كتبت صحيفة “عكاظ”: يعدّ العراق من أكثر الدول العربية التي يتواجد بها ميليشيات عسكرية مليشياوية متنوعة، وأصبحت بلاد الرافدين بلد الميليشيات والجماعات المسلحة الإرهابية .كما أصبح العراق رهينة الصراع الدائر ووقود الحرب الإقليمية والدولية من خلال الحروب الطائفية الطاحنة. وتلعب إيران دورا كبيرا في تجنيد العراقيين على أساس مذهبي ليكون أداة في حربها الإقليمية الممتدة، ويستخدمون وقودا لهذه الحرب وورقة يلعبون بها كما يشاءون تحت شعار المقاومة والدفاع عن المقدسات الشيعية، وغيرها من الشعارات التي يجيدها صانع القرار الإيراني.
وتعتبر كتائب “حزب الله” أحد أبرز الميليشيات الشيعية في بلاد الرافدين والتي تخوض حربا ضد السنة أثارت هذه الأنباء الأسئلة عما يعرف بكتائب حزب الله العراقي، وما هو دوره الحقيقي داخل العراق؟ وعن ارتباطه بإيران التي تقوم بمد أذرع طائفية قوية لها بالمنطقة عن طريق المنظمات الإرهابية التابعة لها، والتي يتمثل النموذج الأنجح لها حتى الآن في “حزب الله” اللبناني ذي التأثير والنفوذ الإقليمي.
تشكلت نواة كتائب “حزب الله العراقي” عقب سقوط بغداد في أيدي الاحتلال الأميركي ومع تصاعد النفوذ الشيعي بعد الإطاحة بحكم صدام، في هذا الوقت ظهرت كتائب تحمل اسم لواء أبي الفضل العباس وكتائب كربلاء وكتائب السجاد وكتائب زيد بن علي، وجميعها ميليشيات مسلحة شيعية أعلنت تجمعها وتوحدها تحت اسم “حزب الله العراقي” في 2006، وقد كانت الأهداف المعلنة لهذه التجمعات هي محاربة المحتل الأميركي في ذلك الوقت، لكن خفايا نشأة هذه الميليشيات أنها كانت أذرعا إيرانية طائفية بالعراق، كما ظهر بعد ذلك. ولا يخفي الحزب اتصاله المذهبي بإيران أو بالجمهورية الإسلامية – كما يسميها الحزب – في بياناته، إذ أصدر الحزب بيانات عدة مؤيدة لإيران، وتحمل لغة تهديد للولايات المتحدة إذا ما استمرت في الأعمال العدائية ضد إيران، معلنين أنهم يقفون بجوار نظام الولي الفقيه “خامنئي” ما جعل الولايات المتحدة تدرج الحزب على قوائم الإرهاب عام 2009، لكن بعد انسحاب الأمريكيين نهاية 2011 تم تغيير “المقاومة” إلى “النهضة” ليصبح اسمه حزب الله – النهضة الإسلامية.
جاءت أهداف تأسيس كتائب “حزب الله” العراقي، لمواجهة الاحتلال الأميركي والغربي في العراق والعمل على تحقيق الجمهورية الإسلامية، والدولة تحكم وفقا لتعاليم الشريعة الإسلامية، كما في إيران.
وللحزب مكتب سياسي ومكتب للعلاقات العامة وناطق رسمي ظهر لأول مرة قبل عامين (عام 2012) عقب انسحاب القوات الأميركية من العراق، كذلك جناحه العسكري الذي أسهم في تأسيسه “عماد مغنية” أحد أبرز قادة “حزب الله” اللبناني قبل اغتياله في دمشق، كما أن القوام الميداني الذي يشكل الخبرة العسكرية للميليشيات التابعة للحزب يتكون من ضباط سابقين بالجيش العراقي انضموا إلى تلك الميليشيات عقب تفكيك الجيش العراقي. كتائب “حزب الله” العراقي لم يكتف بالعمل المسلح، لكن دوره مجتمعي يزداد اتساعا يعمل من خلاله على زيادة التجنيد في صفوفه عن طريق النشاط الخيري والإغاثي والاجتماعي على نسق “حزب الله” اللبناني.
وتطور القدرات العسكرية للحزب بشكل دائم منذ نشأته بسبب ارتباطه بفيلق القدس الإيراني التابع للحرس الثوري الذي أمد الحزب بصواريخ متطورة، جعلت للحزب ثقلا عسكريا في حرب العصابات التي يدخلها في العراق والتي دخلها في سورية لاحقًا. الحزب قائم على تكوين الميليشيات المسلحة التي تنفذ مهاما طائفية بامتياز فتنفيذ عمليات القتل والاختطاف بذرائع طائفية وسياسية ضد السنة وبعض السياسيين بأوامر مباشرة من حسن نصرالله في بيروت. واستمرت الكتائب بتطوير قدراتها العسكرية، فقد تمكنت عام 2010 من تطوير صواريخ الكاتيوشا وإنتاج صواريخ جديدة هي ذو الفقار والكرار وحيدر، واستخدمتها ضد القواعد الأميركية، ففي 5 يناير2011 قامت الكتائب بضرب قواعد كالسو في شمال الحلة وسليَر وفكتوري وليبرتي في بغداد بمجموعة من صواريخ الأشتر والكرار.
كتائب “حزب الله” العراق تختلف في التسليح عن بقية الفصائل المسلحة، فهي تقوم بتصنيع الأسلحة بنفسها، فضلا عن ترسانة الأسلحة التي غنمتها من مخازن الجيش العراقي بعد دخول القوات الأميركية.
وتشمل الترسانة التي تملكها “الكتائب”: الكلاشنكوف “AK-47” والمسدسات والـ “M16”والـ “PKC” وقذائف صاروخية RPG-7 وقناصات B29, HS-50 والهاون من 60 إلى 180 ملماً وطبعا الكاتيوشا و“ستر” للمقاومة للطائرات والمدافع الأحادية والثنائية والرباعية. والراجمات الصغيرة المثبتة على الأرض وعلى العجلات.
ولمقاتلي الحزب خبرة في استعمال العبوات الناسفة المختلفة، والتي استعملتها بكثافة ضد القوات الأمريكية، إضافة إلى أن مهندسي وفنيي الكتائب تمكنوا من تصنيع أسلحة جديدة مثل صواريخ الأشتر، ثم طوروا الأشتر، وقاموا بصناعة صواريخ ذات قوة أكبر في التدمير والانفجار والسرعة، والتحكم بالدفع لمسافات قريبة كانت أم بعيدة، وهي صواريخ ذو الفقار والكرار.
كما تمتلك كتائب “حزب الله”، صواريخ “الأشتر”، وهي عبارة عن عبوة كبيرة على شكل صواريخ أطلق عليها الأميركان العبوات المرتجلة الانفجارية الطائرة “IRAM” تحمل المئات من الكيلوغرامات من المواد المتفجرة استخدمتها الكتائب أكثر من مرة، ضد القواعد الأميركية.
نصرالله.. وعراق “حزب الله”
تعترف التقارير الأمنية العراقية أن نصرالله الأمين العام لحزب الله اللبناني هو صاحب القرار المطلق في شؤون “حزب الله” العراقي كاشفة أن استهداف “حزب الله” معكسر “ليبرتي” الذي يضم قوات منظمة مجاهدي خلق الإيرانية المعارضة بنحو 50 صاروخا وتنفيذ أعمال عسكرية ضد الكويت نفذت جميعها بتعليمات وردت من مقر حزب الله في بيروت مما أثار تساؤلات ومخاوف من امتلاكه قوة عسكرية كبيرة. وتفيد التقارير أن “حزب الله” العراقي شارك في المعارك الجارية في سوريا، وسيطر على طريق بغداد – دمشق، إضافة إلى بعض الأماكن المهمة داخل سوريا. يتحدث “حزب الله” عن أن مقاتليه استخدموا جميع أنواع الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة في معاركهم مثل الهاون ذو العيار الثقيل، الصواريخ، القنص، القاذفات، وصواريخ “سترله” المضادة للطائرات، وأن كوادره الهندسية استحدثت سلاح “أشتر” الذي يمتلك قدرة تدميرية وإحراقية عاليتين.
و”حزب الله” العراقي الذي نفذ عمليات ضدّ قوات التحالف وضعته وزارة الخارجية الأميركية بتاريخ 2 تموز 2009 على لائحة الإرهاب، وبينت أن وزارة الخزانة الأميركية قامت بتجميد أصوال الكتائب، وجاء في البيان أن كتائب “حزب الله” نفذت ووجهت ودعمت أو شكلت خطرًا كبيرًا بارتكاب أعمال عنف ضدّ الإئتلاف وقوات الأمن العراقية، وأنّ كتائب “حزب الله” ضالعة في تنفيذ هجمات بالقنابل والصواريخ على القوات الأميركية بين آذار 2007 وحزيران 2008، وأوضح البيان أنّ كتائب “حزب الله” تحصل على تمويل من فيلق القدس، كما اتهم “حزب الله” اللبناني بتقديم الدعم والتدريب والسلاح لكتائب “حزب الله”، مشيرًا إلى أنه قام بتدريب عناصر في هذه المجموعة في إيران.
التمويل والتجنيد
يعتبر خالد إسماعيل “أبو مصطفى”: مسؤول عن تمويل “حزب الله” العراقي وعمليات التجنيد، وكان يعمل خلف واجهة لشركة أمنية وفي أيلول 2009 اعتقلته العمليات الخاصة العراقية، ثم أفرج عنه لاحقا. ولكتائب “حزب الله” مجلس شورى “شورى الكتائب”، ويضم عددا من القيادات التي تضع الخطط العسكرية للكتائب، بالإضافة إلى التحركات السياسية والإعلامية، والتمويل.
يعد الأمين العام لكتائب “حزب الله” مجهولا، ولكنه يعرف بـ(أبو كاظم)، ومقرب من الحرس الثوري الإيراني. ويعد المشرف العام للكتائب، المرجع الشيعي آية الله محمد السند وهو من أصول عراقية يقطن حالياً في لبنان، وهو أستاذ في الحوزة العلمية في النجف الأشرف.
المسؤول الإداري والمالي: الشيخ كمال الفرطوسي وهو منشق من جيش المهدي ويساعده كلٌّ مِن (محمد الكعبي، عامر خواجة ومقتدى الأنصاري).