عزة الحاج حسن
تنشط المساعي بين وزارة الصحة العامة والصندوق الوطني للضمان الإجتماعي لبلورة مشروع “صحي” يطال مرضى الأمراض المستعصية بشكل مباشر، ويساهم، في حال أبصر النور، بالتخفيف من وطأة الأعباء المادية، التي يرزح تحتها مرضى الأمراض المستعصية نتيجة ارتفاع أسعار الأدوية بشكل كبير، حيث يصل سعر بعضها إلى 25 مليون ليرة شهرياً.
المشروع الذي وضع على طاولة البحث بين إدارة الضمان ووزير الصحة والمزمع إطلاقه لاحقاً، يهدف أولاً وأخيراً الى إيصال أدوية الأمراض المستعصية الى محتاجيها من المرضى “دون أي مقابل” أي بتغطية مالية تبلغ نسبتها 100 في المئة بدلاً من نسبة 95 في المئة التي يغطيها الضمان اليوم.
إذا نظرنا الى العجز المالي الذي يقع تحت وطأته صندوق الضمان الإجتماعي منذ سنوات، نرى أن رفع تغطية الصندوق لأدوية الأمراض المستعصية بشكل كامل، مجرّد “كلام”، في حال لم يتم تأمين مورد مالي إضافي، ولكن عندما يتم استلام الأدوية المستعصية عبر مناقصات لوكلائها في لبنان يصبح بالإمكان اختيار السعر الأنسب والأدنى للأدوية، الأمر الذي يتيح لصندوق الضمان رفع تغطيته المالية لأدوية الأمراض المستعصية إلى نسبة 100 في المئة، نتيجة الوفر الذي من المفترض أن يتحقق من انخفاض فاتورة الأدوية المستعصية.
وعلى الرغم من أن المشروع لا يزال قيد البحث والتداول في إدارة الضمان الإجتماعي إلا أن المدير العام للصندوق محمد كركي يؤكد جدية دراسته ويتوقع أن توفّر مناقصات أدوية الأمراض المستعصية من 20 إلى 40 في المئة من أسعارها، “فيصبح بالإمكان التصرّف بالوفر المالي في إعفاء المرضى من الـ5 في المئة التي يتكبّدونها”. ويلفت كركي في حديثه لـ “المدن” الى احتمال أن يكون المشروع تدريجياً يبدأ من أدوية الأمراض المستعصية ليصل الى الأمراض المزمنة جميعاً “لاسيما أن أسعار أدوية الأمراض المستعصية مرتفعة جداً تبدأ من 650 ألف ليرة ليصل سعر بعضها الى 25 مليون ليرة شهرياً، أي أن نسبة الـ5 في المئة التي يدفعها المريض اليوم تشكّلّ عبئاً كبيراً عليه”.
المشروع وبالرغم من أهميته لا يمكن البت به، وفق كركي، قبل دراسته من مختلف الجوانب، لاسيما بالنسبة الى تحديد أدوية الأمراض المستعصية التي ستشملها التغطية الكاملة من جهة، وبالنسبة الى كيفية استلام المرضى لأدويتهم عبر شباك الضمان المزمع افتتاحه في مستودعات الأدوية التابع لوزارة الصحة في الكرنتينا من جهة أخرى، “إذ من الصعب أن نحيل نحو 250 ألف شخص من ذوي الأمراض المستعصية الى مصدر واحد، فذلك يمكن أن يؤخر عملية الإستلام، إضافة الى ما يمكن أن يواجهه المرضى من عناء انتظار وإرباك”، وهنا يؤكد كركي العمل على وضع آلية ميسّرة للأطراف كافة قبل إقرار المشروع.
من المؤكد أن مناقصات استلام الأدوية المزمنة ستوفّر على وزارة الصحة وصندوق الضمان نسبة معينة من أسعار الأدوية قد تصل الى 85 مليار ليرة، وهي نتيجة طبيعية لاعتماد مبدأ المنافسة بين الوكلاء، ولكن ماذا عن الموزع الحالي لأدوية الأمراض المستعصية؟ أي الصيدليات، والى أي مدى ستتأثر بمشروع تغطية الأدوية المستعصية؟
من المرتقب أن يُواجَه المشروع بالرفض من قبل نقابة الصيادلة، وفق مصدر “المدن” في مجلس إدارة الضمان، والذي يكشف عن تململ في أوساط نقابة الصيادلة (التي رفضت إعلان موقفها قبل بلورة فكرة المشروع بشكل دقيق) حول المشروع الذي يلغي دورها كوسيط بين وكلاء الأدوية المستعصية والمريض، ويحرمها بالتالي من تقاضي نسبة أرباح على مبيع تلك الأدوية، والى حين البت بالمشروع من قبل وزارة الصحة والضمان الإجتماعي، يبقى الحديث عن مواقف بقية الأطراف المعنية بالأدوية المستعصية مبكراً.