كتبت ملاك عقيل في صحيفة “السفير”:
مرّ نحو عشرين يوما على تقديم الوزير أشرف ريفي استقالته، لكن رئيس الحكومة لم يبتّها بعد.
الأسبوع الماضي انصرف الوزير المستقيل الى إدارة مرحلة ما بعد وزارة العدل وملفاتها، أما الوكيل فبدأ إنجاز ما يجب إنجازه بصمت تحت سقف قرار سياسي بصعوبة تعيين بديل عن ريفي يحافظ على التوازن الطائفي داخل الحكومة.
من مكتبها في وزارة المهجرين في «ستاركو»، تابعت الوزيرة أليس شبطيني معاملات وزارة العدل الملحّة التي تفرض التوقيع السريع عليها، لكنها اضطرت لاحقاً لأن تداوم شخصيا في الوزارة، قبل الظهر في المتحف وبعده في «ستاركو».
مطلع الأسبوع الماضي، أبلغ ريفي وزيرة المهجرين انه سيتّخذ قراره النهائي بشأن الاستقالة يوم الخميس الماضي، إلا أن المعلومات أفادت أن ريفي باشر، يوم أمس، بتوقيع بريد الوزارة من مكتبه في الأشرفية، وذلك على قاعدة أنه ملزم بتسيير المرفق العام إلى حين البت بالاستقالة، وفق ما تقول أوساط ريفي.
أما شبطيني فكانت، قبل استعادة ريفي لبريد وزارة العدل، قد أشارت إلى أنها «تسيّر» أعمال الوزارة، «بطلب من الرئيس تمام سلام وبعد استشارة الرئيس ميشال سليمان، حيث هناك قرارات ضرورية يجب ان تتّخذ».
تشدد شبطيني على أنها تعرف حدودها. وأنها لا تؤسّس في وزارة العدل لمشاريع مستقبلية وليست بوارد إجراء ورشة في قصر العدل، تقول «انا اقوم بمهامي بالوكالة بناء على المرسوم الصادر في نيسان عام 2014 الذي يحدّد من يمارس أعمال الوزارة عند غياب الوزير الاصيل لاي سبب كان». ورئيس الحكومة، تضيف شبطيني: «هو المعني بإدراج الاستقالة على جدول الاعمال، ومن الممكن ان تكون هناك معالجة لها بالسياسة، وهذا أمر يتطلب وقتا كما كل شيء»، مؤكدة «انه من ضمن الصفّ الواحد الذي ينتمي اليه ريفي هناك فريق مع الاستقالة وفريق ضدها. لقد قرأت في الصحف ان الرئيس فؤاد السنيورة يجتمع بريفي ربما لثنيه عن الاستقالة. انا لا أريد ان اكون كبش محرقة، وبدّي طمّن بالهم أني أصرّف الاعمال فقط، وألا ينتظروا مني أن اشيل الزير من البير».
وبعد نحو اسبوع من مداومتها في وزارة العدل اعطت شبطيني علما من يعنيه الامر «أن هناك أمورا عالقة ومستندات وملفات هامة لا تزال موجودة بعهدة الوزير المستقيل او مستشاريه. ولذلك انا لست مسؤولة إلا عمّا يعرض عليّي»، لكنها قدّمت أعذارا لريفي بأنه «يعرف مسؤولياته وربما هو يعتبر انها ملفات بوسعها الانتظار لكي يتم بتّها».
وامام حديث البعض عن كسر التوازن الطائفي في الحكومة، حيث ان صعوبة تعيين وزير بديل وعدم تراجع ريفي عن استقالته قد يؤدّيان الى استلام شبطيني لمهامها بالوكالة لفترة قد تمتدّ طويلا في حال عدم انتخاب رئيس للجمهورية وتأليف حكومة جديدة، ما يعني بشكل مباشر تجيير الحقيبة السنية الى الحصة المسيحية، تقول وزيرة المهجرين: «ليعتبروا ريفي غائبا او مسافرا. أنا لن أصوّت عنه، وبالتالي تيار المستقبل لم يخسر شيئا».
قبل ايام وقّعت شبطيني قرار رفض طلب الولايات المتحدة الاميركية استرداد الموقوف علي فياض، الذي كان يشغل منصب مستشار صفقات بيع السلاح في وزارة الدفاع الأوكرانية، والمتّهم من جانب السلطات الاميركية بدعم منظمات إرهابية والتآمر لقتل اميركيين ونقل اسلحة وصواريخ. يأتي ذلك من ضمن عشرات القرارات التي وقعتها منذ استلامها مهامها والذي استند أساسا الى عدم وجود اتفاقية استرداد بين لبنان والولايات المتحدة.
وقريبا يفترض ان تَحسم موقف وزارة العدل من طلب السلطات الليبية استرداد هنيبعل القذافي بعد إعطاء النيابة العامة التمييزية رأيها فيه. تقول شبطيني: «لن أدلي بأي موقف مسبق حيال هذه القضية، وربما الإعلام يعرف أكثر مني بشأنه، فقد رأيت مذكرة الاسترداد في وزارة العدل، لكني لم أطّلع على الملف ولا أعرف اين هو عالق، وعندما يصلني سأتّخذ قراري انطلاقا أولا من كوني قاضية».
وفي السياق نفسه، بدا لافتا موقف شبطيني من توقيف النائب السابق حسن يعقوب في قضية خطف هنيبعل القذافي. فالقاضية ورئيسة محكمة التمييز العسكرية السابقة رأت أنه حتى لو كان يعقوب متّهما في القضية «فالواجب أن نقدّم له الشكر لمساهمته في إماطة اللثام عن قضية الإمام موسى الصدر ورفيقيه»، قائلة: «ماذا قدّمت الدولة لعائلة يعقوب طوال 40 عاما؟ أنا أيضا أفضّل الجلوس داخل السجن والتفتيش عمّن قتل والدي. يعقوب قد يكون خالف القانون واستأهل السجن، لكن هدفه شريف وأنا انحني أمامه.. هذا إذا كان فعلا كان يسعى للحقيقة حول تغييب والده وليس المسألة مسألة أموال وابتزاز».
وتستعيد شبطيني أمام هذا الواقع مطالبتها السابقة لـ «جبهة النصرة» بأن يأخذوها في مقابل تحرير العسكريين المخطوفين «وهذا ليس عيبا إذا كان الهدف نبيلا وانسانيا». وهل تفعلها اليوم من أجل تحرير بقية العسكريين من يد «داعش» تقول: «لا أعرف. المشكلة أننا لا نعرف إذا كانوا أحياء او شهداء».
شبطيني «الفدائية» لا تجدّ أقل من كلمة «الله يساعده» لتصف حال رئيس الحكومة تمام سلام، «فمصير الحكومة نفسها واقف على مطمر. إذا كان حلّ أزمة النفايات هو المعبر لاستمرارية الحكومة، فلماذا لا يصار الى البدء باستخدام المطامر المتوافرة… ومن لا يريد ان يفتح مطمرا في منطقته يتحمّل مسؤولية نفاياته».