IMLebanon

لبنان تحت رحمة التلوث برا وبحرا وجوا وعمر المواطن بات أقل بـ25%

koura-pollution

رنا سرحان

اقتربت الأخطار الصحية شيئا فشيئا لتلف حول عنق المواطن اللبناني بعد ما شاهدته عينه المجردة من أخطار بيئية، حاول العديد من المحللين والخبراء البيئين وصف الحال بال “منذرة والخطر” أو أن “النفايات في الوقت الحالي بريئة من الأمراض في المستشفيات وحالات الوفيات”، بينما تكشف الحقيقة والدراسات واقعا مريرا معاكسا.

من واقع الحال على الأرض، تقول الدكتورة سهى كنج شرارة رئيسة قسم الأمراض الجرثومية في المركز الطبي في الجامعة الأميركية في حديث إلى “الوكالة الوطنية للإعلام” أن النفايات “هي مؤشر حقيقي للخطر الذي بدأ يهيمن على حياة المواطن اللبناني، ولا بد من التكلم عن الأمراض التي سببتها النفايات وتكاثرت بدل أن نتوقع ما سيحدث. تعتبر النفايات وسمومها بمثابة السبب الرئيسي في ازدياد حالات الأمراض الجرثومية في المعدة والتي ازدادت نسبتها في هذا العام، كما شهدنا انتشارا ملحوظا لبكتيريا السالمونيلا، بعد أن كانت تنتشر صيفا فقط، بعكس هذا العام حيث شهدناها بقوة في فصل الشتاء وهو لم يكن يحدث سابقا. ومن المعلوم، تظهر أعراض عدوى السالمونيلا عادة بعد 12 ساعة إلى ثلاثة أيام تشمل الحمى والمغص والإسهال الشديد، وقد تستمر لمدة 5 أيام إلى أسبوع. ومع ذلك، فقد لا تعود حركة الأمعاء إلى وضعها الطبيعي قبل عدة أشهر من ظهور الأعراض الأولى. وتكون الأعراض أكثر خطورة عند المسنين والرضع والأشخاص الذين يعانون أمراضا مزمنة، مثل مرض السكري. وتسبب بعض أنواع جرثومة السالمونيلا حمى التيفوئيد، وهي مرض قاتل يمكن أن يؤدي الى ارتفاع الحرارة إلى 40 درجة، وهي أكثر انتشارا في البلدان النامية”.

ولفتت إلى أن “حمى التيفوئيد موجودة في لبنان منذ فترة، لكنها بدأت تتزايد بشكل ملحوظ بعد أزمة النفايات كذلك الأمراض والالتهابات الجلدية، التي تنقلها الحشرات من ذباب وبعوض بعد تراكم فوق النفايات لتنتقل للإنسان خاصة في المدن ذات الإزدحام السكاني، كذلك شهدنا العديد من الإلتهابات الرئوية الحادة بخاصة عند الكبار ما فوق سن الخمسين”.

صليبا
وفي الواقع البحثي جوا، تقول أستاذة الكيمياء ومديرة مركز حماية الطبيعة في الجامعة الأميركية في بيروت الدكتورة نجاة صليبا أن “ما حصلنا عليه من نتائج دراسة الوحدة البحثية الشهر الفائت حول نوعية الهواء مع فريق عمل إدارة النفايات الصلبة في الجامعة، كانت نتائجه كارثية حيث أكدت الدراسة أن مؤشر عمر المواطن اللبناني نسبة إلى ما يتنفسه اليوم من أوكسيجين في الهواء بات أقصر بنسبة 25%” مشيرة إلى أن “الوحدة البحثية استطاعت، أن تقيم مخاطر الإصابة بالسرطان، خلال الأيام التي تحرق فيها النفايات، وأتت في هذا السياق خلال الأيام التي تحرق فيها النفايات ما يزيد نسبة المسرطنات المنقولة جوا بنسبة 2300 في المئة”.

ولفتت إلى أنه “بعد النتائج التي حصلنا عليها بمساعدة مركز البحوث العلمية بإدارة الدكتور معين حمزة الذي لم يوفر جهدا لكشف حقيقة ما يمكن ان يتنشقه المواطن من جراء هذه الجرائم البيئية، اتت الدراسة أن المعدلات اليومية للجزيئات التي يبلغ قطرها 10 ميكرومترات أو أقل، أو 2.5 ميكرومترات أو أقل، تجاوزت المعدلات المذكورة في توجيهات الأربع وعشرين ساعة لمنظمة الصحة العالمية بما يصل إلى 276 في المئة. كما سجلت لها ارتفاعات هائلة في 5 و17 تشرين الأول”.

وتابعت: “إضافة إلى ذلك، تم قياس تركيزات المعادن التي تعتبر موشرا لحرق النفايات، ومن ضمنها الرصاص، الكادميوم، المنغنيز، التيتانيوم، الكروميوم، الزرنيخ، حسب منهج IO-3.5 لوكالة الولايات المتحدة لحماية البيئة، ووجد أنها قد زادت بين 98 و144 في المئة. أما المواد العضوية، وتحديدا الهيدروكربونات العطرية المتعددة الحلقات الست عشرة السامة بعد قياسها، أظهر كذلك أن أكثر مادة مسرطنة ضمن هذه الهيدروكربونات العطرية، أي مادة البنزو “أ” بيرين (Benzo[a]pyrene)، تضاعف تركيزها بحوالي 2.3 مرات. أما مستويات الديوكسينات الثنائية البنزو والمتعددة الكلور والفيورانات السبعة عشر الأكثر سمومية، فوجد أنها أكثر ارتفاعا من القياسات الأخرى بنسبة 2754 في المئة. وزيادة عن ذلك، وصل مستوى الديوكسين الثنائي البنزو والمتعدد الكلور الأكثر سمومية، والمعروف باسم 2,3,7,8 TCDD، إلى تركيز مرتفع نسبيا في 19 تشرين الأول، وبالتالي، وجد أن الخطر القصير الأمد للاصابة بالسرطان زاد من نحو شخص في المليون إلى 18 شخصا في الأيام التي تم خلالها حرق النفايات”.

وأضافت: “عندما رأت الوحدة البحثية هذه الأخطار المباشرة على صحة السكان والمتظاهرين من ناشطين ومنظمات غير حكومية، قامت بنشر المعلومات التي كانت تملكها بهدف الحد من هذا الخطر، بعد أن كان وزير الصحة وائل أبو فاعور قد أصر على تشكيل لجنة طارئة في تشرين الثاني الماضي لمتابعة هذا الملف، واصدار قرار بمنع البلديات حرق نفاياتها، بيد أن بعض البلديات لم تلتزم. كما أن فريق العمل في الوزارة عمل على أكثر من جبهة، في الترصد الوبائي في رصد النتائج لمعرفة كيفية معالجتها والتعامل معها، وثانيا استكمال عملية فحص المياه في أماكن معينة، وثالثا الاتصال مع الوزارات المعنية” لكنه متابعة الدراسات والبحوثات العلمية بدقة متناهية وموضوعية لم تكتمل لعدم توافر الإمكانيات ربما، ناهيك عن ان وزارة البيئة لا تعير موضوع تلوث المناخ من جراء حرق النفايات وسمومها المنتشرة في الجو أي أهمية، في حين لا تسعى أي من الجهات الحكومية المختصة لدعم الدراسات علميا ومعرفة حجم الاخطار الذي باتت تحدق فوق جغرافيا لبنان للإسراع في مواجهتها أو حماية حياة المواطن بدل تشريع باب حياته الصحية في وجه ريح الأمراض”.

وختمت: “نتوجه بحرا لنحذر اللبنانيين بعدم الاقتراب من الشواطئ مع ابتداء فصلي الربيع والصيف لان مرض الجدري قريب من الشاطئ وعلينا المطالبة بالدعم الجدي من أجل دراسات حقيقية لمعرفة مدى براءة مياه الشاطىء من احتوائها على مرض E.Coli”.

تقرير مصلحة الأبحاث الزراعية
غير بعيد عن ذلك، صدر التقرير عن مصلحة الأبحاث الزراعية والذي حصلنا عليه من الدكتور ميشال أفرام يؤكد بالدليل الكارثة الحقيقية في الثروة المائية، الذي صدر الشهر الفائت نتيجة التحاليل على مياه أنهار البردوني والليطاني والغزيل وانطلياس وبيروت والكلب ملوثة بالأحياء المجهرية الهوائية والقولونيات (المجارير)، كذلك أثبتت التحاليل الكيمائية لمياه هذه الأنهار التي تصب في البحر احتواءها على زئبق ورصاص ونحاس وزرنيخ وآزوت.

ويكشف تقرير أفرام أن “تحاليل المياه أو العصارة الناجمة عن النفايات المتراكمة في منطقة الفنار نتيجتها وجود أحياء مجهرية هوائية في المليليتر تفوق المليار بدل من 200 الحد الطبيعي”، ولفت إلى أن “بقية البكتيريا staphylocoque pseudomonas، وهي بكتيريا المكورات العنقودية تتراوح بين 7 ملايين والاربعين مليون في المليليتر، وهي بحسب المختبرات بكتيريا قاتلة تفتك بجسم الانسان خلال 48 ساعة وتؤدي الى ضعف شبكية العين وفقدان البصر وقتل الجنين، وأول عوارضها الاسهال. تتحكم بالأجسام في فصل الشتاء في ما لو أصيب الانسان بأي نوع من الأنفلونزا وتنتقل عدواها بطريقة سريعة من خلال المناشف أو الهاتف او استعمال جهاز الكمبيوتر، وحتى في الأماكن الجافة”.

من المفيد معرفته، أن رواسب النفايات تنتقل بيننا لتصب في الينابيع والأنهار وصولا الى المياه الجوفية أو إلى البحر لتصل بعدها الى المواطن اللبناني، هذا إن لم ينتشق هواء مدينته السام، أو يقصد مثلا مستشفى لزيارة صديق أو قريب أو يتنقل في الأماكن العامة أو حتى يتوجه إلى عمله وهو لا يعلم ما يمكن أن تلمسه يداه في المصافحة.