كتب هيثم الطبش
اليوم 14 آذار 2005، أيام بعد التظاهرة التي نفذها “حزب الله” لشكر سوريا، الغضب الشعبي يتفجر طوفاناً بشرياً يملأ الطرق، بيروت تنتفض في الربيع وكأن الناس المفجوعة باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري لمتستوعب الصدمة بعد شهر من الجريمة. السؤال على كل لسان لماذا يشكر الحزب سوريا في هذا التوقيت؟ أي إمعان ذلك الذي يصر على تحريك السكين في الجرح النازف؟
“14 آذار” هذا أنا في الصورة الجامعة، التي دخلت التاريخ… هذا أنا وأنت وهو وهي وهم وهؤلاء وأولئك اللبنانيون الشهود على ولادة لبنان من جديد وعلى تكريس معنى جديد للتعاطي مع مفهوم الوحدة الوطنية الرافضة للانكسار حتى أمام آلة القتل.
الخطباء على المنبر والزعماء الواحد تلو الآخر يحصدون أكثر من مليون صيحة. لهم منبرهم وطاولاتهم التي يمررون الصفقات من تحتها، ولنا ساحتنا، وللبنان الوطن النهائي لكلّ أبنائه كل التضحيات. سنة تلو الأخرى يرتفع إيقاع الساحة مرة وينخفض مرات، تخرج سوريا وتتسلل إيران ويهيمن حزبها حتى على الهواء. سوريا 2005… إيران 2016 ما الفارق، لا شيء!
أي صدفة تلك التي قادت سوريا إلى القدر ذاته في التاريخ ذاته؟ أي موعد كان لأحرار سوريا في 14 آذار 2011 مع ثورة اقتلعت الطاغية من لبنان، وأي مناسبة شاء بشار الأسد أن ينساها ليجدها داخل بيته؟
“14 آذار” 2016 حناجر اللبنانيين الأحرار فيها غصة، عيونهم تنظر إلى الساحة التي كانت شاهداً طيلة سنوات على أن الشعب وحده يملك القلم الذي يكتب التاريخ الحقيقي بكلمة، بصرخة، بموقف وليس بالتسويات مع القاتل تحت مسميات من قاموس الخضوع والخذلان. وإذا كانت رغبة الناس في عام 2005 لطرد المحتل السوري من البلد، فإنّ الرغبة منذ ذلك الحين وحتى اليوم أكثر جموحاً للاقتصاص من الطرف الذي يغرس خنجره في قلب الوطن ليس من عام 2005 إنما من منتصف الثمانينات.
المنطقة تغلي غضباً من “حزب الله” وأفعاله والعرب بإجماعهم، الذي لن يؤثر فيه اعتراض أذناب إيران، قرّروا متأخرين أن الحزب إرهابي، فأين هي الزعامات التي تواكب طموح الناس؟ وأين هم أولئك الذين يسمون أنفسهم قادة؟
إن كان الشرق والغرب يؤشر إلى “حزب الله” على أنه إرهابي بامتياز، فالحري باللبنانيين الآن أكثر من أي وقت مضى الانتفاض على هذا الواقع للفظ أصحاب المشاريع الإرهابية. الوقت اليوم مناسب لاستعادة تلك الثورةالسلمية، فالمجرم ذاته من 2005 إلى 2016 وهو انتقل من الساحة اللبنانية إلى تلك السورية ليمارس وظيفته في القتل العمد.
في لحظة تاريخية يُحكى فيها كثيراً عن لمسات نهائية على مشروع فدرلة سوريا، يبدو اللبنانيون أمام استحقاق كبير فهل تكون أفضل سيناريواته ترك البلد فريسة لحزب ينتصر إلهياً ساعة يشاء.
ساحة “14 آذار” تمثل هذا النبض الذي لا يموت وهي الموقع الفريد الصالح لطرد أي مشروع يريد جرّ لبنان إلى الخراب. لا رهان على حكومة أو على دولة هزيلة لا تستطيع فتح مطمر لنفاياتنا، الرهان على الإرادة الشعبية فقط.
في الآونة الأخيرة، سأل الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، نطيره الإيراني حسن روحاني رأيه في ملف الانتخابات الرئاسية اللبنانية فأجاب بإن الوقت ليس مناسباً لها الآن، وقال لمضيفه: الروس أخرجونا من سوريا ونحن لن نسمح لأحد بأن يخرجنا من لبنان… فمتى يكون للشعب اللبناني رأي آخر؟