Site icon IMLebanon

الميثاقية الوطنية والميثاقية المسيحية

 

 

كتب د.ناصر زيدان في صحيفة “الأنباء” الكويتية:

خرج التباين بين العماد ميشال عون والنائب سليمان فرنجية بحدة الى العلن، وكانت جلسة الحوار التي عقدت بضيافة الرئيس نبيه بري الاربعاء الماضي محطة لإخراج المواقف المضمرة، والسجال الذي حصل اشار بوضوح الى مكامن الخلل التي تعاني منه الساحة اللبنانية، وتحديدا الفشل الذي يصيب الطبقة السياسية اللبنانية من جراء عدم قدرتها على انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وعجزها عن ايجاد حلول للمعضلات السياسية والاقتصادية التي تواجه البلاد.

الحوار الساخن الذي جرى في عين التينة، ستكون له تداعيات في الايام المقبلة، وهو اخرج الى السطح التباين المسيحي ـ المسيحي حول ملف الرئاسة اكثر من اي وقت مضى، لأن السجال كان بين الحليفين اللدودين فرنجية وجبران باسيل صهر العماد عون، وطال مواضيع تطرح للمرة الاولى.

طرح الوزير باسيل رئيس التيار الوطني الحر موضوع توافر الميثاقية المسيحية في عملية انتخاب الرئيس، في إشارة الى أن الاتفاق الذي حصل بينهم وبين رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع، قد أمن هذه الميثاقية، وهذا الامر يعتبر مستجدا يتجاوز الكلام السابق الذي كان يردده انصار العماد عون عن الاغلبية المسيحية، فالاغلبية في الفهم الديموقراطي شيء والميثاقية شيء آخر.

واذا كان الامر متاح لتجاوز الاغلبية المسيحية عن طريق تحقيق اغلبية وطنية جائز قانونا، فإن تجاوز الميثاقية يعتبر إخلالا بالعقد الوطني، وبالتالي يهدد الجماعة بالانفكاك.

والميثاقية، كانت الشعار الذي يلتزم به الجميع للحفاظ على العيش المشترك بين المسيحيين والمسلمين، والذي جاء في مقدمة الدستور اللبناني.

اما الميثاقية داخل الطوائف، فتلك مقاربة جديدة، وهي فيتو حزبي قد يستخدمه الجميع، وبالتالي سيؤدي حكما الى تعطيل حياة الدولة برمتها.

المرشح الرئاسي النائب سليمان فرنجية ـ المحسوب على ذات الفريق السياسي الذي ينضوي تحته العماد عون ـ خرج للمرة الاولى عن صمته امام طاولة الحوار، ورد الاتهامات التي ساقها باسيل، وتحديدا فيما يتعلق بتمثيل المسيحيين، رافضا الاستطلاعات المشبوهة التي تشير الى تمثيل القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر لـ 86% من المسيحيين، غامزا من قناة الذين روجوا لوصول العماد اميل لحود الى رئاسة الجمهورية عندما فرضته المخابرات السورية عام 1998، بحيث اعطته ذات مراكز الاستطلاع نفس النسبة من المؤيدين في صفوف المسيحيين، وهذا بطبيعة الحال، بعيد كل البعد عن الواقع.

رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل اعتبر ان الميثاقية المسيحية متوافرة عند المرشحين الذين ينتمون الى فريق سياسي واحد، فلا يوجد اي مبرر لتعطيل عملية الانتخاب، ويجب على كل القوى السياسية ألا تتذرع بحجج واهية لتعطيل البلاد وفقا لاجندة خارجية ترتبط بها، غامزا من قناة حزب الله ودوره في تعطيل نصاب جلسات انتخاب الرئيس.

خروج الخلاف بين الحليفين اللدودين عون وفرنجية الى العلن، قد يحمل معطيات جديدة في الايام المقبلة، منها ما يتعلق بتنامي حظوظ فرنجية بالوصول الى موقع الرئاسة، نظرا لتنامي منسوب الثقة به في صفوف معارضيه من جراء صراحته المتناهية، ومن هذه المعطيات ايضا، الاتصالات الخارجية وتحديدا الفرنسية ـ الايرانية، التي يمكن أن تقنع الاخيرة بتسهيل عملية الانتخاب، والقبول بالنتائج مهما كانت، اضافة الى تحرك رئيس اللقاء الديموقراطي النيابي وليد جنبلاط في العاصمة الفرنسية، وقد يكون بهدف الوصول الى ذات المقاربة لإنقاذ البلاد من العتمة المخيفة التي تظللها من كل حدب وصوب.