فاديا دعبول
نهاية هذا الأسبوع يحل عيد الشعانين لدى الطوائف الغربية وما تزال حركة الاسواق التجارية الكورانية مشلولة، وغالبية المحال فارغة من الزبائن، وأصحابها يكسرون الملل بلعب الورق على شاشات الكومبيوتر أو مشاهدة التلفاز. برغم أن الواجهات بمجملها أعلنت التنزيلات لمستوى النصف لجذب الزبائن، وتشجيعهم على الدخول والشراء.
إزاء ذلك ترى ريتا ابراهيم (صاحبة محل ألبسة نسائية) أن السبب في جمود الأسواق يعود الى «كون غالبية الكورانيين هم من طائفة الروم الارثوذكس، التي بدأ صومها الاربعيني هذا الاسبوع، ما يعني ان العيد ما يزال بعيدا، والناس لا يشترون الا قبل ايام منه».
وتعتبر ناديا شماس (صاحبة محل زهور) أن حركة الأعياد «لم تظهر بعد بسبب توالي حالات الوفيات». وفي حين أنها لم تزيّن بعد شمعة واحدة، لكنها تبدي تفاؤلاً كبيراً ببيعها للزهور في ليلة عيد الأم. حيث أن الغالبية تتوجه لشراء الورود «لأنها أرخص هدية في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها الشعب اللبناني».
ويؤكد غسان داوود (صاحب محل ألبسة) ان رداءة الطقس تحول دون نزول الزبائن إلى الأسواق للتبضع للعيد، وفيما قدّم مقارنة، بين أشهر العام الفائت والعام الحالي، أشار الى تحسّن مستويات المبيع في محله، بغض النظر «عن الأوضاع العامة المتأزمة في البلد، ومشكلة النفايات، والفراغ الرئاسي، والشلل الحكومي»، وفق تعبيره. ويشدّد على أن «ما آلت إليه أحوال اللبنانيين من يأس وسوء أوضاع، يعود إلى السياسيين الذين هم أسوأ ما شهده عصرنا».
ويُعَدّ محل داوود الوحيد من بين المحال التي دخلتها «السفير» ووجدت فيه زبوناً، وهو شاب يهوى السهر ما يُضطره لشراء ثياب جديدة بين فترة وأخرى.
وتشير مايا القاسم بهذا الصدد إلى أن «الكوراني قد يبقى بلا أكل، انما لا يمكن ان يبقى بلا لباس جديد، ما يدفعه للشراء» وإن متأخراً، وفي اللحظات الاخيرة حتى قبيل العيد، نتيجة تراجع الاوضاع الاقتصادية وصعوبة الأحوال المادية والضغوط النفسية».
وفي حين أن غالبية المحال التجارية لم تعمد الى شراء بضائع جديدة من الثياب او الاكسسوارات وأغراض الزينة للمنازل، إلا أن رجاء نعمة وخوانيتا عازار صاحبتي محال ألبسة ولادية جديدة في الكورة تواظب كل منهما على شراء افضل الماركات العالمية، وعرضها في محلها، من منطلق ان لكل بضاعة زبائنها، والاسعار مدروسة، والتجارة تتطلب معارف لجذب القوة الشرائية.
وبما أن الطبقة الوسطى فقدت في الكورة ولم يبق إلا الفقير أو الغني، وضع وسيم سعيد وزوجته ندين في محلهما التجاري كل ما يمكن أن يطلبه الزبون من أشياء أصلية أو مقلدة، وكأن المحل «مغارة علي بابا»، حتى الشموع فيه هي لجميع الطبقات، منها الغالي الثمن ومنها الرخيص، كل ذلك ليؤمنا الاستمرارية لمحلهما في المناسبات كافة، ولاسيما أن غالبية العائلات تتقشف في شراء الكماليات، ولا يكفيها مدخولها لتسديد الفواتير والأقساط المدرسية، وشراء الأساسيات من الاحتياجات.
واللافت للانتباه أن غالبية محال الألبسة الولادية امتنعت عن بيع شمع الشعانين، إما لأنها كانت تقدّمه هدية مع الثياب وفي هذا الحال لم تعد تتمكّن من تحمّل نفقاته، إما لأن بيعه لديها يبقى جامداً في ظل تحوّل الزبائن الى شرائه من السوبر ماركات التي تعرضه بأسعار رخيصة جداً قد لا تتجاوز العشرة آلاف ليرة.