IMLebanon

«الصندوق التعاضدي»: المصارف الكبرى تنتظر ضمانات

BanksAssociation3
هلا صغبيني

عقد العمل الجماعي الذي توصل اليه اتحاد نقابات موظفي المصارف في لبنان وجمعية المصارف لعامي 2013- 2014، والذي يطالب الاتحاد بتجديده بعد مضي عام على انتهائه، كرّس تفعيل عمل الصندوق التعاضدي لموظفي المصارف الذي يؤمن استمرارية استشفائية للموظفين بعد بلوغهم سن التقاعد.

هذا الصندوق كان انشئ بقرار من وزارة الزراعة صادر في الجريدة الرسمية في 13\8\2009 ، وحددت مدته لخمسين عاما. وبحسب نص القرار، فهو يهدف الى التعويض عن نتائج الاحداث والاخطار التي تصيب الاعضاء سواء في شخصهم او في ملكهم او في استثماراتهم، والتعويض عن الوفاة والمرض والحوادث الجسدية، ومساعدة الاعضاء في حالات الزواج والولادة ونهاية الخدمة، وتشجيع التعليم والتخصص في كل فروعه والمساعدات والمنح والقروض لهذه الغاية للاعضاء ولعائلاتهم فقط.

لكن الى اليوم، لا تزال اعداد المنتسبين اليه قليلة (نحو 4 الاف) من اصل العدد الاجمالي لموظفي المصارف (نحو 23 الفا). فيما عدد المصارف الداخلة فيه، تبلغ نحو 16 مصرفا (مصارف صغيرة) من اصل 69 مصرفا. فلماذا تأخر لعب الصندوق دوره بعد مضي نحو سبع سنوات على اقرار انشائه؟ ولماذا تتأخر المصارف في تنسيب موظفيها اذا كانت تكلفة التنسيب أقل عليها مقارنة مع اعتمادها على شركات تأمين كما تظهره الدراسات؟ ومن يضمن شفافية الصندوق واستمراريته؟ ومن سيحرص على استقلاليته في المستقبل؟ كيف ستدار امواله؟ وهل سيدار بطريقة سليمة ام سيعاني ما يعانيه اليوم صندوق الضمان من عجز في فرعي المرض والأمومة والتعويضات العائلية والذي تجري تغطيته بسحوبات من أموال تعويضات نهاية الخدمة؟

تساؤلات حملتها «المستقبل» الى الجهات المعنية. لكن لابد من الاشارة اولا الى ان المادة 49 من عقد العمل الجماعي حددت نظام استشفاء الموظفين بعد التقاعد كالآتي: «تلتزم المصارف مباشرة بعد توقيع عقد العمل الجماعي 2013- 2014، أن تؤمن للموظفين العاملين لديها حق الاستمرارية الاستشفائية فيستفيدون بعد سن التقاعد من تغطية شركة تأمين أو صندوق تعاضد الموظفين للاستشفاء من الدرجة الثانية، على أن يتحمل الموظف تكلفة هذه التغطية وأن يمارس هذا الحق كحدّ أقصى خلال فترة تسعين يوماً من تركه العمل«.

يقول رئيس اللجنة الاجتماعية في جمعية المصارف تنال الصباح لـ»المستقبل» «لا خلاف على مبدأ تأمين حق الاستمرارية الاستشفائية للموظفين بعد بلوغهم سن التقاعد، علما ان المصارف ليست ملزمة تنسيبهم الى الصندوق، وهو ما اشارت اليه المادة 49 بصراحة«، «نحن نرى ان الصندوق يحتاج الى شفافية وحوكمة افضل، وهذان مبدأ ان اساسيان لتقتنع المصارف بالدخول في مثل هذا الاستثمار، ولا نزال ننتظر دراسة خاصة في هذا الشأن»، يضيف.

«ان الضمانات التي تطالب بها الجمعية محقة»، يرد رئيس اتحاد موظفي المصارف في لبنان ورئيس مجلس ادارة الصندوق، جورج حاج في تصريح لـ»المستقبل»، «سيما وان الصندوق يتوقع ان يضم نحو 23 الف موظف. وبالتالي، فان المصارف تريد ان تتأكد من ان الصندوق يدار بطريقة حكيمة. وهو الغرض من قرار مجلس ادارة الصندوق الاستعانة بالخبير الاكتواري بيار شدياق لوضع خطة لتدعيم الصندوق والتي كان من ضمن اقتراحاته الاستعانة بشركة رايس ووتر هاوس للتدقيق. وهذا ما حصل». ويضيف حاج «ان جمعية المصارف طلبت اطارا زمنيا لتنفيذ بنود هذه الخطة، وهو امر سينجز قريبا، واعتقد ان الجمعية ستوافق عليها».

ولفت الى ان لقاء موسعا سيعقد اليوم في غرفة التجارة والصناعة والزراعة في بيروت لشرح تفاصيل ايجابيات هذا الصندوق وطريقة ادارته، حيث ستكون هناك مداخلة لشدياق والمشرف على نظام الاستشفاء لمتقاعدي الصندوق روجيه بجاني.

رئيس نقابة موظفي المصارف في لبنان أسد خوري، أوضح من جهته لـ»المستقبل» ان جمعية المصارف طلبت وجود دراسة خاصة بحوكمة الصندوق، وان يكون محددا لشراء حق الاستشفاء بعد سن التقاعد، وان يتمتع اعضاء مجلس ادارته الجديد الذي سينتخب في ايار المقبل، وفق ما كشفت مصادر لـ»المستقبل»، بمواصفات محددة.

«مشارواتنا مع اللجنة الاجتماعية في جمعية المصارف تتقدم، وهناك تعميم صدر من الجمعية الى المصارف بالتعاطي الايجابي مع الصندوق الذي لا يبغي الربح والمعفى من 11 في المئة من الضريبة»، قال خوري، و»قد نسّب 16 مصرفا موظفيه الى اليوم، ونتفهم موقف المصارف التي تملك شركات تأمين والتي تؤمن هذه الخدمة لموظفيها».

بجاني

وبما ان اليات تشغيل هذا الصندوق وكيفية ادارته لم تكن موجودة بعد قرار وزارة الزراعة عام 2009، فقد تمت الاستعانة بشركة «سينيور برفورم» لوضع هيكلية هذا الصندوق وفق ما سمح به قانون انشاء صناديق التعاضد، كما قال عضو مجلس ادارة الشركة روجيه بجاني لـ»المستقبل». «في اواخر عام 2011 ، عرضتُ على الصندوق التعاضدي لموظفي المصارف في لبنان اقتراح هيكلية معينة لتأمين نظام الاستشفاء والطبابة للمتقاعدين من موظفي المصارف. وبات الصندوق فاعلا في ايار 2012، حيث بدأت الشركة بالقيام بالاعمال التشغيلية. ومنذ ذلك الحين، بدأ المصرف تلو الاخر المصارف يدخل الى الصندوق بمعنى انه راح ينسب موظفيه (يدفع عن الموظف لاستشفاء درجة ثانية 63 دولارا في السنة و117 دولارا للدرجة الاولى)، الى ان وصل عدد المصارف نحو 16 مصرفا. وهكذا بات يحق للموظف المتقاعد المنتسب الى الصندوق، الحصول على ما يعرف بـ senior care اي التأمين الصحي الذي يسمح له بدخول المستشفيات من دون اي مقابل».

واوضح بجاني ان اتحاد نقابات موظفي المصارف استعانت بخبير اكتواري بعدما ارادت جمعية المصارف التأكد من ان الصندوق يدار بطريقة سليمة، وان هناك ادارة رشيدة يقوم بها مجلس ادارته او الجمعية العمومية. «ومن ابرز ما جاء في خطة الخبير الاكتواري والتي يتوقع انجازها في غضون سنتين، الاستعانة بشركة «برايس ووتر هاوس» للتدقيق، علما انه ليس مفروضا على الصندوق الاستعانة بشركة تدقيق لان لديه لجنة رقابة مؤلفة من ثلاثة اشخاص. كذلك تمت الاستعانة بشركة اكتوارية، وهو امر يعكس الشفافية في ادارة الصندوق».

ويتوقع بجاني ان يتم جمع اموال بقيمة 350 مليون دولار في 25 سنة، وهي اموال توضع في حساب خاص يسمى «حساب الاحتياط الاجباري»، يمكن استخدامها في شراء سندات خزينة او تملك ابنية جاهزة كائنة في لبنان، او من خلال قروض للمؤسسات الرسمية والبلديات ومصرف الاسكان او مصارف او مؤسسات او مشاريع اخرى بكفالة الدولة، وذلك بعد موافقة الجمعية العمومية.

ويؤكد بجاني ان تركيبة الصندوق تمنعه من ان يقع في عجز مالي او افلاس، اذ انه متعاقد مع شركة اعادة تأمين تتكفل باي عجز ممكن ان يقع فيه. ويمكن استثمار هذه الاموال اما بشراء عقارات جاهزة او الاكتتاب في سندات خزينة.

ويرى بجاني اخيرا ان الصندوق التعاضدي «سيشكل سابقة في تاريخ صناديق التعاضد لانه متخصص في مجال الشيخوخة«. ويؤكد ان هذا النموذج سيعمم في قطاعات مهنية اخرى، ما يؤدي الى توفير كرامة الانسان ورفاهيته.