Site icon IMLebanon

لبنان.. بيئة مشجعة للتحكيم

NejmehSquare-BeirutDowntown
انصهار الدول بالعولمة وتجاوزها الحدود الجغرافية في اتساع أعمالها والنمو المضطرد للعلاقات التجارية الدولية، وانفتاح العالم على الإستثمار الأجنبي، كل تلك المعطيات جعلت من “التحكيم” شرطاً ضرورياً لا بل أساسياً في العقود التجارية والإستثمارية كافة في مختلف أنحاء العالم، واعتماد التحكيم بات وسيلة شبه وحيدة لحسم أي خلاف قد ينشأ بين أطراف العقد، لما يتمتع به من سرعة في الإجراءات ومرونة وسرية في صوغ الحلول وانخفاض في التكلفة، بخلاف القضاء العادي الذي يشوبه البطء في المحاكمات، لاسيما أن التجارب أثبتت أن التأخر في إصدار الأحكام يشكّل سبباً رئيسياً لترسيخ الخلاف بين المتقاضين.

ولم يدخل لبنان خريطة الدول المعتمدة ثقافة التحكيم فحسب لا بل شكّل مركز استقطاب للمؤتمرات واللقاءات التحكيمية، لما يتمتع به من بيئة حاضنة ومشجعة للتحكيم كوسيلة لحل المنازعات، اذ اعتمد قانونا حديثا للتحكيم، وثقافة تحكيمية تواكب كل الاجتهادات والقرارات التحكيمية، وهو وفق المحامي زياد عبيد ممثل غرفة التجارة الدولية في مؤتمر التحكيم الدولي المنعقد اليوم في بيت المحامي، يتّجه ليكون مقصداً رئيسياً للتحكيمات الإقليمية والدولية، وملتقى فكريا لمناقشة الأمور الإقتصادية والقانونية والتحكيمية كافة.

وبعد ان كان التحكيم من الخيارات الإستثنائية بات اليوم أساسا تبنى عليه العقود وتحل بموجبه النزاعات بين أطراف الأعمال، لاسيما التجارية منها. وأضحى اليوم، بحسب جان عيد ممثل رئيس مجلس القضاء الأعلى، الوسيلة المميزة لحل الخلافات بين أطراف التجارة العالمية، ويؤمن حياد الهيئة الحاكمة من أي اعتبار سوى إحقاق العدالة بمعناها المجرد، هذا في المبدأ. ويوفر الضمانة العملانية للاستثمارات الأجنبية، مشرفاً على التزامات الأشغال العامة ذات الطابع الدولي.

ولا بد من التذكير بأن التحكيم هو قضاء خاص لا ينافس قضاء الدولة بل مكمل له، يترك للفرقاء المتنازعين حرية اللجوء إليه عوضاً عن القضاء العادي، ويتفق طرفا النزاع على أن طرفاً ثالثاً يتم اختياره إرادياً للتحكيم بينهما وفقاً للنظام المعيّن ومبدأ العدل، ثم ينفذ الطرفان هذا الحكم، ولا يعد التحكيم مستقلاً نهائياً عن قضاء الدولة بل هو بحاجة دائمة إليه لتنفيذ أحكامه، ولكن التحكيم لا يبت في قضايا النظام العام كالقضايا الجزائية والجنائية وقضايا الأحوال الشخصية وبعض القضايا التي ينص المشترع على أنها من صلاحية قضاء الدولة حصراً.
ونظراً لأهميته في حل النزاعات ذات الطابع الإقتصادي والتجاري أنشأ لبنان المركز اللبناني للتحكيم في غرفة بيروت وجبل لبنان منذ العام 1995، بهدف حل الخلافات التجارية عن طريق المصالحة والتحكيم بين الشركات، وهو المركز الوحيد في لبنان المولج إدارة ومراقبة نزاعات الأعمال وإجراءات التحكيم.