يواصل رئيس مجلس إدارة كازينو لبنان، حميد كريدي، مساعيه الرامية الى إقناع جميع أعضاء مجلس الادارة بالموافقة على رفع دعوى قضائية ضد الدولة اللبنانية بهدف منعها من زيادة حصتها من الكازينو وفقا لما ينص عليه العقد. في المقابل، تقول مصادر وزارة المال انها تصر على تنفيذ بنود العقد بما في ذلك زيادة حصة الدولة في هذا العام من 50% الى 60%
ليا القزي
مشاكل كازينو لبنان تتزايد باطراد، وحالما يخرج من ازمة يدخل في أخرى. فبعد أزمة طرد 191 موظفا من عملهم، واضطرار الادارة لاعادة قسم منهم الى العمل، يشهد الكازينو سجالات حادّة في شأن زيادة حصّة الدولة من العائدات من 50% الى 60% اعتبارا من هذا العام، وفقا لما ينص عليه العقد.
تقول مصادر مطلعة ان رئيس مجلس إدارة الكازينو، حميد كريدي، يطرح رفع دعوى أمام مجلس شورى الدولة ضدّ الدولة اللبنانية، ممثلّة بوزارة المال، لتعليق تنفيذ هذا البند من العقد الموقع معها.
المعروف ان الدولة اللبنانية، في عهد الرئيس الياس الهراوي وحكومة الرئيس رفيق الحريري، منحت شركة كازينو لبنان، بموجب القانون الرقم 417 تاريخ 15-5-1995، الحق الحصري باستثمار ألعاب القمار في النادي الوحيد في المعاملتين لمدة 30 سنة. وفي مقابل هذه الحصرية (والامتيازات الاخرى الممنوحة للشركة)، حددت حصة الدولة من مجموع الدخل السنوي غير الصافي الناتج من العاب القمار بـ 30% عن السنوات العشر الأول، 40% عن السنوات العشر الثانية و50% عن السنوات العشر الأخيرة. بدأ تنفيذ العقد اعتبارا من 17-11-1996، الا ان الشركة امتنعت عن تسديد حصة الدولة من العاب Slot machines، إذ عدّتها الشركة العاب تسلية لا يشملها عقد الاستثمار. على اثر هذا الخلاف في تفسير العقد، حصلت تسوية عبر وضع ملحق للعقد يقضي بزيادة حصة الدولة من عائدات الإيرادات لتصبح 40% بدلاً من 30% ابتداءً من أول عام 2000 حتى اول عام 2006. و50% بدلاً من 40% حتى اول عام 2016. و60% بدلاً من 50% للسنوات العشر الاخيرة من العقد (حتى 2026).
ينطلق كريدي في اعتراضه على تنفيذ هذا البند من العقد من أنّ الدولة لا تُطبق بنود العقد لجهة حصرية ألعاب القمار، اذ ان «عدد ماكينات الألعاب في الكازينو يبلغ 600 ماكينة، فيما هناك آلاف الآلات المنتشرة في لبنان». تقول مصادر في مجلس الإدارة: “بما أنّ الدولة أخلّت ببنود العقد، فإما أن تُعدل بنوده وإما أن تُقفل محلات القمار لتعود الحصرية إلى الكازينو”.
ليست المرّة الاولى التي تحاول ادارة الكازينو تعديل بنود العقد المتصلة بحصة الدولة. ففي العام الماضي، كان كريدي ينوي الإمتناع عن تسديد المستحقات إلى وزارة المال، مقترحاً تعديل عقد الامتياز. إلا أن أعضاء مجلس الإدارة لم يؤيدوه في خطوته. يبدو أنّ الوضع تبدل هذه المرّة، فـ «العمل جارٍ من أجل الحصول على موافقة الجميع، وخاصة أن كريدي يريد أن تأتي الموافقة على رفع الدعوى ضد الدولة بالاجماع. كي يتحمل الجميع المسؤولية معه».
تشرح المصادر أن «ما نقوم به هو التصويت على أمر أساسي ويرتبط بمستقبل الكازينو الذي سيُصبح بعد عشر سنوات ملكاً للدولة اللبنانية». وتلجأ المصادر إلى الأرقام من أجل تبرير خطوتها: «الكازينو بحاجة إلى أن يجني في الليلة الواحدة 170 مليون ليرة كي لا يخسر. وهناك 83 مليون دولار في السنة معاشات للموظفين، بينما يبلغ الاحتياط الذي يملكه الكازينو نحو 130 مليون دولار، لذلك ستتسبب زيادة حصة الدولة الى 60% بخسائر للكازينو. بلّش يدقّ الخطر».
بعد إنتهاء عهد الرئيس ميشال سليمان (رئيس الجمهورية يُعين رئيس مجلس إدارة الكازينو)، بات كريدي بلا مظلّة سياسية. كلّ القوى السياسية استغلّت هذا الأمر من أجل تعزيز نفوذها داخل الكازينو. تستبعد المصادر أن يكون كريدي «قد اتخذ قراره من دون التنسيق مع رئيس الحكومة تمام سلام وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة». فالمعروف أنّ «ضمانة» كريدي تُؤمنها صداقته بسلام و«رضى» سلامة عنه، علما ان شركة «إنترا»، التي تملك 53.8 في المئة من أسهم الكازينو، يرأسها محمد شعيب، المحسوب على الرئيس نبيه بري، و«لا تبدو انترا بعيدة عن أجواء الدعوى القضائية»، على الرغم من أن وزير المال علي حسن خليل، الذي يمثل الخصم، ينتمي إلى حركة أمل. يتسلّح كريدي في مسعاه لرفع الدعوى ضد الدولة بـ«الدراسة التي أجرتها شركة ديلويت آند توش لتقويم الموظفين، كما أنه مرتاح لأن لا أحد قادر على إقالته طالما أنه لم يُنتخب رئيس جديد للجمهورية».
من جهة أخرى، جمع كريدي منذ شهر تقريباً اعضاء مجلسي نقابتي الموظفين وألعاب الميسر بحضور المساهمين، وقال أمامهم أنه «لن يُطرد أي موظف. الموجة السابقة انتهت. هدفنا هو العمل من أجل الحفاظ على ما نملك من أموال وتحسين وضع الكازينو مع إعتماد سياسة التوفير في النفقات»، إضافةً إلى تعليق «الترقيات في الفترة المقبلة ولن يكون هناك وظائف جديدة ولا زيادة على الأجر». وبرر أمامهم رفع الدعوى القضائية بهدف «إعطاء الأموال التي لدينا للموظف لا للدولة».
مصادر مطلعة على الملّف في وزارة المال تقول إنّه «لا فكرة لدينا عن دعوى قضائية ولكن لا نيّة في تعديل بنود الامتياز أو إلغاء نسبة زيادة عشرة بالمئة على حصة الدولة». تقول هذه المصادر ان “ظروف الحرب الأهلية أجبرت الكازينو على إقفال أبوابه سنوات عدة، حتى عام 1996. خطوة كريدي هذه المرّة قد تؤدي إلى الأمر نفسه».