Site icon IMLebanon

هل صحيح أن الاستحقاق الرئاسي في مهبّ الريح؟  

baabda-residence

 

 

كتبت ألين فرح في صحيفة “النهار”:

يتكشف يوماً بعد يوم أن خلط الأوراق في فريق 14 آذار، كما في فريق 8 آذار، كان يهدف بطريقة أو بأخرى الى اقتناص الاستحقاق الرئاسي، لكنه أصبح عاملاً معقداً له بدليل الاصطفاف الجديد في المكوّن المسيحي بعد اتفاق معراب وتبعثر فريق 14 آذار في كل اتجاه كردّ فعل أولي على هذا الاتفاق. وفي الوقت عينه يتأكد ان الصراع، الخفي منه والمعلن، بين “التيار الوطني الحر” والرئيس نبيه برّي وفريقه الوزاري والنيابي هو أيضاً من عوامل اللااستقرار السياسي الذي من شأنه أن يئد الاستحقاق.

يكفي النظر الى خلفيات المواقف المستجدة كي يتبيّن ان الاستحقاق الرئاسي ليس كما يشتهيه البعض في متناول اليد في جلسة 23 آذار أو في نيسان حتى إشعار آخر، كما تقول مصادر سياسية، وذلك للأسباب الآتية:

أولاً، عدم توافر النصاب في مجلس النواب لانتخاب الرئيس بعد تبنّي الرئيس سعد الحريري ترشيح النائب سليمان فرنجية أو بعد اتفاق معراب.

ثانياً، عدم توافر النصاب السياسي لجلسة الانتخاب ما دام أفرقاء 8 آذار، على تبعثرهم، لن يؤمّنوا نصاباً عددياً في الجلسة يخرجون فيه على “حزب الله” و”التيار الوطني”.

يكفي أن نتبيّن مواقف فرنجية العلنية والقطعية أنه لن ينزل الى مجلس النواب ما لم يحضر نواب “حزب الله”.

ثالثاً، مسألة الميثاقية التي فرضها اتفاق معراب والذي راكم الحيثية الأقوى للعماد ميشال عون في مكوّنه المسيحي بأن اضاف اليها حيثية “القوات اللبنانية” الوازنة أصلاً، بحيث أصبح عون الرقم الأصعب في ارساء الحكم الميثاقي.

رابعاً، من المعلوم أن النواب القوميين أو البعثيين، الذين يدورون في فلك الرئيس برّي لهم أيضاً تحفظاتهم بالنسبة الى أي مقاربة للاستحقاق قد تستهدف “الحزب” و”التيار” معاً.

خامساً، استدراك الحريري واقع الازمة الرئاسية بتبنّي ترشيح فرنجية، ولكن من دون تسجيل أي خرق في هذا المجال عبر إحراج الحزب وإخراجه، وبالتالي ذهابه الى خيارات أخرى لوّح بها وأوحى بها كما أوحى الرئيس برّي، وتبدّت ملامحها في زيارة قيادة الجيش والبدء بالخروج عن حلقة الأربعة الأقوياء بحسب مفهوم ورقة بكركي، ما من شأنه ايضاً أن يعقّد الاستحقاق ما دام الأمر يتطلب حكماً توافق الأربعة الأقوياء على اسم المرشح البديل من الأصيل المستحق ميثاقياً، الأمر الذي لن يحصل أقله في المستقبل المنظور.

سادساً، اقليمياً، إن انسحاب القوات الجوية الروسية من سوريا اياً كان حجمه أو نوعيته، لن يكون له أي أثر على الحرب التي يخوضها النظام السوري مع حلفائه ضد “داعش” و”النصرة” والتنظيمات الارهابية الاخرى، أو على الاستحقاقات التي رسمها النظام وأوّلها الانتخابات النيابية في نيسان. يضاف الى ذلك ان “حزب الله” دخل قبل روسيا ولن يخرج بخروجها من الميدان الحيوي الذي وصّفه السيد حسن نصرالله.

في ضوء الترابط المؤكد والذي لا يحتاج الى أي استبيان بين الحرب في سوريا ومآل الهدنة وخريطة السلام المنشود في فيينا وجنيف، لا يمكن عاقلاً أن يتصور خروج لبنان من دائرة الارتدادات قبل أن يستقرّ الصراع في المنطقة بين إيران والخليج، وتحديداً في سوريا بين النظام وحلفائه والارهاب، على حلول ثابتة. هذا إذا ما أخذنا أيضاً في الاعتبار ما يحكى عن اتفاق كيري – لافروف الذي يستظلّ كل الأوضاع في المنطقة.

فمن الذي يجرؤ اليوم، على رغم كل الايحاءات، على أن يأتي برئيس ملتبس أو غير واضح الخيارات الاستراتيجية في المنطقة؟

أما أن يقال اسرعوا في انتخاب فرنجية لسدّة الرئاسة لأن التسوية لن تأتي لمصلحة “حزب الله” وحلفائه، فهو رهان متأتٍ عن قراءة خاطئة لما يحدث في الاقليم وللمعطى الدولي، لأن الأدهى انه يكشف رهاناً من نوع آخر في الداخل اللبناني لدى رعاة هذا الترشيح المعروفين، على إحراج “حزب الله” ومحاصرته أكثر مما هو الذهاب الى استحقاق يطمئن كل المكونات على الساحة اللبنانية.

فمجرد الايحاء بأن الحزب لن يستطيع أن يحوّل انجازاته الميدانية في سوريا الى انتصارات سياسية في لبنان، وهو أصلاً لا يرغب في ذلك، على ما قال السيد نصرالله مراراً، هو ضرب في خاصرة “حزب الله”. لذلك تبقى “لبننة” الاستحقاق وليدة اللحظة الممكنة والمتاحة، والتي لم تحن بعد لكل الأسباب السابقة.