الكفاءة والمهنية. وبعد أن تأكدنا بأن نظام الطائفية لا يخدم المواطن بل يهدم البلد وأصبح الحكم عندنا للطائفية والمذاهب وليس للكفاءة والتفوق. إن أساس الوطن هو المواطن الكفوء والطامح في تطوير بلده وليس هيمنة الطوائف .
- إن اللبنانيين إذا اختلفوا على كل شيء في السياسة فأنهم لا يختلفون عندنا على هذا الموضوع الحيوي ويعرفون بأن إعطاء الأولوية للمواطن وفق الكفاءة والمساواة والعدالة الإجتماعية يخرجنا من نظام الطوائف والمحاصصات السياسية.
ثالثاً: التحديات والمطلوب فعله:
- إعادة الدور إلى الريادة اللبنانية وبناء الوطن. وهنا نسأل لماذا نجح اللبنانيون في كل بلدان العالم وفشلوا في بلدهم؟ منتجون في الخارج وغير منتجين في ديارهم.
- الإعتماد على الأوادم والمواطنين بعد الآن وليس على السارقين والفاسدين وهادري المال العام، لنترك الطائفية ونخرج إلى لبنان ولنعتمد المواطنية في الأساس ونذهب نحو الإنتاجية والتطور.
- لماذا نجح في القطاع الخاص في لبنان أكثر من القطاع العام؟ أوليس لأنه يعتمد على الكفاءة والمهنية والإنتاجية وليس على المحاصصة والطائفية كما يحصل في القطاع العام؟
- في الدولة اللبنانية 310000 موظفاً، مئة ألف متقاعد، وأكثر من 2100000 حاليّون، بينهم 120000 في القطاع العام المدني وأكثر من 70 بالمئة منهم بالفاتورة والتعاقد. فما هي الحلول الممكنة للخروج من هذه المعضلة المزمنة؟ كل ذلك يخلق عدم إستقرار لا تقدّر عواقبه. على المواطنين وموازنة الدولة .
- إعتماد المداورة في كل الوزارات والإدارات العامة وليس في دائرة أو مصلحة في وزارة معيّنة، وإعتماد آليّة سليمة لهذه المداورة. وإعتماد عمل المؤسسات في الدولة، من مجلس الخدمة المدنية إلى مؤسسات الرقابة وتطبيق القرارات القضائية المتعلّقة بالقطاع العام.
- تصنيف المراكز الحساسة في الإدارة العامة وتوزيعها بالمساواة على كل مكونات الوطن وإعادة النظر في كلّ ما أخلّ ويخلّ بالتوازن الوطني والمشاركة الحقيقيّة. وبالتالي إعادة النظر بالتعيينات الطائفية والمحاصصة السياسية التي تعتمد على ” أنّ الكفاءة موجودة فقط في حزبي وفي طائفتي وفي أزلامي”.
- درس المراسيم المتوقفة منذ سنين وعددها أكثر من 53 نوع وظيفة وإصدارها وفق آلية للتوازن.
- تطبيق المادة 43 من قانون الموظفين والنقل ضمن الإدارة الواحدة بعد أخذ رأي مجلس الخدمة المدنيّة.
ينقل الموظف من الفئة -3- بقرار من الوزير بشرط ان يعرض قرار النقل على مجلس الخدمة وان يأخذ موافقته، ويجب ان يكون قرار الوزير معللاً ويستوحي المنفعة العامة، بمعنى اذا قرر وزير نقل موظف من الفئة الثالثة يتوجب عليه بحكم القانون عرض النقل على مجلس الخدمة لاخذ رأيه والا يكون القرار غير قانوني ومعرضاً للابطال من مجلس شورى الدولة.
في هذه الحالة يمكن لأي موظف من الوزارة ان يطعن بهذا القرار لدى مجلس شورى الدولة
اما الموظف فئة -2- فلا يمكن ان ينقل بقرار من الوزير بل بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء بعد اخذ رأي وموافقة مجلس الخدمة المدنية .
ما تطالب به لابورا ليس فقط احترام الميثاقية بل احترام هذه القوانين والانظمة لاسيما قرارات اجهزة الرقابة في مجلس الخدمة ومجلس شورى الدولة وديوان المحاسبة والتفتيش المركزي. لان بدونها ينتشر الفساد في مؤسسة الدولة وتتفشى المحسوبية والمحاصصة والطائفية والزبائنية فيصبح الوزير الآمر والناهي في وزارته غير مقيّد بالقوانين والأنظمة، إذ لا رقابة عليه، ويصبح معيار الكفاءة والأهلية غير ذي جدوى.
- إن التوازن مرتبط مباشرة بالمرجع القوي والفاعل شرط أن يكون اي رئيس مقبل للجمهورية مقتنعاً بأهميّة هذا الدور، ولتكن من أولى مهامه الرئيسية الحفاظ على لبنان المتنوّع. لذلك لا نريد رئيساً للجمهورية يملأ الفراغ فحسب، بل رئيساً يحافظ على التوازن والتنوّع ودور لبنان الرسالة .
- إدراج موضوع الوظيفة العامّة وانخراط اللبنانيين فيها والتوازن في لبنان على جدول الحوار الوطني، وجلسات مجلس الوزراء واستراتيجية البيان الوزاري، ولنلتق معاً وبشكل دائم، دولة ومؤسسات ومجموعات تعمل على هذه المبادىء لنجد السبل الفاعلة للحفاظ على تنوعّنا ومشاركتنا جميعاً في كل مرافق الدولة . إن التوازن في وظائف الدولة وتعزيز سبل المشاركة للجميع يؤمّن سداً منيعاً للبنان في وجه التكفير واستبعاد الآخرين وعدم قبولهم. إنه الأمن الوطني الحقيقي بامتياز .
- نذكر بشعار مجلس الخدمة المدنية في نظامه الداخلي: “واسطتك كفاءتك”. فكيف يمكننا الحفاظ على هذا الشعار؟ في ظلّ التشبيح السياسي والطائفي وعدم مراعاة القوانين والمهنية واحترام آلية التوظيف في مجلس الخدمة المدنية من قبل بعض رجال السياسة والتدخلات السياسية الفاضحة وجعل التوظيفات على قياس وزراء أو مدراء عامّين للحفاظ على مصالحهم الخاصة أو مصالح طوائفهم الضيقة ؟ ونذكّر بضرورة العمل على تحييد مجلس الخدمة المدنية وإدارات الدولة التي تعنى بهذه المواضيع عن التدخلات السياسية الضيقة والقاتلة، وخلق جو مهني،علمي تنافسي بين كل الفئات حتى يصل الكفوء والأقوى علمياً ومهنياً وقدراتياً.
- نطلب من كل المسؤولين الروحيين والسياسيين أن يكون موضوع الإدارة العامّة وانخراط اللبنانيين جميعاً في وظائف الدولة أولية في سياساتهم ومشاريعهم، والتعاون معاً من الباب الواسع في فتح أبواب مؤسساتنا التربوية وغيرها لمساعدة الأجيال وتوجيههم وتحفيزهم، الى أهميّة دور وسائل الإعلام المحوري في التوجيه والإعلان عن الوظائف لكل اللبنانيين، والإضاءة على أي خلل قد يحصل فيها .
- وضع آلية واضحة في مباريات الدخول الى الدولة، آلية ثابتة وواضحة ليكون جميع اللبنانيين متساويين، ويطبق القانون على الجميع بالتساوي . من آلية تحضير المباريات، الى إعلان المباريات في اللجان الفاحصة وإصدار المراسيم، الى توزيع الناجحين على مؤسسات الدولة وغيرها .
خاتمة:
تدعو لابورا في نهاية هذا المؤتمر الصحفي الى العمل معاً لتحقيق هذه الأهداف والى سياسة واضحة بموضوع الإدارة العامّة والإنخراط في الدولة وإلى توحيد الجهود والصوت اللبناني عموماً من قبل الجميع مؤسسات وأفراد للحفاظ على التوازن والمهنية والتنوّع، والعمل في استراتيجية وطنية مدنية واحدة لكي نتنافس في العمل الصالح وفي إيصال أفضل نوعية الى الوظيفة العامّة، فقوة الموظف في كفاءته ومهنيته وليست في قوّة داعمه وطائفته وواسطته. تتمنى أن تجد آذاناً صاغية لما اقترحته لإنه لا ينفع لبنان واللبنانيين إذا ربحوا العالم كله وخسروا بلدهم وتاهوا فيه وخارجه عنه .
وأختتم بكلام البطريرك الحويك في رسالته عن ” محبّة الوطن” سنة 1930 “محبّة الوطن لا تقوم إلاّ بخدمة المصلحة العامّة. ويريد الله منا أن نحبّ وطننا الأرضي منتظرين الوصول إلى الوطن السماوي. إن حبّ الوطن طبيعي ومن تعرى منه أصبح مسخاً يمقته الجميع. إن اللبناني الحقيقي والمسيحي الحقيقي هو الذي يرى دولته وإدارته العامّة عطية من الله ومن خانها فقد خان الله. لذلك على كل إنسان خدمة وطنه قدر إمكانياته لإن الخير العام يتطلب منّا إداء فرائض مختلفة” .
كما أشكر وسائل الإعلام اللبنانية التي تنقل هذا المؤتمر الصحافي.
فلنبن وطناً يتسع للجميع ولنلغ المزارع فيه التي تقتل الحق والكفاءة والتطور، وذلك باعتماد مبدأ ” الوطن يتسع للجميع” ، بينما اعتماد المزرعة يطيح بلنان، فنصبح من دون وطن تستحقه أجيالنا. وشكراً
هذه آخر مرّة نتحدث فيها عن المبادىء العامّة والعموميات، وفي المرّات المقبلة سيكون وصفاً كاملاً مفصلاً عن كل قضيّة أو مخالفة.
يشار إلى انّ الأب طوني خضره أوضح خلال المؤتمر الإلتباس الحاصل في وسائل الإعلام في التسمية، إذ إنّ بعضها يذكر الأب خضره فيحصل اللغط بين الأب طوني خضره والأب حنّا خضره، لذلك طلب من وسائل الإعلام ذكر إسمه كاملاً.