نذير رضا
عشرات الصحافيين اللبنانيين، سيجدون أنفسهم خارج مؤسساتهم الإعلامية، في غضون أشهر. فالازمة المالية التي تعصف بالمؤسسات، يدفع ثمنها الصحافيون، وذلك اثر تراجع المال السياسي، و”جفاف” سوق الإعلانات، وانحسار العائدات التي اضطرت المؤسسات لوضع خطط لتقليص النفقات.
الأزمة القائمة في المؤسسات الإعلامية المكتوبة، تنسحب من الأزمة المستمرة في مؤسسات الإعلام المرئي. لكن قضية الصحف المكتوبة ظهرت بشكل واضح خلال هذا الأسبوع، مع تداول معلومات بأن صحفاً تنتظر تأمين تعويضات الصرف قبل إبلاغ الموظفين بالاستغناء عن خدماتهم.
مصدر نقابي على تماس مع قضية التعثر في الصحف الورقية، قال لـ”المدن” إنّ تأخير صرف العمال إلى شهرين أو ثلاثة، “يعود إلى اجراءات إدارية داخل المؤسسات التي تنتظر تأمين المبالغ المالية التي يتوجب على الصحف دفعها كتعويضات للموظفين المصروفين.
في التفاصيل، تلقى موظفو جريدة “اللواء” الأسبوع الماضي، تعميماً إدارياً أعلنت فيه الادارة أنه “فتحت باب الاستقالة أمام من لا يستطيع الاستمرار في العمل في هذه الظروف القاسية”، بدءاً من 15 آذار/ مارس الحالي.
ومهّدت المذكرة الإدارية الموقعة من رئيس التحرير صلاح سلام لإعلان فتح باب الاستقالة بالقول إن “إجراءات شد الحزام وخطوات التقشف الاخيرة، وافساحاً في المجال امام الزملاء والزميلات لاتخاذ الخيار المنالسب لكل منهم، وحرصاً على عدم تحميل اعباء المرحلة الصعبة لمن لا يرغب في تحملها”.
وقالت مصادر في الصحيفة إن هذا الإعلان، جاء بعد إجراء آخر تمثل في تخفيض رواتب الموظفين في “اللواء” بنسبة 10 في المئة، بسبب “الظروف المادية الصعبة”.
بدورها، تخطط جريدة “النهار” للاستغناء عن عدد من الموظفين في المرحلة المقبلة، لكنها لم تحدد بعد عددهم، ولا طبيعة مهماتهم. فهي تعمل على إعداد خطة “توازن فيها المصاريف مع المداخيل”، بحسب ما يقول مصدر بارز في الصحيفة لـ”المدن”، موضحاً انه “بعد إعداد الدراسة، ستُعرض على مجلس الادارة في الصحيفة ويتخذ بعدها القرار”.
ولا يعني عدم اتخاذ القرار بالاستغناء عن الموظفين حالياً، كما تم الترويج له، أن الصحيفة لن تستغني عن موظفيها. الواضح أن القرار اتخذ، لكن آلياته التنفيذية لم تحدد بعد، وهي خاضعة للدراسة.
هذه الاجراءات، تتشابه إلى حد كبير مع اجراءات اتخذت في وقت سابق في جريدة “المستقبل”، لكنها لم تُنفذ حتى الآن. في وقت، تحدثت معلومات عن أن صحيفة “السفير” البارزة، تدرس امكانية ايقاف طبعتها الورقية، أو تخفيضها إلى 8 صفحات، بهدف تخفيض نفقات الطباعة. واستندت تلك المعلومات على رسالة داخلية أرسلها رئيس تحرير “السفير” طلال سلمان إلى أسرة الصحيفة، جاء فيها: “نواجه ظروفاً وتحديات صعبة، والظروف السياسية والاقتصادية فاقمت الأزمة، لا سيما أنها قد انعكست على الدخل الإعلاني وعلى الاشتراكات وصولاً إلى البيع. وفي مواجهة هذا الواقع الصعب والمرشّح بأن يزاد صعوبة، كان من الطبيعي أن يبادر مجلس الإدارة إلى طرح الاحتمالات جميعاً للنقاش، بما فيها خيار التوقف عن الصدور”. أضاف سلمان: “يهمني أن أطمئن العاملين جميعاً بأن أي قرار يتخذ سيصار إلى إبلاغكم به فور تبلوره، مؤكداً أن حقوق العاملين مصانة بل مقدسة…”.