IMLebanon

الأسواق التجارية قبيل الشعانين: المشهد مأساوي

palm season market

 

 

كتبت باسكال صوما في صحيفة “السفير”:

ينسحب الفراغ الرئاسي والمؤسساتي في البلاد، على الأسواق التجارية التي تشهد خيبةً جديدة في الأسبوع الحالي الذي يسبق أحد الشعانين عند الطوائف الكاثوليكية. وبرغم أنّ هذا العيد هو عيد الأطفال والثياب الجديدة والشموع المزينة، إلاّ أنه من الواضح أنّ اللبنانيين فضّلوا هذا العام الاكتفاء بشراء الضروريات، أو عدم النزول إلى السوق في الأساس.

في الجديدة والزلقا وبرج حمود والأشرفية وغيرها من الأسواق، حيث جالت «السفير»، الحركة لا تؤشّر الى اقتراب العيد، لا بل كأنّ أحدهم علّق لافتة «ممنوع التجوّل» في أحد الأمكنة، فاختفى معظم المتسوقين وبقي قليلون، يبحث أغلبهم عن الأسعار الرخيصة والتنزيلات المغرية.

المعروض يفوق الطلب بأضعاف كما يؤكّد المشهد. ويفضّل الناس الذهاب إلى المحال التي تعلّق لافتات التخفيضات والعروضات، لعلّ وعسى يحرّك ذلك المياه الراكدة.

طبعاً، لم يعد هذا المشهد مفاجئاً بالنسبة للتجار، فقد اعتادوا منذ أكثر من أربع أو خمس سنوات على تحمّل أعباء الوضع السياسي المعقّد، من جهة، والقدرة الشرائية المتراجعة التي تترافق مع ارتفاع البطالة من 11 الى 25 في المئة خلال فترة وجيزة، إضافةً الى ازدياد نسب الفقر والتشرّد مع تزايد عدد النازحين السوريين الى حوالي مليوني نازح. هؤلاء النازحون وإن كان جزءٌ منهم يساهم في تحريك الأسواق والحركة الاقتصادية بشكلٍ عام، إلا أنّ الأغلبية الساحقة منهم تعاني من ظروف معيشية مأساوية وتحتاج الى الدعم من كلّ الجهات.

ببساطة وصراحة يقول رئيس «جمعية تجار الزلقا وعمارة شلهوب» فيليب السمراني إنّ «الوضع مأساويّ إلى أقصى الدرجات». ويوضح لـ «السفير» أنّ «الأسواق تنتظر الأعياد والأسابيع التي تسبقها لتشهد تحسّناً في الحركة، إلاّ أنّ التراجع بات مستمراً حتى في فترة الأعياد والتحضير لها، كما في الأيام العادية»، واصفاً المشهد «بالمحزن جداً». ويؤكد السمراني أنّ «كل التجار يشكون من هذا الوضع السيئ والصعب، بحيث يعيشون أسوأ السنوات، لكن ما باليد حيلة، ولا تستطيع جمعيات التجار تحقيق المعجزات، برغم أنها تحاول مساعدة التجار قدر المستطاع». ويفيد بأنّ «جمعيات التجار ستجتمع في جمعية تجار بيروت اليوم للحديث عن الوضع في محاولة للتخفيف من معاناة التجار».

في السياق ذاته، يكاد رئيس «جمعية تجار الأشرفية» أنطوان عيد يكرر الكلمات ذاتها، واصفاً المشهد المحزن ذاته. يقول لـ «السفير»: «دائماً تتحضر الأسواق قبل الأعياد لتحسّن الحركة مقارنة بالشهر السابق، لكنّها هذا العام وفي هذه المرحلة بالتحديد تبدو أبطأ مقارنةً مع العام الماضي 2015، ومقارنةً مع السنوات العادية قبل أن تفتك الأزمة بكلّ شيء».

وعن حركة السياح والمغتربين، يوضح عيد أنّ «حركة المغتربين يمكن رصدها قبل أيامٍ قليلة من الأعياد، إذ إنهم يأتون الى لبنان لقضاء بضعة أيام مع ذويهم، أما بالنسبة للسياح، فعلينا في الحقيقة ألا نتوقّع الكثير بعد جملة المقاطعات التي شهدها لبنان في الفترة الأخيرة، والمشكلات السياسية والإقليمية المحيطة».

ويشير عيد إلى أنّ «سوق الأشرفية أسوةً بالأسواق الأخرى قد شهد خلال هذه الفترة الصعبة إقفالاً لمحال، وتصغيراً لحجم أخرى، فيما يعاني تجار آخرون من ضيقة مادية وظروف مالية صعبة، لكن ليس لدينا حتى الآن أرقام دقيقة في هذا المجال». هذا مع العلم أنّ في سوق الأشرفية بين 800 و900 محل تجاريّ، عدا المؤسسات التجارية الكبيرة.

يأمل بعض التجار أن يكون هذا الهدوء في الأسواق عائداً الى انقسام العيد هذا العام بين الطوائف الشرقية (الكنيسة الأرثوذكسية) وتلك الغربية (الكنيسة الكاثوليكية)، وبفارق زمني أكثر من شهر بين العيدين، بحيث يتوقعون أن تنقسم «عجقة العيد» إلى قسمين.