كتبت ثريا شاهين في صحيفة “المستقبل”:
تكتسب زيارة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون لبيروت يوم الجمعة المقبل أهمية خاصة في اطار إبراز الاهتمام الدولي بلبنان، الذي شغل الوضع فيه مجلس الأمن الدولي والمنظمة الدولية على مدى السنوات السابقة. وحصل اهتمام كبير من المنظمة بأوضاعه لا سيما في الحفاظ على استقراره، وهذا الاهتمام لا يزال قائماً.
وزيارة الأمين العام للبنان ستكون الثانية والأخيرة له قبل ترك منصبه، إذ ستنتهي ولايته في كانون الأول المقبل وستجرى انتخابات لاختيار خلف له في تشرين الأول المقبل. وأول مرة زار فيها لبنان في عام 2012. ويرافقه في زيارته رئيس البنك الدولي جيم يونغ كيم. فالشخصيتان كوريتان وأرادتا فعل شيء في دول المنطقة لا سيما بالنسبة إلى فكرة الربط بين التمويل للتنمية، والحفاظ على الاستقرار في اطار مستلزمات الأمن والسلم الدوليين التي تعمل الأمم المتحدة من أجلهما.
وتفيد مصادر ديبلوماسية في نيويورك أنّ لبنان هو على جدول أعمال مجلس الأمن، الذي يجري مراجعات دورية حول أوضاعه لا سيما من خلال التقارير حول تنفيذ القرار 1701. فضلاً عن أنّ قوات الأمم المتحدة موجودة لديه لحفظ الاستقرار. فهناك “اليونيفيل” في الجنوب، ولجنة الهدنة التابعة للأمم المتحدة “الاندسو” بين لبنان وإسرائيل، فضلاً عن القوة الدولية الموجودة عند أطراف مزارع شبعا، “الاندوف”.
والبحث بالتالي، سيتركز على دور هذه القوات في حفظ الأمن والسلم الدوليين، والرغبة الدولية في التمديد لها باستمرار إلى حين وجود حلول نهائية. وسيشدد على اهمية تطبيق القرار 1701 والالتزام بوقف الاعمال العدائية وضرورة استكمال تنفيذ القرار من أجل وقف النار تمهيداً لتطبيق كافة مندرجاته.
وأكدت المصادر أنّ كي مون سيبحث موضوع الاستحقاق الرئاسي، وسيدعو مجلس النواب إلى عقد جلسة لانتخاب رئيس جديد، وسيتحدث عن انه لا بد من ان تتحمّل كافة الأطراف اللبنانية مسؤولياتها والعمل في هذا الاتجاه في أقرب وقت، وإنهاء الفراغ الرئاسي.
ومن بين النقاط التي سيستطلعها الأمين العام في بيروت الوضع السياسي العام، والتحديات الأمنية التي تواجه لبنان، نتيجة هذا الوضع، ونتيجة الأوضاع المحيطة به. وسيركز على اهمية الحفاظ على الاستقرار قائماً في البلاد ومن ضمن ذلك الاستقرار في الجنوب.
وأفادت المصادر أنّ البحث سيتركز أيضاً على بناء قدرات الجيش اللبناني وضرورة دعمه لأنه يشكل الركن الأساسي للاستقرار وسيثني على التعاون الذي يبديه الجيش مع “اليونيفيل” لتأمين جو هادئ في الجنوب. ولعل الناحية الأبرز في زيارته، غير الناحية السياسية، هي متابعة الوضع الأمني، حيث يتركز البحث على كيفية تعزيز الأمن بالاقتصاد أي التنمية، ودعم الدولة في مواجهة التحديات الملقاة على عاتقها. وسيتناول كي مون مع المسؤولين اللبنانيين انعكاسات الأزمة السورية على الأوضاع اللبنانية، أي انه لن يتحدث بهذه الأزمة كأزمة، إنّما في موضوع اللاجئين السوريين في لبنان، إذ سيعبّر عن دعم الأمم المتحدة للدول المضيفة لهؤلاء، حيث ان موضوع القروض الميسرة مطروح على هذه الدول.
هناك آلية تمويل جرى الاعداد لها في اجتماع سابق، والآن يتم السعي لإنجازه في الرياض. وهي تهدف الى مساعدة المجتمعات المضيفة للاجئين، عبر تعزيز السبل للحصول على التمويل، وتعزيز قدرات هذه الدول على تحمل اعباء اللاجئين. ولن يصار خلال الزيارة الى البحث بالالتزامات المالية المحددة، لأن ذلك حصل في مؤتمر لندن. انما الهدف ان يتم الربط بين التمويل للتنمية والحفاظ على الاستقرار، وتعزيز الأمن بالاقتصاد. كما سيبحث التحضيرات للقمة العالمية الإنسانية التي ستنعقد في أيار المقبل في اسطنبول.
ولن يتطرق الحديث الى العلاقات اللبنانية الخليجية، لأن ليس للأمين العام أي دور في التسوية، انما تقع التسوية على عاتق الجانب اللبناني، بحسب المصادر، انطلاقاً من ان جهة ما هي المسؤولة عن التصعيد، ومقتضيات اعادة ترتيب العلاقات. وهذه العلاقات تحتاج الى جهود قوية لعودة الامور الى مجراها.
وسيسمع كي مون من المسؤولين اللبنانيين احترام لبنان للقرارات الدولية، وضرورة مساعدته للتمكن من تحمّل اعباء اللجوء السوري إليه، وترحيبه بأي جهد دولي للتوصل الى تسوية سياسية في سوريا، وان لبنان ممتن للمنظمة على جهودها للحفاظ على الاستقرار فيه، وللدور الذي تقوم به “اليونيفيل” في الجنوب.
وتأتي الزيارة للبنان في اطار جولة تشمل عدداً من دول المنطقة لاستطلاع تطوراتها السياسية.