الأثر محدود. هذه الخلاصة وردت في تقريرين أُعدّا عن تداعيات توتّر العلاقات اللبنانية ــ السعودية. «ميريل لينش» كشفت عن أن خفض تصنيف لبنان ليس مطروحاً بسبب التوتّر مع السعودية، أما «موديز»، فرأت أن اعتماد لبنان على السياحة الخليجية محدود جداً. هذا الأمر أثار سؤالاً أساسياً: ما هي جدوى القرارات السعودية؟
إجراءات لمصلحة إيران
تركت القرارات السعودية ــ الخليجية أثراً محدوداً جداً على لبنان. فقد ورد في تقرير أعدّته «ميريل لينش» أن خفض تصنيف لبنان ليس مطروحاً بسبب التوتّر مع السعودية، إذ «لن يكون هناك خفض للتصنيف تحت (B-)». وتوقعت «ميريل لينش» أن تواصل السعودية ما تقوم به، وأن يواصل مصرف لبنان إدارة المخاطر التي تُعدّ متدنية أصلاً بسبب انخفاض أسعار النفط.
لم تتوقف «ميريل لينش» عند المخاطر المالية، بل تطرّقت إلى المخاطر السياسية التي تحيط بالخطوات الخليجية ضدّ لبنان. هي ترى أن «وقف المساعدات للجيش اللبناني أمرٌ مؤلم وله دلالته وهو يؤثّر في التوجيه السياسي للبنان، لكن ليس له تأثير على الوضع المالي. تجب الإشارة إلى أن وزير خارجية لبنان هو حليف لحزب الله وأن قوى 14 آذار لم تدخل في مواجهة مع حزب الله رغم تدخّله في سوريا. إذا خفضت السعوية دعمها لقوى 14 آذار، فإن هذا الأمر سيأتي لمصلحة إيران. يمكن أن يتفاقم التوتّر مع السعودية إذا اختلّ التوازن السياسي في لبنان لمصلحة قوى 8 آذار… ورغم أن الحرب في سوريا أثرت على الأوضاع الاقتصادية، إلا ان توقعاتنا أن تبقى المخاطر السياسية محتواة».
وتشير «ميريل لينش» إلى أن «قرارات حظر السفر السعودية ليست الأولى من نوعها، فقد اتخذت إجراءات سابقة مماثلة، لكن أثرها اقتصر على إضعاف موسم السياحة. لا نرى أن هناك طرداً جماعياً للمغتربين العاملين في دول الخليج».
المشكلة كما تراها ميريل لينش لا تتعلق حصراً بالتوتّر اللبناني ــ السعودي، بل هي قد تنتج من ترابط اقتصادي، إذ تشير إلى أن خفض تصنيف دول الخليج قد يكون سبباً في خفض مماثل في لبنان.
سياحة خليجية محدودة
كذلك تقول «موديز» إن الأثر المباشر لقرارات منع السفر الخليجية كان محدوداً على المالية العامة وعلى الموقع الخارجي للبنان، «وأي تطورات إضافية في هذا المجال قد تقود نحو تباطؤ التحويلات من دول الخليج وتضغط على الاحتياطات الأجنبية وتؤثّر على تدفق التجارة أيضاً».
اعتماد لبنان على الزوّار من دول الخليج ليس كبيراً، فهم يمثّلون 1.6% من مجمل الزوّار، إذ لا يزال «المغتربون اللبنانيون يمثّلون العدد الأكبر من الزوّار وهم يمثّلون 42% من مجمل الزوار، أما النسبة الباقية فهي تتأثر بالأوضاع الجيوسياسية. إن اعتماد لبنان على السياحة الخليجية محدود جداً ليكون لقرارات حظر السفر تأثير أكبر».
رغم ذلك، لا تزال دول الخليج مصدراً أساسياً للتحويلات المالية، سواء كان مصدرَها المغتربون أو كانت بهدف إيداعها في المصارف أو بهدف استعمالها للتجارة. «أي توتر إضافي يؤثّر سلباً على المغتربين اللبنانيين في دول الخليج، سواء كان يتعلق بتجميد الإقامات الممنوحة، أو وقف منح سمات العمل. الجالية اللبنانية في الخارج لا تزال وفيّة لبلدها الأم، وترسل الأموال، علماً بأن قابلية المصارف لتمويل الدين العام مرتبطة باستمرار نمو الودائع».
وتستند «موديز» إلى دراسة أجرتها جامعة القديس يوسف وبنك بيبلوس عن التحويلات، مشيرة إلى أن «تدفق التحويلات من الدول العربية، ولا سيما دول الخليج، يمثّل 43% من مجمل التحويلات البالغة 6.2 مليارات دولار في 2014، أي ما يوازي 5% من الناتج المحلي الإجمالي. وبالتالي فإن وقف إصدار سمات العمل يعني أنه سيكون هناك تباطؤ في التحويلات وفي تدفق الودائع».