اشارت مصادر متطابقة لصحيفة ”العرب” اللندنية الى ان ميليشيات “حزب الله” في سوريا بدأت إعادة تموضعها بشكل جديد لتأخذ حالة دفاعية وانسحابات عن الجبهات التي كانت ساخنة سابقا وخصوصا أن الميليشيات كانت رأس الحربة التي يستخدمها النظام السوري في أغلب هجماته على قوات المعارضة.
يأتي هذا فيما بدأ الحزب يستشعر خطورة تصنيفه عربيا كمنظمة إرهابية، ووسط تخوف من أن تتسع دائرة الإجراءات الخليجية ضده لتصبح إجراءات عربية أكثر وقعا وتأثيرا.
وتؤكد المصادر أن “حزب الله” سحب العديد من قواته وأعاد بعضها إلى لبنان وأن قسما آخر تم نقله إلى مناطق سورية داخلية أو بؤر ذات أغلبية شيعية كما في منطقة نبل والزهراء والست زينب وذلك بالتزامن مع قرار روسيا بالانسحاب.
ويعتقد العميد ركن أحمد الرحال المنشق عن النظام السوري أن “حزب الله” في وضع يصعب معه الخروج من المستنقع السوري حيث ربط مصيره ومستقبله بمصير الأسد بناء على تعليمات مرشد إيران علي خامنئي وقائد الحرس الثوري قاسم سليماني.
وقال الرحال في تصريح لـ”العرب” إن “حزب الله بدأ يدفع ثمن هذا التورط بخسارته لأكثر من ألف قتيل في صفوفه بينهم العشرات من الكوادر القيادية، بالإضافة إلى الحصار السياسي والاقتصادي الذي لحق به بعد القرار السعودي بوضعه على قائمة الإرهاب الخليجية والعربية”.
وترى المصادر أن إعادة انتشار الحزب تعود إلى أسباب عديدة منها نجاح الهدنة، وأن وجود الحزب بشكل كثيف يجعله مكشوفا لعمليات نوعية تسمح باصطياد قياداته الميدانية من قبل قوات المعارضة.
لكن التخوف الأكبر للحزب هو أن يجعل إدراجه عربيا على قوائم الإرهاب استهدافه من طائرات التحالف الدولي أمرا مشروعا وممكنا في نفس الوقت، خاصة بعد أن أدانت محكمة أميركية الحزب بالتورط مع تنظيم القاعدة في أحداث ايلول 2001، وبعد العقوبات الأميركية على أذرعه المالية.
وتؤكد المصادر أنه عندما صدر القرار الأممي الذي نظم الهدنة ووقف إطلاق النار استثنى داعش والنصرة ومنظمات إرهابية أخرى، حيث أصرت دول عربية والولايات المتحدة على ذكر منظمات أخرى كي يشمل القرار حزب الله والميليشيات الأجنبية التي تقاتل إلى جانب النظام في سوريا.
وقال العميد الركن مصطفى أحمد الشيخ المنشق عن النظام السوري لـ”العرب”، “لا شك أن حزب الله بعد أن اتخذت الجامعة العربية قرارا نوعيا باعتباره حزبا إرهابيا يتعرض لضغوط كبيرة تؤثر عليه ليس فقط في سوريا بل داخل لبنان بحيث أحدث ارتباكا واضحا في الشارع اللبناني”.
ولم يقتصر الضغط على الحزب من قبل الدول العربية بل إن روسيا عملت على تقييد حركته ودوره في تغذية الميليشيات السورية التي تدار من قيادات إيرانية أو من الحزب نفسه، وترى روسيا أن الدور الإيراني العسكري في سوريا أسهم في تدمير ما تبقى من الجيش السوري بينما قوّت إيران الميليشيات البديلة.
ويؤكد العميد الركن الشيخ أن روسيا مارست ضغوطا سياسية وعسكرية على الحزب، مضيفا “تجلى ذلك من خلال قصف مجموعات تابعة له في سوريا تحركت دون تنسيق مع الروس وحصل في عدة مواقع، منها قصف رتل غرب حمص كان ينوي التحرك دون علم الروس (وتم اعتبار القصف بالخطأ أو بنيران صديقة).
ويعتبر الخبراء العسكريون أن قرار حزب الله بيد إيران التي أصبحت أقل نفوذا في سوريا بعد التدخل الروسي.
واعتبر محللون أن أزمة حزب الله صارت مضاعفة بعد التصنيف العربي الأخير، وهو تصنيف ملزم لكل الدول الأعضاء، ما يعني أن الحزب سيتعرض لهزات عنيفة خاصة في مستوى التمويل الذي كان يحصل عليه في شكل هبات وتبرعات وتحويلات مشبوهة وعبر أكثر من وسيط من العمالة اللبنانية ومن شركات ورجال أعمال في دول الخليج.
ولا شك أن الحصار المالي الخليجي والأميركي والذي قد يتوسع ليصبح أوروبيا سيجعل حزب الله يراجع مشاركته في سوريا، ليس فقط ما تعلق بتوفير الأسلحة، ولكن بشأن تكاليف الحرب الأخرى خصوصا الأموال التي تدفع لعائلات المقاتلين المشاركين في الحرب، ولشراء أصوات إعلاميين وسياسيين عرب.