مي عبود ابي عقل
للسنة العاشرة توالياً تصدر الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً أممياً تطالب فيه اسرائيل بدفع مبلغ 856,4 مليون دولار، تعويضاً عن الاضرار التي نجمت عن تدمير قواتها الجوية صهاريج تخزين النفط في المنطقة المجاورة مباشرة لمحطة الجيّة لتوليد الكهرباء في حرب تموز 2006… من دون أي تجاوب.
نشر الموقع الالكتروني للأمم المتحدة منذ ايام القرار 70/194 الذي اتخذته الجمعية العامة في 22 كانون الأول 2015 المتعلّق بـ”البقعة النفطية على الشواطئ اللبنانية”، وكررت فيه الاعراب عن “عميق قلقها ازاء الآثار السلبية الناجمة عن هذا الاعتداء في ما يتعلّق بتحقيق التنمية المصستدامة”. ورأت ان هذه البقعة “احدثت تلوثاً شديداً في شواطئ لبنان، وتلوثاً جزئياً في الشواطئ السورية، وخلّفت تالياً آثاراً شديدة في سبل كسب العيش والاقتصاد في لبنان بسبب آثارها السلبية في الموارد الطبيعية والتنوّع البيولوجي ومصائد الاسماك والسياحة وصحة السكان في البلد”.
وسلّمت الجمعية العمومية بالاستنتاجات الواردة في تقرير الأمين العام بان كي – مون الذي اشار فيه الى أن “الدراسات تبيّن أن قيمة الاضرار التي تكبدها لبنان بلغت 856,4 مليون دولار من الولايات المتحدة في عام 2014، وتطلب اليه ان يحثّ هيئات الامم المتحدة ووكالاتها والمنظمات الاخرى المعنية التي شاركت في التقويم الأوّلي للضرر البيئي الواقع، أن تجري في حدود الموارد المتاحة، دراسة اخرى تستند الى اعمال، ومن بينها العمل الاوّلي الذي اضطلع به البنك الدولي وقدم في تقرير الأمين العام الى الجمعية العامة في دورتها الـ62، من أجل قياس الضرر البيئي الذي تكبدته البلدان المجاورة وتحديد حجمه”. وكررت الجمعية العامة في الفقرة الخامسة من القرار طلبها الى “حكومة اسرائيل بأن تتحمّل المسؤولية عن دفع تعويض فوري وكاف الى حكومة لبنان عن تلك الاضرار، والى البلدان الأخرى التي تضررت بطريقة مباشرة من البقعة النفطية، مثل سوريا التي تلوّثت شواطئها جزئياً، عن تكاليف الضرر البيئي الناجم عن التدمير، بما في ذلك اعادة البيئة البحرية الى سابق حالها، وخصوصاً في ضوء الاستنتاج الوارد في تقرير الأمين العام بأنه لا يزال هناك قلق شديد لعدم تنفيذ الاحكام ذات الصلة بالموضوع من قرارات الجمعية العامة عن هذه المسألة في ما يتعلّق بجبر الضرر والتعويض عما لحق بحكومة وشعب كل من لبنان وسوريا من اضرار جراء الانسكاب النفطي”.
واعربت عن تقديرها “للجهود التي تبذلها حكومة لبنان والدول الاعضاء والمنظمات والمؤسسات المالية الاقليمية والدولية والمنظمات غير الحكومية والقطاع الخاص في بدء عمليات تنظيف الشواطئ الملوّثة وتأهيلها، وتشجع الدول الاعضاء والكيانات المذكورة على ان تواصل تقديم دعمها المالي والتقني الى حكومة لبنان لإتمام التنظيف والتأهيل بهدف المحافظة على النظام الايكولوجي في لبنان وفي حوض شرق البحر الابيض المتوسط (…)”.
وأكد مصدر في وزارة البيئة لـ”النهار” ان الشواطئ اللبنانية تم تنظيفها من البقعة، وتبقى معالجة المخلّفات الصلبة المجمعة في مستوعبات في الجية والزهراني والبداوي، والسائلة في زوق مكايل، بهبة من الاتحاد الاوروبي الذي يجري حاليا مناقصة لهذا الامر.
يذكر انه في 13 تموز 2006، أي في اليوم الثاني من حرب اسرائيل على لبنان، تعرّض معمل الجيّه الحراري الى قصف مدفعي اسرائيلي شمل خزانات الفيول اويل، ما أدى الى كارثة بيئية ضربت البحر الأبيض المتوسط بسبب تسرّب 12000 طن، تلاها بعد يومين 3000 طن أخرى من اصل 25000 طن سعة الخزانات. وبعد خمسة ايام لاحظ اللبنانيون بقعة تلوّث سوداء تنتشر في نقاط عدة في البحر على امتداد الشاطئ من الجيّه الى شكا وطرابلس، تنبعث منها رائحة مواد نفطيّة، وامتدت الى الساحل السوري وشواطئ اليونان وتركيا، وأدت الى كارثة بيئية، وقضت على الثروتين السمكية والنباتية.