كتبت دنيز عطاالله حداد في صحيفة “السفير”:
أراد الرئيس سعد الحريري ان يوحي بالثقة عند قوله ان “البرلمان سينتخب رئيسا في 23 آذار أو في الدورة المقبلة للمجلس في نيسان”. وحاول الرئيس نبيه بري ان يروي بذور الامل بما نقل عنه من ان “الثمرة الرئاسية نضجت وحان قطافها بعد هذا التأخير”.. لكن مروحة كبيرة من السياسيين لم يجدوا ما يستند اليه الرئيسان في تفاؤلهما الرئاسي.
صحيح ان السياسة في لبنان لعبة يتشارك اسرارها حلقة ضيقة من زعماء الطوائف، بري والحريري منهم. لكن الصحيح ايضا، ان شروط تلك اللعبة وقواعدها وسبل الاشتراك فيها، “مستورد” بمعظمه من دول خارجية. والى اليوم لم يسجل أحد من السياسيين نضوجا في استقلال القرار الداخلي، بما يسمح بانتخاب رئيس. قلة تردد ما “تنبأ” به او تمناه زعيمها، من دون أن تقدم اية معطيات او دلائل مبشّرة.
يُنقل عن مصدر ديبلوماسي غربي، معني بالشأن اللبناني، أن “الدول الغربية عموما، تشجع على الانتخابات الرئاسية، باعتبارها بابا الزاميا لاستقرار اوضاع البلاد والحفاظ على الاطر المؤسساتية. هذا موقفنا منذ بداية الشغور الرئاسي. حاولنا في فترة سابقة تقريب وجهات النظر، الا اننا لا يمكن أن ننوب عن ارادة اللبنانيين”.
اذا كانت الدول الغربية، الصديقة للبنان، حريصة على استقرار البلد واستتباب أمور مؤسساته، فان دولا “صديقة” أخرى لا تبدي الاهتمام نفسه.
هكذا يبرر بعض السياسيين تعثر الانتخابات الرئاسية وعدم وضوح مآلها. يحمّل كل فريق المسؤولية للفريق الخصم، ومعه وخلفه “دولة الرعاية” التي تسانده. فيعتبر نائب في “كتلة المستقبل” أن “سعينا متواصل من أجل تأمين النصاب القانوني والتوافق السياسي لانجاز الاستحقاق الرئاسي. لكن من عطّل الرئاسة منذ البداية يواصل تعطيلها الى اليوم”. يتهم “حزب الله” بأنه مسؤول عن التعطيل “متلطيا خلف العماد ميشال عون، تنفيذا لارادة ايرانية”. برأيه “لم يتغيّر شيء اليوم ليغيّر هؤلاء موقفهم المعطّل. فهم لا يزالون ينتظرون تبلور الواقع السوري وكيف ستنتهي الامور هناك، ليحسموا اي وجهة سيأخذون البلاد باتجاهها. مع الاسف هم قادرون على ذلك لانهم يملكون سطوة السلاح وورقة توت اسمها العماد عون”.
يعلق مسؤول في “التيار الوطني الحر” على موقفَي بري والحريري المتفائلَين بقرب انتخاب رئيس، بالتمني أن “يكون الله قد هداهما اخيرا الى تسهيل انتخاب العماد عون”. يضيف: “كان الحريري وبري يتحججان بالتوافق المسيحي ويؤيدان اي رئيس يتوافق عليه المسيحيون. وها هما اكبر كتلتين حزبيتين شعبيتين، وممثلتين في البرلمان، يتوافقان على ترشيح الجنرال عون، فما الذي يمنعهما من احترام كلمتهما اولا وهذا التوافق ثانيا؟”. ويتابع “مع الاسف ان ما يرشح من معطيات اليوم لا يوحي بأن انتخاب الرئيس قريب، بغض النظر عن التصاريح”.
وكما الاوساط الحزبية، كذلك يشكك احد السياسيين المسيحيين بقرب انجاز الانتخابات الرئاسية. يقول: “لا مؤشرات اقليمية بحلحلة العقدة السعودية ـ الايرانية. على العكس، تبدو نزعة المواجهة الى تفاقم. ولا تصوّر واضحاً لما ستنتهي اليه الاحوال في سوريا. ولا يبدو لبنان، في المدى القريب وربما المتوسط، على جدول اهتمام اوروبا أو اميركا، كل لاعتباراته، بين الارهاب والانتخاب ومشاكل اللاجئين. والاتكال على مبادرة القيادات المحلية الى انتخاب رئيس بمعزل عن رعاية وموافقة خارجية، لا يعّول عليه. اضعنا فرصتنا في الاشهر الاولى. اليوم كل ترويج لقرب الانتخابات لا يخرج عن كونه تمنيات او بث روح ايجابية”.
يضيف السياسي، وهو من غير المرشحين للرئاسة، الى أن “الاكيد، مع الاسف، انه لن تكون انتخابات رئاسية لا في آذار ولا في نيسان. وربيعنا المنتظر قد يطول انتظاره، وقد ندفع اثمانا باهظة قبل تفتح زهرته الرئاسية”.