نعى مجلس النواب، نقابة المحامين في بيروت، رابطة النواب السابقين، لقاء الوثيقة والدستور وبلدية الجديدة- البوشرية- السد، النائب السابق المحامي أوغست قيصر باخوس، الذي توفي اليوم عن عمر يناهز 93 عاما.
يحتفل بالصلاة لراحة نفسه عند الثالثة من بعد ظهر الثلاثاء 15 آذار في كنيسة مار يوحنا المعمدان- البوشرية، وتقبل التعازي أيام الاثنين والثلاثاء والاربعاء والخميس في 14 و15 و16 و17 الجاري في صالون كنيسة مار يوحنا المعمدان- البوشرية.
أوغست باخوس محام ونائب لبناني سابق، أحد مؤسسي “الحزب الديمقراطي” و”الكتلة البرلمانية المستقلة” و”تجمع النواب الموارنة المستقلين”. من مواليد البوشرية- قضاء المتن، متزوج من ناديا راجي ولهما ثلاثة أولاد.
ترعرع يتيم الأب إذ توفي والده عن عمر لم يتجاوز التاسعة والأربعين وكان طبيبا متخرجا من إحدى الجامعات الفرنسية العريقة. أما أوغست فكان يبلغ عندها الثامنة من عمره.
مع وفاة والده، عاش في أحضان عائلة من سبعة أولاد كان الثاني بينهم، لكنه فعليا لعب دور الولد البكر ورب العائلة ومعيلها، إذ حضن إخوته كوالد وأخ وصديق.
أما والدته فتميزت بصلابتها وقوة إيمانها ودفء محبتها لعائلتها وشدة اعتنائها بأطفالها بحيث أنها لم تكن تعرف لغة سوى التضحية بلا حدود. وقبل وفاة والده كان اوغست واخوته يتلقون العلم في مدرسة الفرير في محلة الجميزة. بعد حادثة الوفاة انتقلوا إلى مدرسة الحكمة في الاشرفية. وبعد المدرسة التحق باخوس بجامعة القديس يوسف وأنجز تخصصه حائزا على شهادة الحقوق وتدرج محاميا في مكتب النقيب ادمون كسبار.
تعاطى باخوس منذ نشأته بموضوعية وتجرد مع التحولات الداخلية التي عاشها لبنان خلال تاريخه المعاصر. من هنا نجده مقربا من رموز وطنية هي على تماس في الخيارات والاتجاهات السياسية. فكان بداية وفي زمن الاستقلال صديقا لعدد من أركان الدستوريين كما مع زعماء الكتلة الوطنية. وبذلك كشف عن نضج سياسي ووعي وطني منذ بدايات شبابه.
في العام 1968 ترشح للنيابة في دائرة قضاء المتن منفردا ضد الحلف الثلاثي الذي كان يرأسه الرئيس كميل شمعون والعميد ريمون اده والشيخ بيار الجميل.
اسس الحزب الديمقراطي مع جوزيف مغيزل وباسم الجسر والدكتور اميل بيطار والدكتور سعيد لاوند من مجموعة تقدر بحوالي 300 طبيب ومحام ومهندس. اعتنق الحزب العلمنة والاشتراكية المعتدلة ورفض الطائفية والمذهبية.
في العام 1972 فاز باخوس بالانتخابات النيابية وشارك في انشاء الكتلة المستقلة. وعندما انقسمت بيروت الى جبهتين بسبب الاحداث تعذر اللقاء بين اعضاء الكتلة فتم الاتفاق على العمل كل في محيطه ومنطقته. في شباط من العام 1978 ولد تجمع نواب الموارنة المستقلين وكانت الاجتماعات تتم في مكتب باخوس في البوشرية طيلة اثني عشر عاما.
شارك باخوس في مؤتمرات محلية وإقليمية ودولية عدة وقد مثل لبنان فيها أرقى تمثيل بحيث ان وساعة اطلاعه ودقة ملاحظاته وموضوعية مداخلاته تركت آثارا بارزة على فكر الحاضرين والتوصيات الختامية. وندوة الخبرات الاشتراعية التي انعقدت في عدن في الأول من آذار 1985 خير شاهد على موقع هذا المشرع اللبناني ذي الحجم العالمي، فقد أناط رئيس المجلس النيابي يومها بالنائب اوغست باخوس تمثيل لبنان في تلك الندوة التي عقدها الاتحاد البرلماني العربي وذلك ضمن وفد رسمي برئاسة الرئيس أمين الحافظ وعضوية النواب رفيق شاهين وميشال معلولي إلى جانب باخوس.
شارك مع ممثلين للبنان وسوريا واليمن الديمقراطية بصياغة المقررات الختامية ويعود له الفضل خصوصا في جعل المؤتمر يعرض الوضع المأساوي السابق في لبنان ويعلن حرصه على استقلاله ووحدة أراضيه وسيادته الشرعية على كل شبر من ارضه، كما سعى في دعوة المؤتمر الى مضاعفة الدعم العربي للصمود اللبناني في وجه الاحتلال الاسرائيلي.
كذلك في اواخر آذار 1982 مثل باخوس لبنان في مؤتمر الاتحاد البرلماني العربي المنعقد في بغداد.
في آذار 1985 توجه إلى روما في زيارة لبنانية رسمية للكرسي الرسولي في الفاتيكان ضمن وفد نيابي تم تشكيله من مختلف الطوائف شارك فيه إلى جانبه كل من نصري المعلوف، بشير الاعور، ميشال ساسين، وخاتشيك بابكيان.
في أيار 1986 كان أحد أعضاء لجنة صياغة “المشروع المسيحي للوفاق الوطني” والمؤلفة من اوغست باخوس، جورج سعاده، ميشال ساسين، داني شمعون، جورج عدوان، مارون حلو، وجبران تويني.
في 22 كانون الثاني 1989 شارك في الوفد النيابي الذي زار دولة الامارات العربية المتحدة وعرض ورفاقه للوضع اللبناني على الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، ثم وجه ورفاقه في “التجمع” دعوة للجنة الثلاثية العربية يناشدون فيها الإسراع في المبادرة الأخوية لحل أزمة لبنان.
في الحرب اللبنانية جابه صعوبات جمة وأخطارا عديدة ومضايقات لا حد لها، من بينها نسف سيارته وسيارات اخوته.
اهتم بقضايا اللبنانيين المغتربين وطالب بإنصافهم وسعى من أجل حصولهم على كامل حقوقهم. وطالب باخوس بانشاء وزارة للمغتربين وجعل وزير المغتربين وزيرا متجولا يجوب البلدان التي يقيم فيها المغتربون اللبنانيون للتعرف على أوضاعهم والدفاع عنهم لدى سلطاتهم المحلية.
وفي رصيد باخوس عدد كبير من مشاريع القوانين والإقتراحات التشريعية.