IMLebanon

ما المانع من تحسين قطاعنا الاقتصادي؟

NejmehSquare-BeirutDowntown
بسام ضو

يستند العالم الاقتصادي Jacques Rueff ، الى سلامة الحس الاقتصادي ، وصدق الحدس العلمي المتطوّر، وصفاء النظر إلى الحدث الاقتصادي ، والقدرة على تحصيل الحقائق واستقرائها ، وينتهي بالقول إنّ علم الاقتصاد هو رؤية، ومسابقة الزمن وتطوره، بقدر ما هو أحجام وأرقام.

في لبنان حاليًا يطغى الخطاب السياسي الهمجي على كل شيء، ويمتلئ بتوتر ممزوج بتداعيات الوضع السياسي – الأمني – الاقتصادي المهترئ، وتلك الخطب المعطوفة على أداء سياسي للزعماء لم يكن يومًا على المستوى المقبول بل الى ما دون الصفر أوصلنا للأسف الى أزمة اقتصادية ترخي بظلالها الثقيلة على كل النواحي، ومرد هذا الأمر الى أطراف سياسيين مرتبطين مع خارج اقليمي – دولي تخوض مواجهات بين بعضها البعض على الساحة اللبنانية المجيّرة للغريب منذ الخمسينات.

لم تعُد تكفي المخدرات اللفظية بل نريد سياسة اقتصادية بنّاءة، لأنّ العلم الاقتصادي لا يمكن ابرازه بشكل واضح وشفّاف الا من خلال معادلات علمية وشروحات مستفيضة وموضوعية وبيانات صادقة. نسأل حضرات السياسيين الحاليين المسؤولين في السلطتين التشريعية والتنفيذية حول بنية الاقتصاد اللبناني وخللها؟ وكيف يمكننا تخطّي هذا الخلل لتأمين الازدهار والرفاهية الاقتصادية والاجتماعية لجميع القطاعات وفي مختلف المناطق؟ الأداء السياسي الحالي أدّى الى تدهور الوضع الاقتصادي اللبناني وبات في مرحلة حرجة تستدعي معالجة جذرية، لأنّ اهمال هذا القطاع يسيء الى سمعة لبنان ويقضي على مقومات بقاء اللبنانيين في وطنهم. لم يعد بالامكان السكوت عن الخلل الذي تشكو منه بنية النظام الاقتصادي المتبع في لبنان ، وتحديده ، واين يكمن. لم يعد بالامكان تجاهل آثاره على صعيد التنمية الاقتصادية والاجتماعية والتقدم والازدهار ؟ لم يعد بالامكان التغاضي عن مرحلة الخلل الاقتصادي – الاجتماعي ، لنسأل بعدها ما هي أوضاع القطاعات الاقتصادية التي يتكوّن منها النظام الاقتصادي؟

بهدف الخروج من دوّامة الفشل والعجز والتغاضي لا بُدّ من خلق فريق عمل ذي خبرة واختصاص وهيئات اقتصادية واتحادات مهنية ونقابية ومجتمع مدني وأكاديميين ليعملوا على وضع دراسات وأبحاث تشكل منطلقًا لاعادة الوضع الاقتصادي الى ما كان عليه قبل الحرب. يقول العلم الاقتصادي ان ليس بالسياسة وحدها نستطيع بناء دولة، بل بالاقتصاد والتنمية الاقتصادية يمكننا بناء دولة عصرية ، وهذا ما يستدعي منّا كباحثين وسندًا لعلمي الاقتصاد والسياسة، تنظيم منظومة سياسية – اقتصادية وترسيخ الوعي العلمي عند المواطنين والتموضع حول برنامج علمي يُفعّل التنمية الاقتصادية الشاملة بين مختلف المناطق اللبنانية وكافة القطاعات. ودائمًا سندًا لعلم الاقتصاد ، انّ النهوض الاقتصادي يُعزّز الاستقرار والازدهار ، كما التوافق السياسي باستطاعته تحصين النهوض الاقتصادي والاجتماعي.

النظام الاقتصادي الحالي يحدّده أكثر من عالم اقتصاد ، انّ النظام الاقتصادي الحالي كائن غير طبيعي يعجز عن القيام بالمهمات الأساسية لأنظمة اقتصاد السوق ، وانّ المساعادات الدولية تقدّم معالجات تقنية لا تبني اقتصادًا حرًا قادرًا على مواجهة الديون المتعاظمة. ومن الأمور السيئة التي يستعملها من هم في زمام العمل الرسمي الاعتماد على نوع من زيادة الرسوم والضرائب ، وانها خطوات قاتلة للاقتصاد الوطني ، فيما المطلوب علميًا لأفضل وسيلة لزيادة الايرادات الضريبية للخزينة تنشيط الاقتصاد وتحسين الجباية وتوسيع قاعدة المكلّفين ووقف الهدر في الانفاق.

بعض الباحثين في الوضع الاقتصادي يعتبرون أنّ الحل يكمن في الخصخصة والتسنيد ، وهذه المنظومة تستدعي توجيه ملاحظتين : انّ عمليات الخصخصة لا بُدّ من أن تستغرق سنوات طويلة وقد يزداد معها الدين العام ، وانّ عمليات الخصخصة والتسنيد من شأنها أن تنتج أموالاً ستستخدم في تسديد جزء من الدين العام، ولكن عمليًا الخصخصة والتسنيد لا يستقيمان الاّ في حال كانت المرافق المعنية تدر عائدات سنوية، وهذه العائدات ستخسرها الدولة بعد اعتماد مبدأي الخصخصة والتسنيد. وانّ المبالغة في مردود الخصخصة والتسنيد هي في غير محلها.

المطلوب اليوم قادة رأي شجعان أوفياء للوطن وللمؤسسات الشرعية ليبنوا اقتصادًا قويًا يربط لبنان مع سائر دول العالم ويعززوا البنية التحتية لاقتصاد الوطن التي تؤمن دعامات نمو اقتصادي على المدى الطويل.