Site icon IMLebanon

هل تضاء اليوم “شمعة” النفايات؟

اعلنت مصادر وزارية لصحيفة “النهار” ان جلسة مجلس الوزراء السبت 12 آذار ستتخذ قراراً في شأن خطة النفايات مع آلية تنفيذية حتى لو أضطرت الحكومة الى استخدام مواكبة أمنية. وأوضحت أن الرئيس تمام سلام رفض أي تأجيل لحل النفايات وربط هذا الحل ببقائه على رأس الحكومة، كما أن أطرافاً أساسيين في الحكومة في مقدمهم حزب الكتائب أبلغوا سلام أنهم سيعيدون النظر في مشاركتهم فيها ما لم تقرّ اليوم خطة النفايات وتالياً فإن اليوم سيكون إما إنطلاق عمر جديد للحكومة وإما نهاية عمرها. ودعت الى إبقاء هامش ولو ضئيلاً لامكان عرقلة الحل إنطلاقا من الجدل الذي رافق موقع الكوستابرافا في الخطة.

وكان الوزراء أكرم شهيب ونهاد المشنوق وحسين الحاج حسن وميشال فرعون ونبيل دو فريج اكدوا التوصل الى حل أزمة النفايات على أساس اعتماد المطامر تاركين الاقرار النهائي للخطة لجلسة مجلس الوزراء الاستثنائية التي دعا الرئيس سلام الى عقدها في الحادية عشرة قبل ظهر اليوم. ويتوقع ان ينعكس هذا التطور على الدعوة الى تظاهرة كبيرة بعد ظهر اليوم من الاشرفية الى ساحة رياض الصلح التي اطلقتها “حملة طلعت ريحتكم”، علماً ان الحملة اكدت ليلاً استمرارها في التظاهرة اليوم. كما ان رياح الاعتراض هبت مجدداً من الشويفات حيث أعلنت “خلية الازمة” انها ستنظم اعتصاماً عند مثلث خلدة غداً رفضاً لاقامة مطمر في المنطقة.

إلى ذلك، كشفت صحيفة “الجمهورية” انّ القرار بالتوصّل الى حل نهائي وحاسم في ملف النفايات كان قد صدر صباح أمس عن رئيس الحكومة تمام سلام وأبلغه الى جميع المعنيين، مؤكداً انه لن يسمح بأيّ وقت إضافي للتسويف، وقال: اليوم (أمس) إمّا قرار، وإمّا لا قرار. وكان سلام أبلغ الى الوزراء، أنه عازم على دعوة مجلس الوزراء الى الانعقاد صباح اليوم لإقرار الخطة مع تعديلاتها، ولإعداد المراسيم التطبيقية والتمويلية لها.

وهذا ما حصل حيث دعا سلام المجلس الى الانعقاد في الحادية عشرة قبل ظهر اليوم. وعمل رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط مباشرة من باريس على خط التواصل مع ارسلان لإقناعه بالقبول بمطمر “الكوستابرافا” كحلّ هو الأنسَب لتجَنّب إقامة أيّ مطمر في منطقة الشويفات ترفضه البلديات والاهالي بشكل قاطع. فكان الجواب النهائي للنائب طلال ارسلان، عند انعقاد اجتماع اللجنة الوزارية، انه معترض وغير موافق ولكنه لن يعرقل. وعلى رغم اعتراض ارسلان أكدت مصادره لـ”الجمهورية” انه تلقّى وعوداً وضمانات بأن يكون المطمر حضارياً وبيئياً ولا يشوّه صورة الشاطىء الذي يقع على كتف لبنان كواجهة عند هبوط الطائرات في مطار بيروت.

وبعد الاجتماع قال الوزير حسين الحاج حسن لـ”الجمهورية”: “اليوم ربحَ الشعب اللبناني ولم يخسر أحد، والمهم أن نرفع النفايات من الشارع”.

وقال الوزير نبيل دو فريج لـ”الجمهورية”: “اذا كان هناك اعتراضات على صحّة المواطن يكون المواطن يُسيء الى نفسه”. واضاف: “سنذهب الى التنفيذ بمقدار ما نستطيع، وإذا فشلنا هذه المرة لن يكون هناك حكومة بعد اليوم”.

وقال الوزير اكرم شهيّب لـ”الجمهورية”: “صحة الناس أهمّ من أي شيء اليوم. المستشفيات لم تعد تَتسِع، القوى السياسية كلها في هذا التوجّه، واعتقد انّ الناس تريد مصلحة البلد ونحن نريد مصلحة الناس، وعليها أن تساعدنا بإنهاء هذه الأزمة”.

وعن اعتراض ارسلان، قال شهيّب: “المير طلال يَعي مسؤوليته كرجل وطني إبن بيت وطني وحَقّه الاعتراض، إنما علينا أن نوضِح له كل الامور التي تخدم مؤسساته وهو حريص عليها”.

وعن تظاهرة الحراك المدني اليوم، قال الوزير نهاد المشنوق لـ”الجمهورية”: “هذا حقهم في التظاهر ونحن سنواكبهم، المهم أن لا يحصل اعتداء على القوى الأمنية واحتلال للمراكز الرسمية”.

وأبدت مصادر وزارية لصحيفة “اللواء” نسبة عالية من التفاؤل، بأن تكون المرحلة الأخيرة من إقرار خطة المطامر لإنهاء ملف النفايات أصبحت خارج الأخذ والرد، ومن الممكن اقرارها على طاولة مجلس الوزراء اليوم، الذي سارع الرئيس تمام سلام إلى دعوته عند الحادية عشرة من قبل الظهر، لإقرار ما توصلت إليه اللجنة الوزارية، واستكمال البحث في ملف النفايات حيث تؤكد مصادر حكومية واسعة الاطلاع لـ”اللواء” ان الخطة التي توصلت إليها اللجنة ستقر اليوم ما لم تحصل مفاجآت، لكنها قللت من هذا الاحتمال الذي ابقته في حساباتها، قياساً على التجارب الماضية.

وتقيم المصادر نفسها حساباتها متفائلة على عنصر التفاهم السياسي الذي أنتج التفاهم حول النفايات، والذي لم يكن ليحصل لولا ان كل الأطراف ادركت انه لم يعد من الممكن تعريض صحة اللبنانيين واقتصاد اللبنانيين وسمعة اللبنانيين لمخاطر إضافية.

وكشفت هذه المصادر الحكومية المطلعة لـ”اللواء” ان المطامر التي اتفق عليها ثلاثة:

1- الناعمة، وفق خطة وزير الزراعة اكرم شهيب، أي افتتاها لمدة أسبوع ثم اقفاله بصورة نهائية.

2- الكوستا برافا، على ان يؤخذ بعين الاعتبار رفض وضع العوادم في هذا المطمر، استجابة لمطلب النائب طلال أرسلان الذي قرّر اجراء مشاورات مع النائب وليد جنبلاط حول هذا الموضوع، في إشارة إلى ليونة موقفه.

3- مطمر برج حمود، حيث أخذت مطالب الأرمن بعين الاعتبار.

وكشفت المصادر ان كل الأطراف السياسية ممثلة في هذا الاتفاق، والتزمت في اجتماع اللجنة الدفاع عنه والسير به إلى النهاية، حتى ان وزير المال علي حسن خليل اعتبر نفسه ممثلاً في الاجتماع وأن عدم حضوره سببه المرض، وعليه فلا مبرر لتراجع أي طرف عمّا تمّ التوصّل إليه، ولذا سارع الرئيس سلام إلى دعوة الحكومة للاجتماع لإقرار الاتفاق وإدخال ما يلزم من اضافات أو تعديلات، لا سيما في ما خص عمليات الطمر والحوافز التي ستقدم للبلديات التي تقع المطامر في دائرة عملها في بيروت والشوف وجبل لبنان.

وفور انتهاء اجتماع اللجنة، الذي استغرق ثلاث ساعات، اتصل الرئيس سلام برئيس المجلس النيابي نبيه برّي ووضعه في الأجواء، كما جرى اتصال بين الرئيس سعد الحريري والرئيس برّي تناول الأسس التي اعتمدت في الحل والحاجة الملحة لتوفير التمويل اللازم لانطلاق العمل بحل وصفه وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق لصحيفة “اللواء” بأنه “حل مؤقت مدته 4 سنوات يجري خلالها العمل لوضع أسس وآليات المعالجة الدائمة من خلال المطامر والمحارق والفرز وتوليد الطاقة الكهربائية”.

وكشفت “اللواء” أن كلفة الطن تكون 200 دولار، مع الإشارة إلى أن مجموع النفايات يساوي مليون طن سنوياً، فتكون الكلفة حسابياً حوالى 200 مليون دولار أميركي سنوياً، بالإضافة إلى الحوافز التي يتعيّن أن تُعطى للبلديات المعنية.

فاليوم إذن يوم الفصل في ما خصّ النفايات فإما تُقرّ التسوية، أو أن لا ضرورة لبقاء الحكومة، وفقاً لأكثر من مصدر وزاري شارك في الجلسة، خصوصاً أن معلومات ذكرت أن وزراء حزب الكتائب سيوجهون أسئلة حول نقاط تقنية معيّنة تتصل بالمعالجات والمناقصات والمدة الزمنية، ومصير النفايات غير القابلة للمعالجة وموقف البلديات، ومعالجة النفايات الجديدة، ووضع مكب برج حمود في ما خصّ جبل لبنان ووضع “السنسول” وما إذا كان هناك من تمويل كافٍ، على حدّ تعبير وزير الاقتصاد والتجارة آلان حكيم، الذي أبلغ “اللواء” أنه إذا أعطي تحفيز لمناطق لم تُقم فيها مطامر، فلماذا لا يُصار إلى إعطاء تحفيز لمناطق ستُفتح فيها مطامر؟

وعلى صعيد التمويل، كشفت “اللواء” أن الوزير خليل شرح للوزراء، عبر الهاتف، الأوضاع المالية وكيفية تأمين الأموال لنجاح الخطة، على أن يقدّم شرحاً تفصيلياً لمجلس الوزراء اليوم.

وأمل وزير الزراعة أكرم شهيّب في اتصال مع “اللواء” أن تكون “الثالثة ثابتة”، في أشارة منه إلى التوافق الذي خرج به اجتماع لجنة النفايات لمعالجة هذا الملف.

وقال الوزير شهيّب أن ما جرى هو نتيجة اتصالات تمّت بفعالية مع جميع القوى السياسية في البلاد، وأن جدّية برزت في التعاطي مع هذا الملف، للتوافق على الخروج بحل لهذه الأزمة الجاثمة على صدور جميع اللبنانيين وبشكل لم يعد يُطاق.

ورأى أن الجدّية ظهرت بعد موقف الرئيس سلام عدم التمسّك ببقاء الحكومة، كما كانت هناك جدّية بفعل تدخّل الرئيس برّي والرئيس سعد الحريري وجميع القوى السياسية.

وذكرت صحيفة “الأخبار” ان التفاؤل كان سيّد الموقف بعد اجتماع اللجنة الوزارية المكلّفة معالجة أزمة النفايات، حتى إن الأمر وصل بوزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق للقول إن 99% من الأزمة عولج.

ويمكن تلخيص نتائج اجتماعات اللجنة في الأيام الماضية بما يلي:

ــ الاتفاق على نقل قسم من نفايات بيروت إلى معمل الفرز في صيدا.

ــ اعتماد مطمر في برج حمود، لاستيعاب نفايات المتن الشمالي وساحله، ومناطق أخرى في جبل لبنان، مع وضع “القوى المسيحية” وحزب الطاشناق شروطاً قبل الموافقة على إقامة المطمر، وهي التأكيد على إقامة معمل للفرز وحل أزمة جبل النفايات على غرار ما حصل في صيدا، وتقديم “حوافز” للمنطقة، وصلت بحسب مصادر وزارية إلى نحو 100 مليون دولار. والشرط الأخير أن يجري تثبيت مطمر للعاصمة في منطقة أخرى. بـ”العربي الفصيح”، مطمر لنفايات المسلمين مقابل مطمر نفايات المسيحيين.

ــ اعتماد مطمر في منطقة الكوستابرافا، والبدء ببناء سنسول بحري لإقامة حوض يسمح بطمر النفايات فيه بعد تجفيف المياه.

ــ فتح مطمر الناعمة لأيام، كان شهيّب قد حصرها سابقاً بأسبوع لنقل النفايات من مواقع التجميع في بيروت، مع تأكيد أكثر من مصدر وزاري أن مهلة الأسبوع لن تكفي الآن في ظلّ الكميات الكبيرة المكدّسة، وأن الاولوية لن تكون للنفايات المرمية في المكبات العشوائية وفي الأحراج.

ــ وجرى الحديث عن إقامة مطمر في منطقة الجيّة لاستيعاب نفايات إقليم الخروب والشوف.

وتبرز عدّة عقبات أمام الحلول التي اتفقت عليها اللجنة الوزارية، أولاها إقناع أهالي منطقة الشويفات والنائب طلال أرسلان بمكبّ الكوستابرافا، وتأمين المستلزمات المالية لإقامة المطامر ومعامل الفرز. وكان أرسلان قد عبّر أمس عن أسفه بعدما “بات مصير الحكومة معلّقاً بتبليط البحر”. وتحدّثت مصادر وزارية عن وجود أزمة في تأمين المستلزمات المالية لهذه المشاريع، فيما تقول مصادر وزارية في التيار الوطني الحرّ إنه “من غير المنطقي أن تكون الدولة عاجزة عن تأمين 200 مليون دولار للحالات الطارئة، وليس هناك من حالة طارئة أكثر من أزمة النفايات”.

وأكّد أكثر من وزير أن الباب مفتوحاً أمام اتحادات البلديات في حال إيجاد حلول خاصّة بها للانسحاب من الخطّة الشاملة، مع تشديد مصادر التيار الوطني الحر على ضرورة التزام هذا البند، وتأكيد مصادر وزارية أخرى أن “هذا الأمر يساعد على توفير المال على خزينة الدولة”.