كتبت ليا القزي في صحيفة “الأخبار”:
لكلام عن احتمال تأجيل الانتخابات البلدية لا يتردد صداه في البلدات. في جبيل، بدأ البحث عن الأسماء التي قد تترشح وعن شكل اللوائح. أبرز معارك القضاء في مدينة جبيل، حيث يترشح للمرّة الثانية رئيس البلدية زياد حواط، حليف القوات اللبنانية. ورغم اطمئنانه إلى حسمه المعركة، تنتشر أحاديث عن إمكانية تأليف لائحة ثانية يدعمها التيار الوطني الحر يكون رئيسها جوزف الشامي.
“العُرف” في مدينة جبيل أنه كل يوم أربعاء، “يداوم” رئيس البلدية زياد حواط في مقر المجلس البلدي. هو النهار الوحيد الثابت الذي يستغلّه السكان لتسيير معاملاتهم ولقاء الشاب الأربعيني. لذلك، يُفضل أن تكون المقابلة معه في مكتبه الخاص: بيت العقد القديم. “جبيل أحلى” ليس مجرد شعار بالنسبة إليه، والدليل ما ينقله حواط عن رئيس الحكومة تمام سلام: “إذا بدّها مرتي تعمل مشوار بتقللي يا تمام خدني عا جبيل”.
الرجل فخور بأنّ مدينته “أصبحت في مركز عالمي، وهي عاصمة للسياحة العربية”. علماً بأنه ليس هو “من اخترعها، ولكن نحن أظهرنا مفاتنها. حين أتى فريق من الشباب حققنا نموذجاً إنمائياً ناجحاً”. انطلاقاً من هنا، يستعد حواط وفريق عمله لخوض الانتخابات البلدية المقبلة في أيار. يبدو واثقاً من الفوز، فيقول بهدوء: “إنشالله يصير في معركة بجبيل”، موحياً أن ميزان القوى يميل إلى مصلحته، في ظل عدم بروز أي مرشح جدي لمواجهته. علماً بأنّ في مدينة جبيل مرشحين دائمين: رئيس مستشفى سيدة ماريتيم وابن عمّة حواط الدكتور جوزف الشامي والوزير ورئيس البلدية السابق جان لوي قرداحي. يُعول التيار الوطني الحر على الشامي من أجل خوض المعركة، خاصة أنه وحواط يتقاسمان بعض القاعدة الشعبية، إلا أنّ مصادر على صلة برئيس البلدية تعتبر هذا الأمر “تكتيكاً من العونيين بهدف رفع أسهمهم في المفاوضات على الحصص”، مؤكدة العلاقة “الجيدة بين حواط والشامي اللذين التقيا منذ فترة”. أما قرداحي، فيُعَدّ “أكثر المعارضين للنهج الحالي والأهالي يعتبرونه ملجأهم”، كما يدّعي مقربون منه. يلجأ هؤلاء إلى المقارنة بين العهدين من أجل إثبات “فشل” حواط في مهماته: “في الحقبة التي تسلّم فيها قرداحي (ترأس البلدية بين العامين 2004 و2007. لم يكن المجلس متعاوناً وكان قراره مكبلاً)، أنشأنا المساحات العامة من أجل أن يتنفس الناس، حالياً لا يُمكن السير بسبب انتشار المطاعم والمقاهي في الأسواق القديمة. لا يوجد حمام عام واحد في المدينة. المواقف العامة تُحول إلى مواقف خاصة. والمبنى البلدي الجديد يجري بناؤه عند مدخل المدينة على الأوتوستراد”. أما كلّ ما يُحكى عن التنمية، فهو “كلام فارغ. الناس بالأسواق عم تبكي”. جُلّ ما يبرع به حواط هو “التسويق الذي لا ينسجم مع واقع الحال في المدينة”. لماذا لا يوجد معارضة حقيقية؟ “لأن الناس يخافون من المواجهة، خاصة أن زياد قادر على عرقلة مصالحهم”. ولكن، لا يبدو أن طريق قرداحي مُعبّدة بالورود، فهو أولاً لم يحسم قراره بخوض المعركة، وثانياً عائلته غير موحدة حوله. هناك “إمكانية أن تتوحد عائلة قرداحي، ولكن بطريقة فعالة. فقد آن الأوان لأن يكون هناك مرشح جامع وتقبل به عدّة قوى في المدينة”، استناداً إلى مصدر “قرداحيّ” ذي وزن سياسي. حتى الساعة “لم يُحسم القرار. لا نريد أن نُعلن معارك مجانية”.
يُستفز حواط من اتهامه بالتقصير إنمائياً، “خليني عدّدلك المشاريع: حديقة ومواقف عامة، تأمين أرض مساحتها 7 آلاف متر من أجل تشييد قصر بلدي (سيُفتتح في 6 نيسان)، مجمَّع رياضي موّله كارلوس سليم، تأهيل وترميم واجهات سوق جبيل، ترقيم الشوارع وتسميتها، تأمين سيارة كهربائية لنقل السياح، وضع خطة سير لجبيل، وضع مخططات تنفيذ التلفريك من جبيل وصولاً إلى عنايا مروراً بتعنايل، تحسين حركة المطاعم ومدخول الناس، خلقنا بيئة نظيفة وحافظنا على الآثارات”. كلّ هذه المشاريع “موّلتها المصارف”.
يأخذ الفريق المعارض لحواط عليه أنه “استفاد من نفوذ الرئيس السابق ميشال سليمان (شقيق حواط صهر سليمان) وها هو يتنكر اليوم له، معتبراً أنّ أي علاقة تربطه به تُخسّره”. كذلك يُعَدّ “ممثل تيار المستقبل في جبيل، وفي الوقت نفسه يُخبر الناس أن الكتائب والقوات اللبنانية في جيبه”. ابن الخلفية الكُتلوية، ينفي ذلك: “لا أمثل إلا نفسي”. هناك علاقة “صداقة مع القوات بدأت بعد الانتخابات البلدية عام 2010 والتحالف مع قيادتها ثابت. سمير جعجع بيرفع الراس وبتنحط الإيد بإيدو”. بالنسبة إلى حزب الكتائب “الشيخ سامي (الجميّل) صديق وعلاقتي به أكثر من ممتازة”، كذلك بالنسبة إلى تيار المستقبل، إذ يُعدّ أحمد الحريري صديق “ريّس جبيل”. أما التيار الوطني الحر، فبعد أن “أتى الجنرال (ميشال عون) إلى جبيل ليحاربني، نشأت علاقة احترام بيننا”. وميشال سليمان؟ “أفتخر بقربي منه. أنا أُسخّر كل علاقاتي لمصلحة جبيل”. لذلك الهدف هو “إكمال المشروع الذي بدأناه قبل ست سنوات وأطلب من الجميع أن يكون مشاركاً فيه”.
صحيح أن القوات “أبلغت زياد أنه مرشحها”، كما تقول المصادر العونية، “لكن قد يُبدلون رأيهم لضرورات التحالف”. المفاوضات يُجريها عن التيار منسقه طوني أبي يونس وعن القوات المنسق شربل أبي عقل. أما المرجعية السياسية للفريقين فتتمثل في النائب سيمون أبي رميا والوزير السابق طوني كرم. يتواصل الفريقان، تقريباً، في قرى القضاء الـ39. أبرز البلدات التي ستخاض فيها معارك، وفق المعلومات المتقاطعة من مكونات القضاء، هي:
ــ نهر إبراهيم: سيخوض التيار العوني، “وهو الأقوى عدديا ويُحدد خيارات القرية”، معركة ضدّ رئيس البلدية طوني مطر وقد يُرشح بسام صليبا.
ــ حالات: في البلدة نفوذ لرئيس مجلس إدارة امتياز كهرباء جبيل إيلي باسيل، الذي سيدعم لائحة لم يظهر “حصان طروادتها” بعد، مقابل نائب الرئيس الحالي جهاد ضو “الذي من المتوقع أن يثمر التوافق القواتي ــ العوني اتفاقاً على ترشيحه. ولكن حتى الساعة الاثنان يفاوضان التيار”.
ــ عمشيت: على الرغم من العلاقة السيئة بين الرئيس السابق للجمهورية ميشال سليمان والرئيس الحالي طوني عيسى، إلا أن المعركة “شبه محسومة لمصلحة” الأخير، والحديث يدور عن إمكانية ترشّح كل من الرئيس السابق لإقليم جبيل الكتائبي روكز زغيب وروميو غاريوس.
ــ قرطبا: هي “قلعة” النائب السابق فارس سعيد. هناك محاولات لخرقه من قبل التحالف القواتي ــ العوني، خاصة بعد تنظيم عشاء مشترك تكللت خلاله “الصلحة”، إلا أن مصادر سعيد تؤكد أنه والقوات واحد.
ــ العاقورة: هناك معركة بين أحد المرشحين عن آل الهاشم الذين “يُطالبون بالرئاسة لمدة ثلاث سنوات” وبين “الأهالي” الذين سيترشح عنهم منسق الموارد البشرية في التيار الوطني الحر شادي كريدي، مع طرح اسم منصور وهبة.
ــ بجة: من المتوقع أن يترشح الكتائبي رستم صعيبي الذي سيواجه معارضة من التيار. هناك أسماء عدة تطرح: أكرم خوري، رياض خليفة وجوزف الحاج.
ــ إهمج: لا معركة في مسقط رأس أبي رميا، سيفوز بالرئاسة من جديد نزيه بو سمعان.
ــ ترتج: أما في أكبر بلدات الجرد الشمالي، فسيكون هناك معركة بين المقرب من القوات، أحد وجهاء البلدة نجيب خوري والنائب السابق إميل نوفل، حيث يُحكى عن دعم كلّ منهما لائحة.