اشارت أوساط سياسية واسعة الاطلاع لصحيفة “الراي” الكويتية الى ان تأكيدات الرئيس سعد الحريري بإمكان انتخاب رئيس للجمهورية في الجلسة المقبلة في 23 اذار الجاري او التي تليها في نيسان المقبل، لا يمكن فصلها عن المعطى الآخر الذي يتمثّل في حضور أكثر من 73 نائباً الجلسة الانتخابية الأخيرة التي كان موعدها في 2 الجاري وتالياً سعي الحريري الى رفْع العدد في الجلسة المقبلة الى ما يقترب كثيراً من نصاب الثلثين الإلزامي لجلسات الانتخاب اي 86 نائباً.
وتقول الاوساط انه يمكن إدراج تفاؤل الحريري في إطار السياسات الضاغطة والتصعيدية التي يتبعها منذ عودته الى بيروت قبل شهر تماماً والهادفة بشكل واضح الى إمساك زمام المبادرة بالعمل بقوّة لانتخاب رئيس الجمهورية.
وتعرب الأوساط عن اعتقادها ان الحريري حقّق خطوات كبيرة وملحوظة في تحريك المشهد الداخلي المتصل بالرئاسة وان ما جعله يذهب أول من امس، الى المغامرة بتحديد مواعيد مبدئية لانتخاب رئيسٍ جديد، هو امتلاكه معطيات كافية عن تَوافُر أكثرية مؤكدة لمرشحه الرئاسي الزعيم “الزغرتاوي” النائب سليمان فرنجية. حتى ان الأوساط نفسها تربط النبرة الواثقة للحريري التي أطلّ بها عبر المقابلة التلفزيونية بارتفاع نسبة التأييد لمرشحه فرنجية بفعل الحملات التي أدارها الحريري بعد عودته الى بيروت، وبأقلّ الأحوال فإنّه نجح في تعرية الفريق المعطّل للانتخابات اي “حزب الله” و”التيار الوطني الحر” من خلال إحجام الحزب عن حسْم موقفه وإنجاز الاستحقاق الرئاسي رغم انه يملك ورقة ثمينة للغاية عبر ترشيح اثنين من أكبر حلفائه في قوى “8 آذار” (عون وفرنجية). لكن السؤال الذي تطرحه الأوساط نفسها أسوة بالكثير من المهتمّين هو: هل يكفي “الدفعُ الحريري” لتأمين اكتمال نصاب الثلثين لانتخاب رئيس جديد في الجلستيْن المقبلتيْن؟
بطبيعة الحال، تقول الأوساط ان ذلك لن يكفي وان تفاؤل الحريري يبدو من هذه الناحية أقرب الى ممارسة أقصى الضغوط المعنوية والإعلامية والسياسية الى حد اللعب على حافة المغامرة في حال لم تَتحقق أهداف الحريري قريباً. ولكن هذا الأخير لا يبدو خاسراً هنا مهما تكن النتائج المحتملة لانه يكفيه القول إنه قام بكل المحاولات ولم يوفّر شيئاً من اجل انتخاب رئيسٍ، ولكن الآخرين الذين يعطّلون الانتخاب هم المسؤولون.
ومع ذلك، لا تقلّل الأوساط أهمية التناغم القوي والمتصاعد بين الحريري وبري وكذلك النائب وليد جنبلاط الذين باتوا يشكلون ثلاثياً دافعاً بقوّة نحو استعجال الانتخابات، علماً ان غالبية المؤشرات توحي بأنهم يسيرون في خيار فرنجية.
ولعلّ أكثر ما استوقف هذه الاوساط في هذا السياق زيارة جنبلاط لباريس حيث يفترض ان يكون التقى امس، الرئيس فرانسوا هولاند وبحث معه في الملف اللبناني والوضع الاقليمي واستكشف نتائج محادثات “سيّد الاليزيه” مع كل من الرئيس الايراني حسن روحاني وولي العهد السعودي الامير محمد بن نايف بن عبد العزيز، مستطلعاً امكان ان تلعب فرنسا دوراً في تسريع التوافق الاقليمي – المحلي على انتخاب رئيس جديد.
وتشير الاوساط الى ان الاسبوعين المقبلين سيتسمان بأهمية ملحوظة في شأن بلْورة التوقعات والاتجاهات الداخلية المتعلقة بالأزمة الرئاسية وسط انتعاش الرهانات على التهدئة الاقليمية سواء في اليمن، مع التقارب بين الحوثيين والسعودية، او في سورية عبر انطلاق المفاوضات واستمرار الهدنة ولو مهتزّة.
ومع ذلك، فإن الأوساط نفسها تبدو حذرة للغاية من الإفراط في الاتجاهات المتفائلة سلفاً، وتقول ان الكثير من الخط البياني للأزمة الرئاسية سيتضح أكثر بعد خروج العماد عون عن صمته اللافت منذ فترة في خطابٍ سيلقيه غداً لمناسبة ذكرى 14 اذار 1989 التي أعلن فيها “حرب التحرير” على القوات السورية التي كانت تحتلّ لبنان.