Site icon IMLebanon

يتحكَّم… ولا يحكم!

 

 

كتب راشد فايد في صحيفة “النهار”:

يستطيع رئيس تكتل “التغيير والإصلاح” النائب ميشال عون، وحزب الأمين العام الحليف، أن يحتفلا بمرور أكثر من سنة ونصف سنة على تولي الأول رئاسة لبنان من دون انتخاب، ولا قسم، ولا تشكيل حكومة.

فالحكم من التحكم، وعون، ومن يُعينه، يتحكمان بمصير البلاد، الى حد أن الأول، الذي أدمن الكلام على الإصلاح والديموقراطية، لم يأنف عن الإستمتاع بديكتاتوريته الدفينة في وجه رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري بما يشبه التهديد، بجملته الشهيرة “وان واي تيكيت”، أي بطاقة سفر ذهاب بلا عودة.

لكن عون نفسه طوى هذه الصفحة حين أراد نيل رضا الحريري على طموحه الى الرئاسة، وكرر النسيان تجاه “القوات اللبنانية” وعداوات “حرب الالغاء”، فالغاية تبرر الوسيلة، كما يقول ماكيافيللي، إذ لم يترك الجنرال حجة لم يخترعها لإسناد زعم حق له بالرئاسة. من التمثيل الأوسع للمسيحيين، إلى ادعاء أبوة اخراج جيش النظام الأسدي، وثالثة بحجة “مجد” حرب التحرير المكلفة، وفي كلامه في ذكرى “14 آذاره”، جدد انكاره شرعية مجلس النواب “لأنه مدد لنفسه”، ليوصل اللبنانيين، ضمناً، الى أن لا انتخاب لرئيس جمهورية، غيره، وبشروطه، في المدى المنظور.

يرتهن بشار الأسد حياة سوريا والسوريين لبقائه في السلطة، ويرتهن غيره مستقبل لبنان واستقراره لوصوله الى رأس السلطة. فتحت دخان تعقيد انتخاب رئيس، واستمرار عون ستاراً لمشروع الحزب لإعادة “صقل” النظام اللبناني، تتهاوى مؤسسات الدولة و”تتبهدل”. وقمة التهالك استنباط طاولة حوار بين “بارونات” الحياة السياسية كنعي واقعي للحكومة، ونزول المجتمع المدني الى الشارع اعلانا لموت مجلس النواب.

لن يعود انتخاب رئيس باللبن والعسل على لبنان، لكنه سيفرض انتظام عمل الدولة، وتماسك بنيتها، واحياء المؤسسات الرقابية فيها، وتعاون الدوائر. ألا يكفي شاهداً تراشق أهل التفتيش المركزي، بعضهم مع بعض، بتهم الفساد والرشى، قبل أسبوعين، وأزمة النفايات، التي نافس “أريج” السمسرات المالية فيها، ما تبثه من روائح وأضرار بيئية، وما سبق، ولحق، من قمح مسرطن شمل تبادل اتهامات بين وزارتي الصحة والإقتصاد، ومسلسل الإستشفاء والأغذية والدواء و…

كل ذلك يستحضر ما يحاول الحزب جعله مسلّمة خارج النقاش: السلاح المنشق عن الدولة وضدها باسم المقاومة. انه المؤشر الأبرز لضعف سلطة الحكم، واذا كانت مدانة شبكات الإنترنت المكتشفة أخيراً، لأن “معابر الإنترنت حق حصري للدولة”، فماذا عن معابر التسلح البري والبحري والجوي الآتي من إيران؟

ضرب سلطة الدولة، واحتكارها السلاح، هو أساس بلائها بالتفكك، وما يفعله عون، بكل مبرراته، يزيدها تحللا.

يقول مثل صيني: انت تأتي الى الحياة مرة واحدة، فعليك أن تترك أثرا. ان لم تستطع ترك أثر ايجابي، اترك اثراً سلبياً، المهم أن تترك أثراً. مثل قد يكون عون سمع به.