IMLebanon

انضمام لبنان إلى منظمة التجارة … “رايحين عالحج والناس راجعة”

WTO-OMC

سلوى بعلبكي

يعاني القطاع الزراعي تاريخياً من أخطار عالية تحجب الاستثمار فيه، ومن فقدان البنى التحتية المؤسساتية، وانعدام الحماية من الاغراق والأهم من انعدام الحماية الصحية والاجتماعية للمزارعين… ويأتي الحديث عن امكان انضمام لبنان الى منظمة التجارة العالمية ليزيد الطين بلة.

أضيفت الى هذه الأزمات التاريخيّة نكبات على مدى الأعوام الماضية راكمت معاناة القطاع. ففي عام 2015 وبسبب اقفال معبر نصيب بين سوريا والاردن تراجعت الصادرات على نحو ملحوظ. ووفق احصاءات جمعية المزارعين تراجعت الصادرات 31,7% بين عامي 2014 و2015 من 533 الف طن الى 364 الفاً. كذلك تراجع تصدير البصل 76,9% من 23 الف طن الى 10 الآف طن. وتراجعت صادرات الحمضيات 57% بين 2011 و2015، في حين تراجع تصدير الموز 64% بين 2010 و2015. وتراجعت صادرات التفاح في الاشهر الاربعة الاخيرة من 2015 نحو 43% عن الاشهر عينها من 2014.
قبل فترة قصيرة من تطبيق المرحلة النهائية من اتفاق التيسير العربي عام 2004، استطاعت الجمعية اقناع الحكومة بالضرر المتأتي من هذا الاتفاق الذي يحرر التبادل التجاري بين دول من أنظمة اقتصادية مختلفة قبل توحيد القواعد الجمركية وعمليات الدعم، فصدر القرار رقم 43 بتاريخ 9/12/2004 ” بتكليف وزارة الاقتصاد الطلب خلال اجتماعات المجلس الاقتصادي والاجتماعي في جامعة الدول العربية اعطاء لبنان فترة سماح في شأن تطبيق اتفاق التيسير العربي”. ولكن وزير الاقتصاد آنذاك عدنان القصار رفض تقديم طلب فترة السماح من المجلس الاقتصادي العربي”، وفق ما يقول رئيس جمعية المزارعين انطوان الحويك لـ “النهار”.
وفي عام 2007، على اثر حرب تموز استطاعت الجمعية الاستحصال من جامعة الدول العربية على روزنامة زراعية وُضعت رسوم جمركية على 10 سلع زراعية لمدة 33,5 شهراً. وبحسب دراسة جمعية المزارعين، زادت ايرادات المزارعين اللبنانيين 100 مليون دولار سنوياً من جراء تطبيق هذه الروزنامة، إلا أنه في عام 2008 رفض وزير الاقتصاد سامي حداد الطلب من الجمارك اللبنانية تطبيق الروزنامة، وكذلك فعل وزير الزراعة حسين الحاج حسن عندما رفض الدفاع عن تجديد الروزنامة الزراعية فألغيت في 2012.
وبدءاً من عام 2006 طالبت الجمعية بوضع قيود غير جمركية لحماية الانتاج المحلي كفرض المراقبة على الترسّبات الكيميائية على المستوردات، وتعديل الشروط والمواصفات الفنية لاستيراد الفاكهة والخضر والحليب ومشتقاته، وتكليف شركات للمراقبة بالكشف على المستوردات واقترحت التعديلات اللازمة وفق الاصناف، لكن الحويك يؤكد أن “كل اقتراحاتنا رفضت”.
ويشير الى ان القطاع الزراعي ولا سيما قطاع التفاح، يعاني منافسة قوية من التفاح الاوروبي وخصوصاً من ايطاليا حيث يباع سعر الكيلوغرام بـ 2200 ليرة بالجملة مستفيداً من اتفاق الشراكة مع الاتحاد الاوروبي التي رفعت الرسوم الجمركية عن الرسوم الاوروبية.
ويستند الحويك الى اتفاق التيسير العربي والاتفاق الاوروبي وما تعرضت له الزراعة اللبنانية من أذى ليضيء على ما يمكن أن يتعرض له القطاع من ضرر في حال انضم لبنان الى منظمة التجارة العالمية. ويسأل عبر “النهار” “لماذا ندخل في تجربة جديدة ستكون أسوأ على القطاع من التجربتين السابقتين؟”. ويشبّه دخول لبنان الى المنظمة بالمثل الشعبي “رايحين عالحج والناس راجعة”، بدليل أن غالبية الدول بدأت تخرج من المنظمة خصوصاً بعد الازمة المالية عام 2008، مؤكداً أن 5% فقط يفيدون من عملية الانضمام وغالبيتهم من كبار المستثمرين، فيما سيقع الضرر على 95% من اللبنانيين في كل القطاعات.
في كل سنة تقريباً يتعرض القطاع الزراعي لكوارث طبيعية، لذا اقترحت الجمعية عام 2003 قانون لانشاء مؤسسة مستقلة تسمى الصندوق الوطني للضمان الزراعي من الكوارث، تمت مناقشته واقراره في لجنة الزراعة والسياحة النيابية في 2004 وفي لجنة الادارة والعدل النيابية في جلسة 11 كانون الثاني 2005. وقد تحفظت وزارة الاقتصاد عن تمويله من رسم استهلاك على التبغ والمشروبات الروحية، وهو منذ ذلك التاريخ يغط في سبات عميق في ادراج رئاسة مجلس النواب ورفض كل وزراء الزراعة منذ هذا التاريخ المساعدة على اقراره.
أما في ما يتعلق بالبنى التحتية المؤسساتية، فيشير الحويك الى المصرف الوطني للانماء الزراعي الذي صدر قانون انشائه في 1994، إذ انه بالرغم “من مطالباتنا المتكررة وتوفير تمويله من الاتحاد الاوروبي، وبالرغم من موافقة كل الاحزاب اللبنانية على انشائه في “المنتدى الاقتصادي والاجتماعي العربي” الذي اقامه الاتحاد الاوروبي في بيروت سنة 2009، فقد تم اجهاضه واستعيض عنه ببروتوكول بين الوزارة و”فرنسبنك” يعطي بموجبه القروض للمزارعين.
وحتى لا يتأثر القطاع الزراعي بالحرب السورية، تقدمت الجمعية منذ بداية الحرب السورية باقتراح لفصل الاقتصاد اللبناني عن الحرب الدائرة في سوريا، ويتضمن الاقتراح الآتي:
– تشتري الدولة 4 عبّارات لنقل الشاحنات من مرفأ طرابلس الى مصر والسعودية.
– تكلف احدى شركات الشحن ادارة هذه العبارات وتشغيلها.
– تنقل العبّارات الشاحنات التي تنقل المنتجات الزراعية والصناعية اللبنانية مجاناً الى مصر أو السعودية، على ان يموّل الخط من ايرادات خط الاستيراد والكلفة التي على الشاحنات دفعها في العودة محملة بمنتجات مستوردة.
ولكن هذا الاقتراح وفق ما يؤكد الحويك، رفض من المسؤولين المعنيين، واستعاضوا عنه بدعم نحو 2000 دولار على الشاحنة المنقولة بالعبارات، إلاّ أن احتكار خط النقل من شركتين ورفع الاسعار اجهض نتائج هذا الدعم وبقيت المشكلة قائمة والصادرات الى تراجع مستمر.