Site icon IMLebanon

اللبنانيون في نيجيريا أمام أوضاع مهتزّة… فهل يغادرونها؟

ميليسا لوكية

تلاحق اللعنة اللبنانيين أينما وُجدوا، إن في وطنهم الأم حيث أجبرهم الفساد السياسي وسوء الأحوال على البحث عن فرص عمل في الخارج، أو في دول الاغتراب إذ يواجه بعضهم خطر الترحيل، فيما يعاني البعض الآخر أسباباً داخلية. ويعتبر المغتربون في نيجيريا مثلاً آخر عن النجاح الذي يحقّقه هؤلاء، وفق ما يقول أبناء الجالية في ذلك البلد الأفريقي، إذ تمكّنوا من تثبيت وجودهم في قطاعات عدّة قبل أن تسوء الأوضاع وتطاول أعمالهم رياح سلبية.

يختلف وضع اللبنانيين في نيجيريا عن أحوال نظرائهم في الدول الأخرى، إذ تسبّب الوضع الاقتصادي الذي تمر فيه البلاد، والناتج من التراجع الكبير في أسعار النفط والفساد المتنقل بين مفاصل الدولة، إلى تدهور في أسعار العملة المحلية، النيرا، فهبطت من نحو 170 – 199 أمام الدولار إلى نحو 330 – 400 حالياً.
وقد شكّلت هذه الوقائع، وفق رجل الأعمال اللبناني في نيجيريا فيصل الحلبي، ضربة موجعة لكل الجاليات العاملة هناك وليس للبنانيين فحسب، مضيفاً أنَّ هذا الوضع غذّاه أيضاً عدم توافر الدولار في البنك المركزي، ما دفع به إلى شرائه بأسعار أعلى من سعره الرسمي.
ويقول لـ”النهار” إنَّ اللبنانيين بدأوا التوافد إلى الربوع النيجيرية في نهاية القرن التاسع عشر، مشيراً إلى أنَّ استثماراتهم تشمل كل القطاعات تقريباً، خصوصاً العقارية، الصناعية والتجارية. وتعمل بعض الشركات العقارية اللبنانية حالياً على مشاريع كبيرة ومهمة، منها بناء تلال حول أبوجا ومشروع لردم البحر على طول 9 كيلومترات على الشاطىء ونحو كيلومتر في البحر، فيما تتركز الصناعات على المواد الغذائية والمشروبات وإعادة تدوير الورق. ويرى الحلبي أخيراً أنَّ اللبنانيين ليسوا تحت الخطر المباشر بفعل ما آلت إليه الأوضاع، محذراً من أنَّ ما سيضعهم في مواجهة مع الترحيل هو تدخلهم في الشؤون الداخلية والسياسية للبلاد.
من جهته، يضيف رجل الأعمال وصاحب أحد المطاعم في نيجيريا حسين زين إلى ما ورد، أنَّ التردي في الأوضاع الاقتصادية دخل حالياً سنة جديدة من التراكمات، رغم أنَّ هذا البلد صاحب النظام الفيديرالي شهد انتخابات رئاسية في أواخر عام 2015، مضيفاً أنَّ ناتجه القومي يستند بشكلٍ كبير إلى البترول، إذ يصدّر نحو مليونين و200 ألف برميل يومياً. وقد أدّت مشكلة العملة الخضراء إلى الهبوط بقيمة العملة المحلية بشكل كبير، وفق زين، فتراجعت بدورها مداخيل اللبنانيين الذين يتقاضون رواتبهم بالنيرا، مما أجبر عدداً منهم إلى تسريح عدد من الموظفين، غالبيتهم من اللبنانيين، أو حتى على خفض رواتبهم.
وفي حين أنَّ زين كان يحقق أرباحاً تصل إلى 10 آلاف دولار تقريباً في الشهر، تراجع هذا الرقم إلى نحو ألفي دولار، في حين أنَّه يعاني من خسائر كبيرة لدى تحويله الأموال إلى عائلته بالدولار. ويختم بأنَّ اللبناني الذي يتمتع بمهارات وكفايات عالية، اعتاد على الوقوف في وجه المصاعب وتحدّيها، لافتاً إلى أن لا خيار أمامه غير البقاء، خصوصاً أنَّ الحكومة وعدت باتخاذ إجراءات للحدّ من هذا التراجع. وفي ظل هذه الوعود، تشهد البلاد تظاهرات ينفذها مواطنون مطالبون برفع الحد الأدنى للأجور.

العودة غير واردة
لا يُبرز الخبراء الاقتصاديون أي مخاوف من احتمال عودة اللبنانيين إلى بلادهم بفعل ما تشهده نيجيريا حالياً من تدهور كبير في عملتها ومداخيلها، بدليل أنَّ الهجرة اللبنانية إلى تلك البلاد قديمة جداً ومتجذّرة وليست وليدة الساعة، فضلاً عن أنَّ ذلك البلد يضم أكبر جالية لبنانية في القارة السوداء من حيث العدد. لكن هذه الوقائع ستغيّر وضع هؤلاء على صعد عدّة، يختصرها الخبير الإقتصادي غازي وزني لـ”النهار” كالآتي: صعوبات في تحويل الأموال إلى لبنان، تراجع في نشاطهم الإقتصادي وتغيّر في وضعيتهم الإجتماعية.
ويشير إلى أنَّ اللبناني الذي هاجر إلى افريقيا لن يتخلى عن مداخيله فيها بسرعة ولن يغادرها بالسرعة المتوقعة، بما لا يضعه في دائرة العودة، معتبراً انها شهدت في السابق تردياً مشابهاً. لكنه يلفت إلى أنَّ هذه التبعات السلبية سيصل صداها إلى لبنان الذي سيفتقد إلى تحويلات ستسلك هي أيضاً منحى تراجعياً.