لاحظ «ساكسو بنك» أن الحرب السورية ألحقت أضرارا جسيمة بالاقتصاد اللبناني، حيث تظهر أحدث التقارير والتقييمات ان النمو «المتوسط المدى» بلغ مستويات مأسوية بسبب نقص الاستثمارات في القطاع الخاص والبنية التحتية للطاقة والعقارات، بالإضافة إلى التدفق الهائل للاجئين السوريين.
فيما يتعلق بسوق العمل، يقول المدير التنفيذي للحسابات في المصرف، الياس الأعرج، إن لبنان هو واحد من البلدان الإقليمية الأضعف أداء بسبب القوى العاملة الضئيلة، وزيادة تكلفة العمالة وارتفاع معدل التوظيف، لكن في ظل الظروف الحالية التي تهدد المنطقة العربية لا يمكن للثغرة إلا أن تصبح أعمق والفجوة أكثر اتساعا.
جغرافياً، أصبح لبنان متعذر البلوغ برا مع نسبة إنخفاض قصوى تصل إلى 60 في المئة في مجال النقل البري من الأردن إلى العراق وما بعدهما بسبب الحرب الجارية في سوريا التي فرضت انعدام الأمن والمخاطر والخسائر المحتملة. لذلك هناك المزيد من الضغوط على قدرات الشحن البري والشحن الجوي بالإضافة إلى ارتفاع التكاليف. وهذا سوف يؤدي إلى الحد من النمو الاقتصادي للبلاد ويتركها غير قادرة على تلبية التزايد السريع في الطلب وخاصة بالنسبة للاجئين.
مصرفياً، تنبأت توقعات السوق بشأن قطاع المصارف في بعض من التقييمات حصول خفض للتصنيف في عام 2016. ويعود التباطؤ الاقتصادي في الغالب إلى التدهور في قطاعات العقارات والبناء، بما يُعزى أساساً إلى غياب الاستثمارات الأجنبية من دول الخليج، فضلاً عن الفشل في إجراء انتخابات رئاسية عادلة لملء المركز الأول في البلاد، وتلافي العجز المالي الكبير وجموح الدين العام.
وتوقع تقرير صدر مؤخرا عن صندوق النقد الدولي ارتفاعا في النشاط الاقتصادي بنسبة 2,5 في المئة عام 2016، وهو ما يتعارض مع مشاعر العديد من المحللين اللبنانيين الذين يتوقعون نموا سلبيا أو عدم حدوث أي نمو على الإطلاق. ومن المرجح أن يظل الاتجاه المضيف في الصادرات سلبيا أيضا، مع عدم وجود منتجات حقيقية بسبب الوضع السياسي والاقتصادي.
لكن من ناحية اُخرى، فإن الأزمة لم تؤثر على الاقتصاد ككل، إذ تتوقع بعض القطاعات إنتاج نمو إيجابي هذا العام وعلى رأسها قطاعات المعلومات والتكنولوجيا ويليها قطاعا النقل والتجزئة. وعلاوة على ذلك، يستمر النمو في القروض والودائع المصرفية عاليا على الرغم من الانخفاض المتوقع في التحويلات.
بالإجمال، على الرغم من المخاوف بشأن الفجوة في الاقتصاد بسبب الوضع الحالي، لا يزال «الولاء» القائم للمودعين في القطاع المصرفي المحلي يلعب دورا أساسيا في قوة العملة، وكذلك العامل الضخم لاحتياطي النقد الأجنبي الذي لا يزال يعزّز استقرار الليرة، والأخذ في الاعتبار النظام المالي اللبناني الذي يتميّز بخصوصية مالية حقيقية، فيما يحتل لبنان المرتبة التالية خلف سويسرا من حيث احتياطيات الذهب للشخص الواحد، وفقا لمجلة إيكونوميست، مما يشكّل أمنا إضافيا للنظام المصرفي، كما أن البلد يتمتع بحيازة واحدة من أعلى نسب الاحتياطي النقدي في العالم.