تشعر الجزائر بإحباط شديد وهي تنظر بغضب لزيارة وفد من رجال الأعمال السعوديين إلى أقاليم المغرب الجنوبية وتحديدا مدينة العيون، للتعرف على فرص الاستثمار في المنطقة.
ويقود الوفد السعودي الراغب في الاستثمار بالجنوب المغربي محمد بن فهد الحمادي، رئيس مجلس الأعمال السعودي المغربي نائب رئيس مجلس إدارة شركة “جازع” السعودية، بالإضافة إلى 20 مديرا لمؤسسات اقتصادية واستثمارية سعودية، الذين سيقومون بزيارة إلى كل من العيون والداخلة لاكتشاف القطاعات التي يمكن الاستثمار فيها والفرص التي تقدمها المنطقة، خصوصا عقب إطلاق الملك محمد السادس للنموذج التنموي للأقاليم الجنوبية والمخصص له 77 مليار درهم.
وقال مراقبون إن زيارة وفد رجال الأعمال السعوديين إلى الصحراء المغربية جاءت بعد أن تلقوا إشارة من حكومة بلدهم، وذلك من خلال تصريح وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، خلال زيارته التي قام بها إلى المغرب مؤخرا.
وأكد الجبير خلال الزيارة دعم السعودية للمغرب في قضية الصحراء. وكان الجديد في تصريحات الوزير السعودي هو تعبير الرياض عن اهتمامها بالاستثمار في الجنوب المغربي، وبأنها ستوجه رجال أعمالها لاكتشاف المنطقة وتوجيه رؤوس أموالهم نحوها.
ولم يرق الموقف السعودي للجزائر التي اعتبرت أن الرياض سجلت “سابقة”، باعتبارها أول بلد عربي يوجه رجال الأعمال به إلى المناطق الجنوبية للمغرب.
وبحسب وسائل إعلام جزائرية تعبر عن موقف الحكومة فإن الرياض وإن كان موقفها معروفا على اعتبار أنها تدعم سياسيا المغرب في ملف الصحراء، “إلا أن الجديد هو الدعم الاقتصادي والاستثمار في الجنوب”.
وزعمت وسائل الإعلام، التي وصفت زيارة الوفد الاقتصادي السعودي بالمفاجئة “أن السعودية تريد الاستثمار في مناطق متنازع عليها دوليا”.
وربطت العديد من وسائل الإعلام الجزائرية بين الموقف السعودي الجديد، وبين “البرود” التي تعرفه العلاقات بين الجزائر والرياض على خلفية الموافق التي عبّرت عنها الجارة الشرقية من الملف السوري والعلاقات مع إيران، ورفض الجزائر الانضمام إلى عاصفة الحزم في اليمن.
لكن مراقبين يقولون إن هذه التخمينات الجزائرية في تفسير الموقف السعودي يمكن أن يفسر بمقولة “يكاد المريب يقول خذوني” لا سيّما فيما يتعلق بانحياز الجزائر لموقف طهران وحلفائها الشيعة ضد انتمائها وبيئتها العربية الطبيعية.
ويرى محللون أن انخراط وسائل الإعلام الجزائرية في مثل هذا التبرير لردة الفعل السعودية، يعني أنها تقرّ فعليا بوجود موقف جزائري يدعم ايران ضد السعودية.
ويؤكد المراقبون أن زيارة وفد رجال الأعمال السعوديين إلى اقاليم الصحراء، كما تفيد الوقائع، كانت مبرمجة منذ مدة، كما أن الاهتمام بالاستثمار بالجنوب عبّر عنه عدد من رجال الأعمال السعوديين خلال انعقاد المنتدى الرابع للاستثمار الخليجي بالمغرب.
وبالنسبة للرباط، فإن من شأن مثل هذه الاستثمارات السعودية أن تشجع مستثمرين من دول اخرى على القدوم للاستفادة من فرص الاستثمار الهائلة التي يوفرها المغرب في أقاليمه الجنوبية.
وشرعت السلطات المغربية منذ أكثر من سنتين في تنفيذ مشروع طموح لتنمية الصحراء يهدف إلى تحقيق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في الصحراء.
وباشر المغرب منذ ثلاثين سنة مخططا طموحا يهدف إلى الرقي بالصحراء إلى مستوى تنمية مشابه لنظيره بباقي أقاليم المملكة، وذلك انطلاقا من اقتناعه بأن التنمية البشرية والاجتماعية والاقتصادية ستؤدي إلى حلّ النزاع المفتعل حول هذا الجزء من المغرب.
ويقول المراقبون إنه “إذا كانت المطالب الانفصالية أو تلك التي تتعلق بمخططات الهيمنة الإقليمية (في إشارة إلى البوليساريو وداعميه الجزائريين) لها منطقها الخاص، فإن التنمية البشرية والاقتصادية التي يعمل المغرب جاهدا على تحقيقها بالصحراء ترمي من جانبها إلى توسيع الفرص والخيارات المقدمة للسكان”.