ذكرت الوكالة “المركزية” أنّ المواقف الاخيرة الى أطلقها رئيس مجلس النواب نبيه بري رسمت في شكل واضح، الأطر التي ستدور في رحاها حركته السياسية في الايام القليلة المقبلة الفاصلة عن انطلاق العقد العادي لمجلس النواب في 23 آذار، اذ ينوي حسب ما تفيد أوساطه تكثيف جهوده وصولا الى اعادة فتح أبواب المجلس واطلاق عجلة التشريع، وهو أعلن جهارا ان “عجلة الدولة ستبقى معطّلة ما دام المجلس النيابي شِبه معطّل”، مؤكداً “اننا لا نستطيع ان نبقى متفرّجين على عدم إجراء الانتخابات الرئاسية، وهذا الامر لا يمنع من تفعيل مجلس النواب”.
وتشير مصادر عين التينة عبر “المركزية” الى انّ بري سيعيد طرح بند تفعيل التشريع في الجلسة المقبلة لطاولة الحوار الوطني في 30 آذار الجاري، كون التشريع تماما كما اجتماعات مجلس الوزراء، يهدفان في نظره، الى تسيير أمور الناس وشؤون الدولة، مضيفة أنه لن يتردد في وضع القوى السياسية أمام مسؤولياتها في هذا السياق، بمعنى ان من يعترض على التشريع يساهم من حيث يدري أو لا في عرقلة المصلحة العامة.
غير أنّ رئيس المجلس يدرك ان تعبيد الطريق الى البرلمان لن يكون مهمة سهلة، فالاعتراضات سيما المسيحية على التشريع في ظل الشغور الرئاسي والعمليات القيصرية الماراتونية التي تطلبها تذليلها لا تزال ماثلة في الاذهان، وقد تردد صداها مجددا في أرجاء “الحوار” الاخير حيث رفض حزب الكتائب ووزير الاتصالات بطرس حرب، على سبيل المثال لا الحصر، تفعيل عمل مجلس النواب خصوصا واطلاق العجلة السياسية عموما وكأن لا فراغ في قصر بعبدا. فالهمّ الاول وفق ما تقول مصادر نيابية في 14 آذار لـ”المركزية” يجب ان يبقى انجاز الانتخابات الرئاسية، أما التشريع في شكل عادي فيُسهم في خلق تطبيع مع الشغور ويميّع الاستحقاق. لكن المصادر تلفت الى أنها كانت نزلت الى المجلس استثنائيا في الاشهر الماضية لتشريع قوانين تحمل صفة الضرورة والالحاح، وبالتالي فان موقفها من المشاركة في أي جلسات قد تتم الدعوة اليها مرهون بجدول اعمالها. واذ تذكر بربط الرئيس سعد الحريري حضور اي جلسات مقبلة بشرط ان يتصدر قانون الانتخاب العتيد جدولها، تسأل “هل يدرج قانون الانتخاب، فننزل جميعا الى البرلمان لاقراره”؟
وليس بعيداً، توقفت المصادر عند ما أعلنه وزير المال علي حسن خليل في اعقاب اقرار الحكومة خطة النفايات السبت الماضي اذ دعا الى قوننة القرارات او تشريع القرارات المالية التي تخص الخطة، بقوانين في المجلس النيابي، والى الاخذ بالاعتبار أثر القرارات على المالية العامة للدولة، ورأت في موقفه ضغطا يلتقي مع مساعي بري لاحياء العمل التشريعي، خاصة وأن الحكومة وافقت على اقرار دفعة قدرها 40 مليون دولار لهذه السنة من الصندوق البلدي المستقل، قابلة للتمديد بقرار من مجلس الوزراء، الى جانب تكليفها وزيري المالية والداخلية والبلديات اعداد مشروع قانون للحوافز تعطى للبلديات التي تقع في نطاقها معامل الفرز والمعالجة والمطامر الصحية.
وبغضّ النظر عن نتائج الاتصالات التي سيجريها رئيس المجلس، والذي ينجح في غالب الاحيان بفضل حنكته من جهة وشبكة علاقاته العابرة للاصطفافات السياسية من جهة ثانية، في الوصول الى مراده، فانّ الدستور وفق ما تقول المصادر، كفيل بحسم الجدال القديم الجديد الذي قد يعود الى الواجهة في الأيام المقبلة بين مؤيد ورافض ومتفهم للتشريع ولظروفه، اذ تجزم المادة 75 منه ان “المجلس الملتئم لانتخاب رئيس الجمهورية يعتبر هيئة انتخابية لا هيئة اشتراعية ويترتب عليه الشروع حالا في انتخاب رئيس الدولة دون مناقشة أو أي عمل آخر”. الا انّ كل شيء وارد في بلد بات الدستور فيه وجهة نظر، تختم المصادر.