IMLebanon

بري وجنبلاط سمعا انهما أخطأا!

berri-jumblat

كتب رضوان عقيل في صحيفة “النهار”:

يقترب موعد الجلسة الـ37 لانتخاب رئيس للجمهورية الاربعاء المقبل والتي ستكون نسخة طبق الاصل عن سابقاتها، في وقت تشتد الازمات من كل حدب وصوب في مجلس الوزراء الذي لم يكن ينقصه الا الاشتباك المفتوح بين الوزيرين وائل ابو فاعور والان حكيم على خلفية “القمح المسرطن” ليعيش اللبنانيون في ظلال حكومة لا توفر لهم الحد الادنى من شروط الصحة وسلامة الخبز والاطعمة التي يتناولونها. والمفارقة ان الوزيرين المذكورين يتحدثان عن نتائج فحوص لعينات من المختبر نفسه وكل منهما يقدم ارقامه التي تخدم وجهة نظره في مشهد بعيد من لغة الارقام والعلوم التي تحولت وجهات نظر عندنا.

ولا يتوانى نائب عتيق في القول ان اكثر الوزراء تحولوا مقاولين في الحكومة ولا يتمتعون بروح المسؤولية المطلوبة ولا قدرة لرئيسها تمام سلام سوى التفرج على هذا المشهد بعدما اصبح اسيرا لهذه الحال غير المطمئنة على رغم النيات الطيبة التي تطبع معدن الرجل. وبعد كل هذا اصبح مجلس الوزراء يمر في فترة تضييع للوقت، وعلى الجميع التأقلم والتعايش مع هذا الواقع، لأن فرصة انتخاب رئيس للجمهورية لم تعد متوافرة على عكس المناخ الايجابي الذي اشاعه البعض وبسطه الامال التي اعلنت بعد ترشيح النائب سليمان فرنجية الى سدة الرئاسة وانه اصبح على قاب قوسين و”خلصت القصة” للوصول الى قصر بعبدا.

وفي ترشيح فرنجية والتبني الذي تلقاه من الرئيس سعد الحريري اولا ثم من النائب وليد جنبلاط وحصوله على تأييد ضمني من بري، وان لم يعلن الاخير هذا الامر في شكل رسمي وحاسم حفاظا على موقع كتلته وادارته لعملية الانتخاب، مع العلم انه يردد ان الجواب النهائي لكتلة “التنمية والتحرير” يكون عند حلول النصاب المطلوب في القاعة العامة… كان سياسي متابع غيور على بري وجنبلاط قد خالف تعاطي الرجلين مع فرنجية ودخول البعض في عملية “البوانتاج” وجمع الاصوات، وان الطامة الكبرى كانت لدى تصريح فرنجية انه كيف سيتنازل (للعماد ميشال عون ) وهو يملك 70 صوتا.

ولم يخف هذا السياسي تقديم ملاحظاته على مسمع بري وجنبلاط في عين التينة والمختارة، حيث صارحهما بالقول انهما اخطأا في تبني فرنجية. ولم يقل كلامه هذا من حصول اي خلاف مع ابن زغرتا الذي تربطه به صداقة، بل من باب ان الظروف غير مؤاتية لانتخابه، وان عنقود جلسة الانتخاب لن يكتمل من دون “حزب الله” اولا وعون بطبيعة الحال. ولم يكتف بجرأته المعهودة وصراحته هذه فحسب، بل انطلق من مسلمة حبه للرجلين وخاطبهما بالحرف الواحد: “انتما اكبر لاعبين محترفين على المسرح السياسي في لبنان، لكنكما لم توفقا هذه المرة”.

ويقدم دليله اليوم على اساس ان توقعاته كانت صحيحة وان طريق الرئاسة مسدودة ولا قدرة للافرقاء على الخروج من النفق سواء عند الذين يقولون ان المسألة في ايدي الخارج غير المنسجم والمختلف على قضايا عدة من اليمن الى بيروت. والمقصود هنا ايران والسعودية. ولا تستوي نظرية ان الموضوع الرئاسي محلي ويحتاج الى مباركة الخارج. وتلتقي الرؤيتان على حصيلة ان لا رئيس في المدى المنظور.

وامام هذا المشهد لم يعد اللبنانيون يكترثون لجلسات الانتخاب المتتالية والتي تجبر الرئيس بري على تحديد مواعيد لها. ويرجع تشاؤمهم الى ما يشاهدونه عند انعقاد جلسات الحكومة وتنافر اعضائها والتي رفعت شعار “المصلحة الوطنية” واوصلوها من خلال سياساتهم الى رفع شعار”الحفاظ على الحكومة” التي لم تنجح في معالجة ملف النفايات في الشوارع في الشكل المطلوب وظهرت وكأن هذا الفعل يحتاج الى توافق الدول الكبرى في المنطقة، ومع ذلك هي باقية على علاتها. ويسأل هذا السياسي الذي ينتقد فريقه وكل قوى البلد المشاركة في الحكومة ما عدا “القوات اللبنانية”: هل الزبالة تحتاج الى قرار اقليمي لرفعها من امام ابواب منازل المواطنين؟

وتكمن المشكلة عند سائر الوزراء في ان كلا منهم يتعاطى بسياسة “ربع مسؤول”، بدل ان يكون “مسؤول وربع” على طاولة مجلس الوزراء، بعدما تحولوا “شيوخ صلح” باسم القانون وتطبيقه. واصدق كلام على ذلك طريقة حل ازمة التفتيش المركزي بين رئيسه جورج عواد والمفتش المالي العام صلاح الدنف وكيف كلف سلام ابو فاعور– على اساس ان الدنف درزي- لايجاد مخرج لها “على الطريقة العشائرية”، والامر نفسه ينسحب على جهاز أمن الدولة، إذ تحول اكثر الوزراء “ديوكا على المزابل” لممارسة سياسة العنتريات. ويبقى المواطن الخاسر الاول.