Site icon IMLebanon

ما دور السفارة الأميركية في الإنترنت غير الشرعي؟

 

كتبت صحيفة “السفير”:

كُشف الكثير من خفايا شبكة الانترنت غير الشرعي، لكن الأكيد أن هنالك الأكثر مما لم يُكشف بعد.

وإذا كان لهيئة “أوجيرو” تبريرها لأسباب عدم اكتشاف هذه الشبكة العنكبوتية غير الشرعية برغم أنها تعمل منذ سنوات، وخصوصا منها “عدم توفر قدرة تقنية على اكتشاف ترددات تنتقل بين أعالي الجبال وقبرص على ارتفاعات شاهقة”، فإن أحد المهندسين التقنيين في مؤسسة رسمية يجزم لـ “السفير” بأن الدولة اللبنانية تملك لواقط ترددات (spectrum detectors) يتم تثبيتها على سيارات تقوم بالتنقل بين المناطق لالتقاط الترددات الموجودة في الهواء، ثم مقارنتها لاحقاً بالترددات المسجلة في بيانات وزارة الاتصالات.

وبعيداً عن الشق التقني، يتوقع مصدر متابع لهذا الملف السياسي ـ الأمني ـ الاقتصادي أن تكشف التحقيقات المزيد من المتورطين ممن لم يعلن بعد اسم أي منهم، طارحاً أكثر من علامة استفهام عن مصالح متداخلة لا يُعرف أين تبدأ وأين تنتهي، في الداخل والخارج.

ذلك أمر قد تتكشف تفاصيله لاحقاً، لكن الأكيد أن الإنجاز قد تحقق، حتى ولو جاء متأخراً. فالشبكة قد فككت، بعدما تبين أنها “عنكبوتية” بكل ما للكلمة من معنى. عنكبوتية بقدراتها العالية وتغلغلها في كل مفاصل البلد وفي الحمايات التي تحصل عليها من أعلى المستويات، والتي يجزم كثر بأن كشف أسمائها هو الإنجاز القضائي الفعلي الذي لن يسمح بتكرار الاعتداءات على أمن الدولة واقتصادها وسيادتها.

هذه الحمايات استفاقت تحديداً بعد انعقاد لجنة الاتصالات النيابية قبل عشرة أيام، حيث تبين لها أن الأمر أخذ منحى أكثر جدية و “خطورة”. قبل تاريخ الثامن من آذار (اجتماع اللجنة)، لم يسبق أن أعلنت وزارة الاتصالات عن اكتشاف الشبكة، التي تبين لاحقاً أن أول من لفت النظر اليها هو الشركات الخاصة المتضررة من وجودها، من خلال شكوى أرسلت إلى وزارة الاتصالات في 21 كانون الثاني الماضي.

وبرغم أن محطة “أل بي سي” عرضت تقريراً، في 17 شباط الماضي، يتناول مضمون تلك الشكوى، وبرغم أن مصادر “أوجيرو” تؤكد أنها قامت بناءً على إشارة القضاء المختص ومواكبته، بتفكيك معدات الشبكات أيام 26 و29 شباط و3 آذار 2016، وبرغم أن وزير الاتصالات بطرس حرب قدّم دعوى إلى النيابتين المالية والاستئنافية في 4 آذار، إلا أن كل ذلك ظل خارج التداول، وهو أمر رأى فيه أصحاب الشبكات غير الشرعية إشارات إيجابية وتعاملوا معه بهدوء واطمئنان، اعتقادا منهم بأن المعدات ستستعاد والشبكة غير الشرعية ستعمل مجدداً!

كل ذلك انتهى عندما خرج رئيس لجنة الاتصالات حسن فضل الله مباشرة على الهواء ليكشف الأمر على الملأ، واعداً بمتابعته في اللجنة حتى النهاية (تعقد اللجنة اجتماعاً لهذه الغاية الاثنين المقبل).

علنية الموضوع، ومكان إعلانه وهوية من أعلنه وسرعة إعلانه كانت أربعة عوامل جعلت أصحاب الشبكة يشعرون للمرة الأولى بأن الأمور تفلت من بين أيديهم. عندها “بدأت التدخلات في القضية من أعلى المستويات”، بحسب مرجع مطلع، والأخطر، يضيف، هو “ما تردد عن تدخل السفارة الأميركية في بيروت مطالبة بالإفراج عن المعدات الخاصة بأحد المتورطين في تلك الشبكة، والتي تبين عند مصادرتها والكشف عليها من قبل “أوجيرو” أنها نفسها التي كانت قد ضبطت في “شبكة الباروك”، وهي تحتوي على مكونات إلكترونية من صنع شركة “سيراغون” الإسرائيلية. علماً أن هذه المكونات كانت أحد أدلة المحكمة العسكرية عندما أدانت المتطورين بالشبكة في العام 2011 (جناية إنشاء محطة في الباروك وتجهيزها بمعدات إسرائيلية والتزود بمعدات لخدمة الانترنت عبر الباروك من شركة في حيفا).

باختصار، تم الإفراج عن هذه المعدات، بعدما تقدمت إحدى الشركات بطلب إلى المدعي العام المالي القاضي علي ابراهيم تطالب فيه باستعادة معداتها، لأنها تنوي القيام بتسوية مع وزارة الاتصالات، حيث اشترط ابراهيم في قراره عدم تركيب أي من المعدات، في انتظار جلاء التحقيق.

وبالنتيجة، وبين الرغبة في التخلص من عبء تخزين المعدات الضخمة، حيث اضطر المعنيون إلى توزيعها بين مخازن النيابة العامة المالية ومخازن “أوجيرو” أو أحد المخازن الخاصة، و “الإجراء الروتيني” الذي اتخذه ابراهيم، بناءً على مسار القضية، نامت المعدات في 8 آذار، في مخازن أصحابها!

ويقول القاضي ابراهيم لـ “السفير” إن رئيس “أوجيرو” عبد المنعم يوسف التقاه، موضحاً له عدم إمكان إجراء أي تسوية في الموضوع انطلاقاً من أن معابر الاتصالات هي حق حصري للدولة، فطلب منه كتاباً رسمياً بذلك، وهو ما حصل في 11 آذار الحالي، حيث ورد في ختام كتاب يوسف أنه “لا يمكن تسوية أوضاع الجهات المرتكبة التي قامت بإنشاء المعابر الدولية، وإن فعلها هذا هو جرم بحق المرفق العام والمال العام والأمن والسيادة”. عندها، أمر ابراهيم، في اليوم نفسه، بإعادة ضبط المعدات التي كان قد تم الإفراج عنها.. من دون أن يتبين، حتى اليوم، إن كان قد تم التلاعب بمكونات هذه المعدات، كأن يسحب بعضها أو يُصار إلى محو أرقامها التسلسلية، بسبب عدم قيام “أوجيرو” بإعادة الكشف على المعدات.

يبقى السؤال الكبير: من المسؤول عن إعادة تلك المعدات وما هو الهدف وهل يمكن أن يكون “اللوبي” المرتبط بجهات خارجية، قد تكون إسرائيل بينها، أقوى من الدولة اللبنانية، بسلطاتها القضائية والأمنية والتنفيذية؟