IMLebanon

تكلفة «الشحن».. محرك خفي لاتجاهات أسعار النفط

oil-tanker
وفقًا لما هو متعارف عليه في أسواق النفط العالمية، تتراجع الأسعار وتتدهور بناءً على عدة عوامل يأتي في مقدمتها زيادة تخمة المعروض في الأسواق الذي يزيد على حجم الطلب العالمي بنحو مليوني برميل يوميًا، كذلك قوة الدولار الأميركي، فضلاً عن التخوفات من عودة إيران إلى الأسواق بعد رفع العقوبات الغربية عنها.
لكن في الوقت الحالي تظهر مؤشرات بأن الفائض في المعروض العالمي من النفط يتقلص – نسبيًا – فإنتاج النفط الجديد من خارج أوبك بدأ يُعطي إشارات بالتراجع، حيث أخذ إنتاج النفط في الولايات المتحدة في التناقص إلى 9.1 مليون برميل نفط يوميًا في يناير (كانون الثاني) الماضي. وموسميًا، من المتوقع أن يلتقط الطلب أنفاسه في نهاية شهر مارس (آذار)، ويستمر في الارتفاع حتى سبتمبر (أيلول) المُقبل.
وإذا صدقت الدول التي تدعو لعقد اجتماع في أبريل (نيسان) المُقبل – يهدف إلى تجميد إنتاج الدول الرئيسية المنتجة للنفط عند مستويات يناير الماضي – فإنها يمكن أن تحل مشكلة الإفراط في العرض المقدرة بنحو 2 في المائة من إمدادات النفط العالمية البالغة 97 مليون برميل نفط يوميًا بما يُعادل مليوني برميل، وهو ما يوازي معدل الوفرة النفطية الموجودة بالأسواق في الوقت الراهن.
ورغم وضوح الرؤية حول عوامل العرض والطلب المتحكمة في اتجاهات أسعار النفط بصورة رئيسية، هناك محركات سعرية أخرى – والتي تكون خفية في بعض الأحيان – وواحد من المحركات الخفية، التي تؤثر على أسعار النفط، هي تكلفة نقل المنتج من أسواق التصدير إلى سوق الاستهلاك – المعروفة بتكلفة «شحن» النفط سواء عبر المياه أو خطوط الأنابيب أو السكك الحديدية أو الشاحنات.
وكلما احتدت المنافسة في أسواق النفط العالمية، اتجهت الدول نحو تخفيض تكلفة شحن نفطها لمناطق الاستهلاك الرئيسية للحفاظ على الحصة السوقية.
وزادت حدة المنافسة على مدى الأشهر الأخيرة بفعل الكميات الكبيرة التي يبيعها إقليم كردستان العراق لأوروبا بأسعار منخفضة بصورة كبيرة عن نظيراتها في الأسواق العالمية. وتستخدم العراق أيضًا سعر برنت لتسعير خامها في العقود الآجلة، وعلى مدى الستة أشهر الماضية كانت براميل النفط المسعرة على أساس سعر برنت في العقود الآجلة أقل تكلفة في المتوسط من تلك المسعرة على أساس المتوسط المرجح لبرنت. ودفع ذلك دول رئيسية منتجة كروسيا وإيران لرفع مبيعاتها مع محاولة زيادة جاذبية خامها في الأسواق الأوروبية.
على نحو آخر، رفعت المملكة العربية السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، أسعار شحن نفطها إلى آسيا وأوروبا تسليم أبريل (نيسان) المُقبل – لأعلى مستوى منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي – ولكنها خفضت بشكل طفيف أسعار الشحنات إلى الولايات المتحدة.
ورغم أن التوقعات كانت تشير إلى قيام شركة أرامكو السعودية بتثبيت الأسعار عند معدل 50 سنتا، رفعت الشركة سعر البيع الرسمي لشحنات الخام العربي الخفيف لآسيا إلى 75 سنتا بزيادة 25 سنتًا عن شحنات مارس. بينما تمت زيادة جميع الشحنات إلى شمال غربي أوروبا بمقدار 35 سنتا.
وتبنت السعودية هذه الخطوة بعد أن تقدمت أسعار النفط بتحقيق بعض المكاسب بعد أن ارتفع خام برنت ليصل إلى 40 دولارًا للبرميل وخام غرب تكساس الأميركي ليصبح بالقرب من 38 دولارًا للبرميل.
ورغم محاولات السعودية لدعم أسعار النفط برفع تكاليف الشحن للأسواق الرئيسية، تسعى دول أخرى لاقتناص الفرص بتخفيض تكاليف شحنها. ووفقًا لـ«رويترز»، قالت إيران إنها تدرس تحسين سياسة التسعير لمبيعاتها من الخام إلى أوروبا من خلال بيع بعض الشحنات الفورية بأسعار قائمة على أساس سعر برنت في العقود الآجلة لكنها ستواصل سياسة التسعير على أساس المتوسط المرجح لبرنت في عقودها محددة المدة.