رسلان منصور
يترنح القطاع الزراعي برمته تحت أثقال الأزمات المتوالية، فيترنح بين الأزمات، مبعثها إما عوامل مناخية أو بحت اقتصادية مرتبطة بالواقع الزراعي العام وغياب الخطط والارشاد ودراسة حاجات السوق المحلية، والمنافسة والاغراق وغيرها.
رغم ذلك يحاول المزارعون لملمة أوضاعهم بالانتقال من زراعة الى أخرى لمواجهة تداعيات هذه الأزمات، والحد من نتائج الافلاس والديون المتراكمة والشيكات والاحتكار والمنافسة، حيث ظنّ البعض منهم أن زراعة الفريز كمادة ازداد عليها الطلب في السنوات الأخيرة تسهم في انقاذهم، لكن وجدوا أنفسهم أنهم واقعون تحت نفس المصائب، التي عانوا منها في زراعات الكرمة والبطاطا والقمح وغيرها..
اليوم ترتفع صرخات مزارعي الفريز جراء واقعهم المرير والانخفاض المريع في سعر «الشلحة» الى ما دون الألفي ليرة، ذلك أن الاغراق من الخارج وعبر الحدود يكاد لا يتوقف، وتقدر أوساطهم أنه يدخل الى سوق لبنان الشمالي وعكار ما يقارب المئتي طن من الفريز السوري وحده، ما يؤدي الى صعوبة تصريف انتاجهم، داعين وزارة الزراعة والاقتصاد والجمارك وغيرها من الهيئات المعنية حماية الانتاج المحلي ومراقبة الحدود من المضاربة الخارجية غير الشرعية.
لا يتوقف المزارعون عن وصف حالتهم بالمأسوية ، وهم يعددون ضمن لائحة طويلة حجم الخسائر الكبرى بدءاً من كلفة اليد العاملة وأسعار الأسمدة والأدوية والمضاربات في هذه السوق بالذات وغياب الرقابة عنها، انتقالاً الى الري والسمسرات والتسويق وكلفة التعبئة والتصنيف وغيرها من التقنيات المتعلقة بهذه الزراعة تحديداً والتي تتطلب عناية كبيرة، اضافة الى التهريب الذي هو العامل المرهق والأساسي في كل هذه الزراعة، وهو ما يؤدي الى خسائر فادحة.
ويؤكد المزارع محمد نصر العلي «أبو النصر «أكد ان المشاكل تتراكم وهي تزداد سوءاً على سوء في كل عام، فبدل من أن نخفف من حدة الأزمات نراها تزداد، لعله قدر المزارع العكاري أن يرضخ تحت نير الازمات، سواء تلك التي تمن علينا بها الطبيعة من صقيع أحياناً وحريق في أحيان أخرى، ومن غبار الى ثلوج كل ذلك يؤثر على الانتاج ونوعيته وجودته، وبالتالي يحاول البعض التخلص من هذه الأزمات بالاقلاع عن الزراعة تارة، أو بوضع أرضه كضمان لدى الآخرين كي لا يخسر، وغيرها من المشاكل. ويضيف «رغم ذلك نجد أن زراعة الفريز الموعودة بدأت تتراجع، وتتراجع بالتالي المساحات المزروعة الى نحو مئة وخمسين هكتاراً بدل الثلاثمئة وعشرون».
وأضاف «المشكلة الأخطر هي في نفاذ الفريز السوري عبر الحدود الى السوق المحلية من دون رادع ووازع، فأين اجراءات الحماية وأين الروزنامة الزراعية التي يتحدثون عنها. أكثر من ذلك لم ينقطع الفريز من السوق اللبنانية هذا العام بل كنت تجد بسطة هنا وهناك وتبيعه، من أين هذه الكميات، ونحن لم ينضج موسمنا بعد ..عدا ذلك تراهن على سعر لكن كثرة العرض يعطيك سعراً آخر، فتضطر للبيع والتصريف، اليوم يصل سعر الكيلو الى ألف ليرة والشلحة بثلاثة آلاف بدل الستة آلاف أي دون سعر التكلفة .. أدعو الدولة للتحرك فوراً واتخاذ التدابير والا فلنا الشارع كغيرنا، أقله نحن ننتج ونستطيع أن نرتقي بالاقتصاد، في الوقت الذي يخرب غيرنا، ونحن نرفع الصوت رفضاً لهذه السياسة الزراعية التي بدأت نتائجها وارهاصاتها تظهر منذ عقدين من الزمن».
اما المزارع عبدالله محمد فياض من بلدة تل اندي، فقال «مفخرة الزراعة اللبنانية كالفريز والموز والبطاطا والتفاح الى انهيار كبير، ماذا تفعل الحكومات والوزرات كي تحمي انتاجنا الوطني، لا شيء. الفريز السوري يدخل عبر كل القنوات، هم ينتجون بمئات آلاف الأطنان ونحن بكميات أقل بكثير، فلماذا لا تتخذ التدابير لمواجهة هذا الزحف الى أسواقنا .. كنا نصدر الفريز الى الدول الخليجية والافريقية، لكننا اليوم أصبحنا بلداً يهرب اليه ويغرق مزارعوه تحت كاهل الأزمات يحارون ويبحثون عن مخارج لتصريف انتاجهم في اسواقهم، وأؤكد أن بعض الانتاج يذهب الى سوق طرابلس ويرمى في نهر أبو علي لأنه يتلف ولا يباع«.
إنها صرخة نرفعها الى الجميع أن ارحموا زراعاتنا واحموا مزارعينا، احموا ما تبقى لكم من شرف ومن رجال ومن اقتصاد، والا فالدمار والخراب سيلحق بكل شيء في هذا البلد.