Site icon IMLebanon

بلدية بيروت: “القوات” تطبخ التوافق المسيحي و”الشيطان” يلعب في المخترة

 

كتبت رلى إبراهيم في صحيفة “الأخبار”: يبدو أن “التيار الوطني الحر” الرافض للمشاركة في لائحة بيروت الائتلافية مع قوى 14 آذار في عام 2010 سيقبل بها هذه المرة، لتكون البلدية أولى ثمرات “الربيع المسيحي” مع حزب “القوات اللبنانية”، فيما المعركة الرئيسية تدور في كواليس المخاتير. وفعلياً، فإن من يفوز هنا يخطو قدماً باتجاه تعبيد فوزه في الانتخابات النيابية.

لم تتسلل النسبية الى الانتخابات البلدية في العاصمة بيروت ولا أعيد تقسيم الدوائر لتطابق التقسيم النيابي كما رغب “التيار الوطني الحر” في عام 2010. لكن التيار سيكون هذه المرة جزءاً من الخارطة البلدية المقبلة.

فبعد مقاطعته للانتخابات السابقة مشاركة وترشيحاً في بيروت اعتراضاً على القانون وإعلان اللائحة من قريطم، يبدو أن تجليات الحلف “المسيحي” المستجد ستنعكس على أهواء العونيين. وأول الغيث ائتلاف بلدي في بلدية بيروت يدخل بموجبه التيار الى المجلس البلدي للمرة الأولى، فيما لم يعرف بعد ما إذا كانت اللائحة ستخرج مجدداً من رحم قريطم، إذ يشير النائب ميشال فرعون في حديثه الى “الأخبار” الى أن “الأفضلية للتوافق وتجنّب المعركة في بيروت، مع ضمان تمثيل كل القوى حتى الأقليات منها، للحفاظ على خصوصية العاصمة ومصالحها”. وهو ما يتطابق مع كلام رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع في مقابلته مع “الأخبار” الثلاثاء 15 آذار الحالي: “أسهل بلدية هي بيروت. المستقبل قال للجميع اختاروا الاعضاء المسيحيين الـ12. نحن والتيار، ولدينا حليف أساسي في بيروت هو الوزير ميشال فرعون، وسنعمل معاً لاختيار هذه الاسماء”. وبما أن الطاشناق قد أتم الاتفاق نفسه مع المستقبل على مقعدين من أصل الـ12، يبقى للقوات وفرعون والكتائب إضافة الى التيار تقاسم الأعضاء العشرة الباقين.

حتى الساعة، يقول فرعون، “لا تشاور بشكل مباشر مع “التيار الوطني الحر”، والتنسيق الأساسي، كما دائماً، يتم مع القوات والشيخ نديم (الجميّل) والمطران الياس عودة، وكل ما يوضع على طاولة هذا التشاور أقبل به، لأنه حتماً سيريح المنطقة ويصون مصلحتها. نحن منفتحون ونبدي إيجابية دائماً تجاه الحلول”. وبحسب فرعون، فإن زيارته الأخيرة للرابية لم تتطرق الى موضوع الانتخابات البلدية. أما زيارة هيئة بيروت في التيار لفرعون، “فناقشنا فيها أموراً تخص المنطقة، وأبدى أفراد الهيئة ثقتهم بأدائي وارتياحهم له”، بحسب النائب البيروتي. ما سبق وحده يعدّ خرقاً كبيراً وجدياً في علاقة الطرفين المتوترة منذ سنوات، قد يؤسّس مستقبلاً لتعاون يتخطّى الإطار البلدي. من جهته، يشير منافس فرعون على مقعده الكاثوليكي، نائب رئيس التيار الوطني الحر، نقولا صحناوي، إلى أنه طابن التيار وسيسير بكل ما يراه مناسباً”، مؤكداً أن “المشاورات تتم على قدم وساق، ولن نقفل الباب بوجه أحد، بل مستعدون لمدّ أيدينا الى الجميع”. بدوره، يقول المرشح الى المقعد الأرثوذكسي في “التيار الوطني الحر” زياد عبس، إن “عونيي بيروت يلتزمون بما يقرره التيار، ونأمل وكلنا ثقة أن تصبّ الصيغة النهائية في مصلحة الحزب. لذلك وضعنا الخبرات والقدرات التي نمتلكها في تصرف الهيئة التي تتولى دراسة واقع الأرض وإحصاء الحزبيين الراغبين في الترشح الى البلدية والمخترة لرفع تقريرها في النهاية الى اللجنة المركزية”.

في موازاة شهر العسل البلدي بين قوى 14 آذار في الأشرفية والتيار الوطني الحر، لا تزال صورة الانتخابات الاختيارية قاتمة. وللمختار في بيروت وكل الأقضية أهمية بالغة، نظراً إلى دوره الذي يتعدّى المعاملات الادارية ليحوّله الى “مفتاح” رئيسي في منطقته وحاجة ملحّة لكل مرشح راغب في الفوز بلقب السعادة. في عام 2010، تمكن الآذاريون، وخصوصاً فرعون ورئيس مجلس إدارة سوسييتيه جنرال أنطون صحناوي، يرافقهما “الكتائب” و”القوات”، من اكتساح الأشرفية والصيفي بنتيجة 12 ــ 0 و4 ــ 0، ولا يمكن فهم أهمية ذلك الفوز إلا عبر تفنيده في الانتخابات النيابية، فيما خيّم التوافق في المدور، حيث الثقل الأكبر للطاشناق، وتمكن التيار وقوى 8 آذار من الفوز في الرميل بسبعة مخاتير مقابل خمسة لخصومها. يومها انقلب التكتيك العوني بخوض المعركة سياسياً عليه، فأيّ معركة “تستثني العائلات من الحسابات هي معركة ضعيفة وخاسرة” على ما يؤكد أحد الموالين للتيار في الدائرة. أما اليوم، فتكمن العقدة في شكل التحالف الذي سينجزه التيار، وما إذا كان سيتحالف مع القوات وفرعون أو سيخوض معركته والطاشناق وحيدين. ولا يمكن تعويل العونيين على حلفهم مع القوات واستثناء فرعون، إذ يصعب الفصل بين الأخيرين، علماً بأن أصوات الأشرفية السنية التي ترجّح كفة المتنافسين تضاف اليها أصوات غالبية عائلات الدائرة في جيب فرعون. ولا إمكانية تالياً لاقتحام أسوار الأشرفية سوى بوضع يد التيار بيده، ما يتطلب توافقاً حول تقاسم مقاعد “المختارين”. وفي هذا السياق، يرى فرعون أن “الشيطان يكمن دائماً في التفاصيل، خصوصاً أن للمخترة طابعاً محلياً وعائلياً نرغب في الحفاظ عليه، بعكس ما فعله التيار سابقاً”، فيما يشير أحد مسؤولي 14 آذار في بيروت إلى أن “الاختيارية صعبة ولا تأثير فعلياً للسياسيين عليها، الأمر الذي يقلل من حظوظ التوافق. هنا الفوز حليف “يلي شاغل على الأرض وخادم أهلها”.

رغم كل ما سبق، تبدي فاعليات بيروت برودة في التعامل مع الاستحقاق البلدي المقبل، على اعتبار أن ما يجري “همروجة” ستنتهي مع إعلان تأجيل الانتخابات. فلغاية اليوم، “لا ماكينات حزبية تفلح في الأرض البيروتية ولا ناشطين يجوبون المنازل ويلتقون أهلها… إلا إذا باتت الأحزاب تنجز مسحها عبر الأقمار الصناعية”.