حنان حمدان
لا تزال تداعيات الموقف السعودي والخليجي عموماً تجاه “حزب الله” ولبنان تتفاعل على الساحة العربية، خصوصاً بعد تصنيف جامعة الدول العربية “حزب الله” جماعة إرهابية. تداعيات هذا الموقف، يمكن أن تنسحب لتطال القطاعات الإقتصادية جميعاً، لاسيما التبادلات التجارية، بما فيها المنتجات الزراعية والغذائية. والحال أن فرضية “القطيعة” بين البلدين، تحتم وجود جملة من الخسائر الإقتصادية التي يمكن أن يتكبدها لبنان.
فعلياً، لا يمكن استبيان حقيقة انعكاس “المقاطعة” السعودية والخليجية للبنان، في حال وقعت، على كامل قطاعه الزراعي، بمعزل عن حجم التبادلات التجارية بين الجانبين، في ما يخصّ الإنتاج الزراعي الحيواني والنباتي، والمواد الغذائية المصنعة.
تظهر الإحصاءات الجمركية، أن حجم الصادرات من المنتجات الحيوانية والنباتية والمواد الغذائية، الى دول الخليج العربي بلغ 291965 طناً في العام 2015، أي ما يعادل 34.7 في المئة من إجمالي الصادرات اللبنانية من هذه المنتجات، والتي بلغت في العام نفسه 839002 طناً. حصة السعودية توازي 104137 طناً أي ما نسبته 12.4 في المئة من مجمل الصادرات اللبنانية، تليها الإمارات والكويت بنسبة 7 في المئة تقريباً ومن ثم قطر بـ3.2 في المئة، وعُمان بـ2.8 في المئة والبحرين بـ1.4 في المئة. فيما بلغ حجم المنتجات المستوردة من الخليج في العام 2015، 65513 طناً أي ما يعادل 2.1 في المئة من مجمل الواردات التي بلغت 3175223 طناً في العام نفسه. حصة السعودية منها 47989 طناً أي ما يعادل 1.5 في المئة من مجمل الواردات تليها الإمارات بـ14248 طناً بنسبة 0.4 في المئة.
هذه الأرقام أثبتت أولاً، أن واردات لبنان من دول الخليج ضئيلة جداً مقارنة بحجم صادراته إليها. وأكدت ثانياً، أن السوق الخليجية هي سوق رئيسية لتصريف المنتجات اللبنانية. فعلى سبيل المثال، “تتراوح نسبة الصادرات من الخضار والفاكهة إلى دول الخليج (السعودية، الكويت، قطر، البحرين، الإمارات، وسلطنة عُمان) بين 60 و 70 في المئة من إجمالي الصادرات الزراعية اللبنانية”، وفق ما أكده رئيس جمعية المزارعين في لبنان، أنطوان حويك، في حديث مع “المدن”. هذا في وقت يستبعد حويك أن “تصل العلاقات بين البلدين حد المقاطعة”، إنطلاقاً من كون الموقف السعودي مبنياً على أهداف سياسية لا إقتصادية.
ووفق إحصاءات وزارة الزراعة، فإن حجم الصادرات اللبنانية من الفاكهة والخضار إلى دول الخليج بلغ في العام 2015، 210000 طناً، حصة السعودية منها 70000 طناً، فيما بلغت الصادرات الى جميع دول الخليج 122000 طناً، أي ما نسبته 58 في المئة من مجمل الصادرات اللبنانية. وبالتالي، فإن مقاطعة دول الخليج للبنان إقتصادياً يمكن أن تتسبّب بإيذاء العاملين في هذا القطاع، بسبب صعوبة إيجاد أسواق بديلة لتصريف الانتاج اللبناني خارج نطاق المنطقة العربية. وجهة النظر هذه، تؤكدها مديرة الإنتاج الزراعي النباتي في وزارة الزراعة رانيا حايك، وترى في حديث مع “المدن” أن “لبنان لا يمكن أن يعوّض خسارة نحو 35 في المئة من صادراته في ظل الوضع الأمني في المنطقة”.
أمّا على صعيد المنتجات الحيوانية، فيصدر لبنان إلى دول الخليج أنواع السمك النهري، البيض، الألبان والأجبان، وتقدر صادرات لبنان الى السعودية بنحو 30 طناً سنوياً، وهي كمية قليلة جداً مقارنة بحجم صادراتها إلينا التي تتراوح بين 4000 و4500 طناً سنوياً، معظمها من الحليب السائل واللحوم المعدّة للطعام. الأمر مختلف قليلاً بالنسبة الى الإمارات، إذ تقدر صادرات لبنان إليها بنحو 250 طناً، فيما تصدر إليه نحو 500 طناً من المنتجات الحيوانية. وبذلك تصبح نسبة هذه الصادرات قليلة نسبياً مقارنة مع الخضار والفواكه، وفق ما يؤكده مدير الثروة الحيوانية في وزارة الزراعة الياس إبراهيم، الذي لفت في إتصال مع “المدن” إلى أن هذا النوع من المنتجات يتم شحنه جواً، لتلبية حاجات عدد من المستهلكين في الخارج، وعادة ما تلجأ إليه الشركات المنتجة كنوع من الترويج للسلع وبهدف دخول أسواق جديدة، ولذلك فإن هذا الشق من المنتجات لن يكون تأثير المقاطعة عليه، في حال وقعت، كبيراً.