Site icon IMLebanon

سلامة في منتدى “كلنا في خدمة الإقتصاد”: موجوداتنا تؤكد إمكانياتنا لإبقاء الليرة مستقرة

Confex2016
إفتتحت شركة “كونفكس انترناشيونال” بالتعاون مع مصرف لبنان المركزي، منتدى المال والأعمال “كلنا في خدمة الإقتصاد”، برعاية رئيس مجلس الوزراء تمام سلام ممثلا بوزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية نبيل دو فريج، في فندق “فينيسا” – بيروت.

حضر حفل الإفتتاح عضو كتلة “المستقبل” النائب جان اوغاسبيان، والنائب ياسين جابر، وحاكم مصرف لبنان رياض سلامه، ونائب رئيس اتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة في لبنان محمد لمع ممثلا رئيس الإتحاد محمد شقير، ورئيس جمعية مصارف لبنان رئيس مجموعة “الإعتماد اللبناني” الدكتور جوزف طربيه، ونائب رئيس جمعية الصناعيين زياد بكداش، ورئيس مجلس ادارة الغرفة الدولية للملاحة في بيروت ايلي زخور، ورئيس مجلس إدارة شركة “كونفكس انترناشيونال” رفيق زنتوت، ورئيس “الجمعية اللبنانية للجودة – (LSQ)” فادي صعب، وعدد من السفراء والشخصيات الدبلوماسية، وحشد من الإعلاميين، والمعنيين.

زنتوت
بعد النشيد الوطني، تحدث زنتوت، فشرح أسباب انعقاد المنتدى، وسأل: “هل نطرح الصوت حول هدر الوقت لانتخاب رئيس للجمهورية، ام حول مجلس نيابي ممدد له لا ينعقد الا نادرا ام حول الخلافات في جلسات مجلس الوزراء؟ أم نتطرق الى المواضيع الصحية والبيئية ونجعل جبال النفايات تدخلنا الى كتاب غينيس للارقام القياسية في سابقة لا مثيل لها في أزمة دامت ثمانية أشهر؟ أم نتطرق الى قضية الكهرباء والتي تكلف الدولة المليارات من الدولارات رغم التقنين، أم نطرح موضوع الموازنة العامة التي لم تصدر منذ سنوات؟ والمواضيع المعيشية والاقتصادية التي يشكو الجميع من جمود لم تشهده البلاد منذ زمن طويل، في ظل تزايد الاعباء الناجمة من أعداد النازحين والعقوبات المفروضة علينا من دول عدة بالاضافة الى مواضيع عدة والتي لا تعد ولا تحصى. فمن منكم يملك أجوبة؟ ومن يحمل مفتاح الحلول؟”.

صعب
ثم تحدث صعب، فقال: “لنتوقف قليلا عند المقارنه بين ما نسمعه من المسؤولين في السلطة والممسكين بمفاصل القرار، وبين ما يقومون به من امور تثقل كاهل المواطن وتدفعنا الى شفير الهاوية على كافة الاصعدة البيئية والصحية والتربوية والقضائية والاجتماعية والمالية والاقتصادية وغيرها”. وسأل: “هل الخطط الحالمة والقرارات الشعبوية والمواقف الواعدة، هي السبيل لذاك الكمال الذي نتوق اليه؟ وأين نحن من العهد الذي ننشده: “شيخنا والفتى عند صوت الوطن، اسد غاب متى ساورتنا الفتن”، فالى متى سنسمح للفتن المتتالية التى تعصف بالبلاد ان تهدد مصيره وتضر بمستقبل ابنائه؟. اين تضامننا كبارا وصغارا من مختلف الطوائف والانتماءات في الوقوف صفا واحدا لحماية الوطن والدفاع عن الدستور وارساء دولة القانون وصيانه المؤسسات وتأمين السلم الاهلي؟”.

لمع
ثم ألقى لمع كلمة رئيس اتحاد الغرف اللبنانية فقال: “لا يخفى على أحد ان أوضاع البلاد الاقتصادية والاجتماعية تذهب من سيء الى اسوأ، فكل المؤشرات المعبرة عن نشاطات وأعمال كل القطاعات انخفضت بشكل قياسي، كما المؤشرات الاجتماعية المتمثلة بارتفاع معدلات البطالة والفقر، حيث سجل العام 2015 ذروة هذه التراجعات وأخطرها على الاطلاق، ما يجعل التحديات والمخطار الاقتصادية في العام 2016 كبيرة جدا”.

وتابع: “لكن للأسف، رغم الصرخات التي رفعتها الهيئات الاقتصادية مرارا وتكرارا على مدى السنوات الماضية، الا اننا لم نر اي ردة فعل جدية من قبل أهل السياسة لجهة القيام بخطوات واجراءات تقي مؤسساتنا واقتصادنا من شر السقوط”.

وأردف: “حققنا نجاحات في الخارج، لكن يبقى تحقيق الاستقرار والازدهار والبحبوحة في وطننا هو الاساس الذي لا بديل عنه، وهذا لا يمكن بلوغه إذا لم يلتزم الجميع بما طرحه عنوان هذا المنتدى: “كلنا في خدمة الاقتصاد”، لأن الاقتصاد يبقى الاساس، فهو يشكل المرآة للمستوى المعيشي للمواطنين، ويعكس القدرة على تحقيق الاستدامة والنمو والتنمية وصحة دورة الانتاج وقدرة الدولة على القيام بدورها على أكمل وجه”.

وأكد أن “الاقتصاد وحياة اللبنانيين ومستقبل البلد، بحاجة الى تكاتف جهود الجميع”، داعيا الى “التلاقي على المصلحة الوطنية، والاسراع بانتخاب رئيس للجمهورية وتفعيل المؤسسات الدستورية، لأن ذلك يشكل الممر الاساسي لاستقامة الجمهورية”.

طربيه
ثم تحدث طربيه، فقال: “المشهد السوريالي يتكرر في لبنان، وكأنه قدر محتوم نسير اليه كمن يفقد البصر والبصيرة معا. مشهد مؤلم يتجلى فيه العجز السياسي بصورة غير مسبوقة ويدفع الناس والاقتصاد أثمانه في سنوات عجاف متتالية. فنمو الناتج ينحدر من متوسط 8 في المئة الى 1 و2 في المئة، وفائض ميزان المدفوعات الذي لامس 8 مليارات دولار في العام 2009، ينقلب الى عجز سنوي متكرر، ثم تكون بيروت على لائحة افضل الوجهات السياحية والاستثمارية، ويصبح نهر النفايات فيها مثارا لتهكم العالم واعلامه وعنوانا لمآسي اللبنانيين ومعاناتهم المتنوعة”.

ولفت الى أن “تطورات المواقف السعودية الأخيرة وبعض دول مجلس التعاون الخليجي تجاه لبنان لن تستمر دون معالجة. ولا نجد أي مصلحة لأحد وعلى كل المستويات في تضخيم المواقف أو اطلاق تحليلات وتقديرات عن امكانية حصول تحولات غير مرغوبة بالمطلق من قبل الطرفين المعنيين، سواء لجهة طبيعة الروابط القائمة في كل المجالات أو لجهة منظومة العلاقات التاريخية بين لبنان ودول الخليج، شعوبا وحكومات وقطاعات اقتصادية واجتماعية”.

وأشار إلى أن “هذه المعادلة تنطبق أيضا على الاستثمارات والتوظيفات الخليجية في لبنان وكذلك اللبنانية في الخليج، والعائدة بمعظمها لأفراد ومؤسسات من القطاعات الخاصة. فاللبنانيون شركاء مخلصون في نهضة دول الخليج واقتصاداتها، وأوفياء لهذه المجتمعات التي احتضنتهم، والخليجيون بدورهم شركاء تاريخيون وأصيلون في العديد من القطاعات الانتاجية اللبنانية، وأصحاب نخوة وحمية في المراحل الصعبة”.

وتوقف عند الاعلان الرسمي الأخير لمجموعة “غافي”، الذي أكدت فيه أن “لبنان يستوفي كل الشروط المطلوبة من حيث القانون والممارسة لمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب وسلاح الدمار الشامل”. وقال: “لن يكون هناك أي مطالبة إضافية تخص لبنان. وهذا ما يدعونا للتنويه تكرارا بالإنجاز التشريعي الذي تمثل بإقرار مشاريع القوانين المالية الأربعة”.
أضاف: “هذه الرسالة سنبلغها بكل وضوح الى المسؤولين الأميركيين في وزارة الخزانة وبنك الاحتياط الفيدرالي والمصارف المراسلة خلال زيارتنا الى أميركا الشهر المقبل، وحيث نشارك، كجمعية مصارف لبنان، بالتعاون مع اتحاد المصارف العربية، في تنظيم مؤتمر مصرفي عربي – أميركي في نيويورك”.

وأردف: “رغم المعطيات غير المؤاتية، فقد سجل قطاعنا المصرفي نموا في الودائع قدره 5 في المئة عام 2015، ويعني هذا المعدل ازديادا في حجم الودائع بما مقداره 7,3 مليارات دولار، وهو أكثر من كاف لتغطية الاحتياجات التمويلية للإقتصاد الوطني بقطاعيه العام والخاص، والتي لم تتعد في مجملها ما يقارب 3,1 مليارات دولار خلال العام 2015. أما رساميلنا وأموالنا الخاصة، فقد قاربت مستوى تاريخيا بلغ 16,7 مليار دولار. إذ تمت إضافة 937 مليون دولار عام 2015، وتكتسب هذه الأموال الخاصة أهمية كبرى لجهة تعزيز ثقة المودع المحلي والأجنبي بالقطاع المصرفي اللبناني”.

ولفت الى انه “من المقدر أن يكون معدل الملاءة في القطاع قد فاق الـ 14 في المئة بحسب معايير بازل- 3 في نهاية العام 2015”.

وقال: “من جهة أخرى، إن إجمالي قروضنا للقطاع الخاص، المقيم وغير المقيم، من دون احتساب قروض مصارف الأعمال والاستثمار، قارب 54,2 مليار دولار في نهاية العام 2015، أي بزيادة قدرها 3,3 مليارات دولار ونسبتها 6,5 في المئة مقارنة مع نهاية العام 2014. ومع تراجع الاستثمارات الخاصة المحلية الوافدة، يصبح التسليف المصرفي السبب الأول والأهم للنمو الاقتصادي في لبنان، ولو بنسبة ضئيلة (1 في المئة). ولولا هذا النشاط التسليفي لكان الناتج المحلي الإجمالي للبلد قد سجل معدل نمو سلبيا بحدود 1,5 في المئة!”.

سلامه
بدوره، تحدث سلامه فقال: “شهدنا خلال الفصل الأول من العام 2016 متغيرات مالية واقتصادية على صعيد المنطقة والعالم، أتت معظمها سلبية، أهمها تراجع النشاط الاقتصادي الذي كان غير متوقع في الولايات المتحدة واوروبا، ما أدى إلى عدم رفع الفائدة في الولايات المتحدة وإلى تخفيضها في أوروبا. كذلك تراجع حاد في سعر النفط والمواد الأولية مما خفف من السيولة في الدول العربية وأفريقيا، ودخول مقترضين جدد من الدول النفطية وارتفاع في الفوائد في الدول العربية، بالإضافة إلى ما أشير إليه أعلاه وتأثيره السلبي على لبنان، يعيش بلدنا ظروفا سياسية صعبة ووضعا أمنيا حذرا، ما ينعكس على الاستهلاك والاستثمار”.

أضاف: “توقع مصرف لبنان أن يكون العام 2016 عاما صعبا على الاقتصاد اللبناني وأن يستمر الوضع الاقتصادي بنمو يقارب الصفر، لذا اتخذ المصرف مبادرة تساعد على تمرير المرحلة وعلى تحفيز الطلب الداخلي، فأصدرنا تعاميم تنظم بشكل وقائي التسليف الشخصي، ونحن اليوم في وضع مستقر في هذا القطاع”.

ولفت إلى أن “خدمة الدين لدى العائلة اللبنانية تساوي 44 في المئة من مدخولها وهي موزعة على أساس 29 في المئة لخدمة الدين السكني، و14 في المئة لأغراض أخرى. كما أصدرنا تعميما لإعادة جدولة القروض الممنوحة إلى القطاع الخاص وذلك على مسؤولية المصرف المقرض، فتحسن النشاط الاقتصادي خلال شهري تشرين الثاني وكانون الأول 2015. كما أصدرنا رزمة تحفيزات تفوق المليار دولار لتلبية الطلب على القروض السكنية وقروض المؤسسات الصغيرة والبيئة، واستمرينا بدعم اقتصاد المعرفة، حيث بلغت توظيفات المصارف في هذا القطاع 243 مليون دولار. كذلك قرر المجلس المركزي منح قروض للإنتاج الفني اللبناني، ووضع سقفا آنيا بـ100 مليون دولار يمكن للمصارف منحها بفوائد منخفضة ولآجال طويلة”.

أضاف: “تعرض لبنان على أثر تعليق المنحة السعودية له ولجيشه إلى موجة تشكيك باستقراره النقدي. وكما أكدنا حينها، فالليرة اللبنانية ثابتة، وموجوداتنا أكانت في القطاع المصرفي أو في مصرف لبنان تؤكد إمكانياتنا لإبقاء الليرة مستقرة تجاه الدولار الأميركي، فالسوق له كامل الثقة بذلك والأسواق مستقرة”.

وتابع: “لقد حقق لبنان تقدما ملحوظا حينما تفادى إدراجه على قائمة الدول غير المتعاونة بمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب. وذلك جد مهم للإبقاء على حركة تحاويل طبيعية من وإلى لبنان”.
واشيرا إلى أن “التراجع الذي نشهده في ميزان المدفوعات والذي فاق الـ 3 مليار دولار في العام 2015 وسجل رقما سلبيا قدره 360 مليون دولار لأول شهرين من العام 2016، يقابله نمو في الودائع، وهذا التراجع يعود أساسا إلى سداد الدولة لمستحقاتها بالدولار وارتفاع توظيفات غير المقيمين”.

وقال سلامه: “من المبكر أن نتوقع حركة الودائع للعام 2016، إنما الإمكانيات التمويلية للقطاعين الخاص والعام متوفرة. وقد أبقت مؤسسات التصنيف تقويمها للبنان على حاله. فأي تعديل إيجابي لهذا التقويم يرتبط بإعادة تفعيل مؤسساتنا الدستورية وإلى إصلاحات في المالية العامة”.
وتابع: “لقد أصدرنا تعميما يحظر على المصارف بعد سنتين من تاريخه بالتعامل مع شركات لها أسهم لحامله، وذلك لمزيد من الشفافية وللتماشي مع ما هو مطلوب عالميا. وطلبنا من الصندوق الدولي ومن الهيئات التنظيمية والرقابية أن تقوم بتقويم للقطاع المصرفي اللبناني، الذي سنقوم بنشره فور إنجازه”.

أما على صعيد الأسواق المالية، فقال: “نحن مستمرون بإطلاق منصة إلكترونية للتداول تأمينا لسيولة أكبر للقطاع الخاص، وذلك برزمة واحدة مع تخصيص بورصة بيروت بعد قرار الحكومة ووزير المالية علي حسن خليل بمباشرة التحضيرات لخصخصتها”.

دو فريج
ثم ألقى دو فريج كلمة سلام، استهلها بالقول: “كلفني رئيس مجلس الوزراء تمام سلام أن أمثله في هذا الملتقى، وهو يبعث لكم بتحياته آملا أن نكون بالفعل كلنا في خدمة لبنان. أقول لكم حبذا لو كنا كلنا في خدمة الاقتصاد”، متسائلا: “هل نحن جميعا بالفعل في خدمة الاقتصاد؟”.

وتابع: “أن نكون جميعا في خدمة الاقتصاد يعني أن نكون في خدمة لبنان وأن نحافظ على سلامة اقتصاده وتطويره ما يشكل أهم مقاومة في وجه كل محاولات إسقاط لبنان وإخضاعه من خلال إفقار شعبه ودفعه للهجرة”.
ولفت إلى ان “الديموقراطية تعرف على أنها نظام يعود فيه القرار الى الشعب، الذي يقرر منح ثقته الى أشخاص يكلفهم بمهمة إدارة شؤونه والعمل على تأمين رفاهيته. نظام يضع الضوابط اللازمة التي تجعل من الصعب على أية سلطة أن تستغل ثقة شعبها للتعدي على حقوق هذا الشعب الأساسية وحرياته العامة. أما في لبنان، إن مقدمة الدستور تلحظ أن الشعب هو مصدر السلطات وصاحب السيادة التي يمارسها عبر المؤسسات الدستورية. إلا أن هذا الدستور تحول، بفعل بعض الممارسات، الى مجموعة نصوص يجري تحوير معناها بحيث يتوافق تفسيرها مع برامج طائفية أو سياسية أو شخصية”.

وأردف: “تبين أن هذه الاجتهادات تتجه، للأسف، الى ابتداع أساليب عديدة لتعطيل الحياة الديمقراطية بدل أن تبتكر الوسائل التي تؤمن انتظام عمل السلطات الدستورية. فقد حولت هذه الأعمال لبنان الى دولة لا رئيس لها، أي الى دولة تفتقر لرمز وحدة الوطن الذي يتولى السهر على احترام الدستور، كما أنها جعلت من الصعب على السلطة التنفيذية العمل بشكل منتظم، وهي حالت دون أن يمارس مجلس النواب كامل صلاحياته. إلا أن من حق اللبنانيين أن لا يتوقعوا، من أي فريق سياسي، أن يسعى الى القضاء على المقومات الدنيا لأي نظام ديموقراطي، لأن من حق اللبنانيين أن يتوقعوا من ممثليهم أن يتوافقوا على أن عمل المؤسسات الدستورية يجب أن ينصب على تأمين أمنهم الاجتماعي والاقتصادي، وازدهار بيئة الأعمال في وطنهم، وحماية الاستثمارات فيه”.

وقال: “من حق اللبنانيين أن ينتظروا من السلطات أن تتخذ ما يلزم من إجراءات لمنع ارتفاع نسبة المؤسسات المتعثرة التي يصعب عليها سداد ديونها، لا سيما رواتب العاملين لديها. ومن حقهم الاعتقاد أن دولتهم ستمتنع عن القيام بأي عمل من شأنه تهديد موارد رزق مواطنيها سواء في لبنان أم في بلاد الاغتراب. إلا أن اللبناني فوجئ بأن بعض الممارسات لم تكتف بوصول الوضع الاقتصادي والاجتماعي في لبنان الى ما وصل إليه، إنما تبين له أنها تهدد مصالحه في بلاد الاغتراب، لأن ما من لبناني اعتقد أن ممثليه سيضعونه في أوضاع صعبة في دول هاجر إليها، لا سيما في دول الخليج العربي، هذه الدول التي وجد فيها فرص عمل افتقدها في لبنان. كان أمل أي لبناني أن لا يتولى أي كان، في أي من هذه الدول، الإسهام في أعمال، يعتبرها القانون، عدائية، فقد كان متأكدا أن من يمثله لن يتخذ أي موقف، يخالف الإجماع العربي والدولي، وأن يعيق وصول هبات كانت قد خصصت لتعزيز قدرات القوات العسكرية والأمنية، بحيث تتولى دون غيرها حماية لبنان من أي اعتداء قد تتعرض له أراضيه. لذلك، إن اللبناني يتوقع أن لا يواجه هذه المصاعب التي يتعرض لها بإطلاق شعارات، لأن من واجب كل شخص عين أو انتخب لأداء خدمة عامة أن يجهد لتأمين مقومات العيش اللائق للبنانيين”.

أضاف دو فريج: “إن خدمة لبنان تكون بالمزيد من الاستثمارات لإيجاد المزيد من فرص العمل، وتحسين الحياة اليومية والمعيشية للمواطنين ما يعيد الى هذا البلد أهمية الطبقة الوسطى، كما ان خدمة لبنان تكون بالدولة القوية دولة المؤسسات لا دولة الفساد المشرع على مصراعيه من خلال الصراع على الاستفادة من الخدمات وتسخير لهذا الطرف أو ذاك، فمعالجة هذه المعضلة لن تتم إلا بسحب جزء كبير من هذه الخدمات من يد القطاع العام وجعل القطاع الخاص وحده يعمل على تقديمها وتطويرها، وأن تتولى الدولة في المقابل دورها كهيئة ناظمة لعمل هذه القطاعات وأن تفعل دورها الرقابي والتشريعي، وأن تركز في الأولوية على الرعاية الاجتماعية لمختلف شرائح الشعب”.

وتابع: “إن خدمة لبنان تكون في الرهان على تحقيق كل هذه التطلعات، ونحن قادرون على تحقيقها كما فعل أشقاؤنا في دولة الإمارات العربية المتحدة عندما أعلنوا في قمة الحكومات العالمية إن كل الخدمات قد أصبحت في عهدة القطاع الخاص”.

وختم: “كلنا في خدمة لبنان. شعار نتمنى لو يتحقق في الأمس قبل اليوم، واليوم قبل الغد، وأعادهكم أننا سنعمل سوية على تحقيقه مهما كانت الصعاب وسننجح”.

الجلسة الأولى
ثم عقدت الجلسة الأولى بعنوان “تلازم معالجة الهدر مع زيادة المداخيل”، أدارها دي فريج، وشارك فيها وزير الاقتصاد والتجارة السابق النائب ياسين جابر، ووزير الاقتصاد والتجارة السابق نقولا نحاس، ورئيس نقابة مقاولي الأشغال العامة والبناء اللبنانية مارون حلو، ورئيس شؤون الأبحاث الاقتصادية في “بنك البحر المتوسط” مازن سويد.

بداية، تحدث دي فريج عن موضوع “تلازم معالجة الهدر مع زيادة المداخيل”، متناولا أهمية انعقاد المنتدى في هذه المرحلة التي يشهدها لبنان، ومذكرا بـ”افتتاح معامل لفرز النفايات في عدة مناطق من لبنان، وبالهبة التي تسلمها لبنان لهذه الغاية والتي بلغت قيمتها 34 مليون دولار”.
وعلق على ملف الكشف عن شبكات الإنترنت غير الشرعية بالقول: “هم يعلمون بوجودها أساسا، لكنهم قرروا مؤخرا فتح الملف”. أضاف: “إن القطاع الخاص لديه القدرة على الإسهام في عملية تخفيف الهدر، في وقت تلعب فيه الدولة الدور التشريعي والتنظيمي والرقابي”.

وتطرق إلى “الفضيحة الكهربائية” التي شهدها لبنان عام 1976، “عندما انقطع التيار الكهربائي في زمن الحرب”، لافتا الى أن “الهدر عاد بقوة إلى شركة كهرباء لبنان بعد عام 1998″، معلنا رفضه إنشاء “سد جنة”، عازيا ذلك إلى “خلاصة الدراسة التي كشفت عن الأثر السلبي البيئي له”.

جابر
ثم كانت مداخلة جابر الذي تحدث عن “الفرص التي يهدرها لبنان دون أن يستفيد منها”، وقال: “لبنان هدر 8 أشهر قبل أن يعالج قضية النفايات، التي كانت لو عولجت في أولها لتجنبنا الأمراض والسموم التي انتشرت، والسمعة السيئة التي تناولتنا”.
وتحدث عن الفرص التي أهدرها لبنان منذ العام 1995، مقارنة بإمارة دبي التي شهدت “تطورا لافتا بكل المجالات”، مشيرا إلى “أن لبنان لا يزال يشهد محاولات لتضييع وتمرير الوقت في ملف الإستحقاق الرئاسي، كذلك الحال في عملية اقرار الموازنة التي بقيت على حالها منذ 10 سنوات، وصولا إلى الكشف عن شبكات الإنترنت غير الشرعية”.

ولفت إلى أن “قطاع الكهرباء بكل دول العالم ينتج فائضا وربحا للدولة، إلا في لبنان الوضح مختلف حيث العجز يتكرر”، متحدثا عن “أهمية الشراكة بين القطاع العام والخاص”، موضحا انه “تم تشكيل لجنة مخصصة لدراسة قانون الشراكة”.

نحاس
ثم تحدث نحاس، فلفت إلى ان ” لبنان كان بالمرتبة 68 من أصل 140 دولة في الأداء الإقتصادي عام 2012 – 2013، ثم في المرتبة 70 عام 2013 – 2014، وبالـ78 في 2014 – 2015، الأمر الذي يدل على أن وضعنا من أسوأ الأوضاع في العالم”.

وقال: “لا يمكن أن يكون الإقتصاد سليما دون بنى تحتية جيدة. في حين أن الشخصيات السياسية لا تهتم بهذا الشأن. اننا في المرتبة 99 من أصل 100 في الهدر الحكومي”.

وتابع: “لدينا اغلى تكلفة طبابة صحية، وهدر في الطاقة، والسبب لكوننا أطفأنا محركات أجهزة أساسية، وهي أجهزة الرقابة التي لا تقوم بعملها الطبيعي، وقد حان الوقت لتحصل على استقلاليتها”.
وأكد أن “الفساد لن يتوقف مع غياب عنصر الرقابة”.

الحلو
بدوره، قال الحلو أن “الشراكة بين القطاع العام والخاص هو مفتاح الحل لوقف الهدر”، لافتا إلى أن “الهدر نوعان، الرشوة المنتشرة في لبنان، والفساد الذي نستطيع أن نحده من خلال التقنيات الرقابية”.

وتناول حجم الهدر في “المياه والطاقة والطرقات”، وقال: “أن الحل هو البدء بالإعتماد على القطاع الخاص ليكون شريكا اساسيا، لكون القطاع العام ينخر في صلبه الفساد”. ودعا “الجهات المانحة للمساعدات أن تعتمد القطاع العام والمصارف مسلكا لها”.

سويد
من جهته، أوضح سويد “ان معدل النمو في لبنان عند مستوى الصفر، والقطاع المصرفي وصل لحدود يستطيع من خلالها حمل عبء الإقتصاد”، لافتا إلى انه “من 20 عاما حتى الآن لا يوجد لدينا فائض سيولة”.
وقال: “الحاكم طمأننا لمتانة الوضع المصرفي وقوة العملة، لأننا نملك فائضا بالتحويلات المالية”، لافتا إلى انه “في العام 2011، بدأ العجز بميزان المدفوعات، الذي سجل 3,3 مليارات دولار أي الأعلى منذ 20 عاما”.

الجلسة الثانية
ثم عقدت الجلسة الثانية بعنوان “مستقبل لبنان بأيدي شبابه”، وشارك فيها وزير الثقافة ريمون عريجي، والنائب الأول لحاكم مصرف لبنان رائد شرف الدين، ورئيس جمعية تجار بيروت الرئيس العالمي لمتخرجي جمعية “MIT” نقولا شماس، والأمين العام للمجلس الأعلى للخصخصة زياد حايك، ومدير عام “ب.ل.س. اينفست” فؤاد رحمة.

عريجي
بداية الجلسة، تحدث عريجي عن “الدور الثقافي في الإسهام بالإقتصاد الوطني، وعن عملية كسب المال من خلال الأفكار، كون لبنان يتمتع بمستوى ابداعي وثقافي ذات جودة عالية”. وقال: “الرأسمال الفكري متوفر في لبنان، لكن نحن بحاجة إلى تعزيز تشريعاتنا وتطويرها، ودعم المسارح ورفع عددها لأننا نعاني من حالة نقص في تقنياتها”.

وتابع: “نحن نسعى لتأمين الدعم الممكن لتعزيز دور الثقافة في النمو الإقتصادي، ونركز على اللامركزية الثقافية المذكورة في الدستور، الذي يغيب عن أذهان العديد منا”.

شرف الدين
ثم ألقى شرف الدين كلمة حول “مستقبل لبنان بأيدي البنين”، فقال: “ينبغي أن يكون الإقتصاد في أيدي الجميع، ولا يبقى أحد في الخارج، الكل عليه أن يسهم في تعزيز هذا الإقتصاد ورفده”.
أضاف: “علينا أن نتخطى مفهوم أن شبابنا لم ينضجوا بعد لدخولهم بالتخطيط، وعلينا تشجيعهم عل ذلك، كوننا لا نبحث لهم عن الفرص ليبدعوا في هذا المجال، فوقعوا في فخ القلق وفقدان الأمل”.
ودعا إلى “تعزيز الشفافية، ونبذ الفساد والإفساد، وتوخي العدالة ببن الجنس والعرق، وتعزيز البيئة، وثقافة المساءلة والمحاسبة”.

شماس
بدوره، تناول شماس النظام التربوي، فأشار إلى “مشكلة التسرب المدرسي في الصفوف التكميلية، وانعدام التوجيه المهني”، محملا الهيئات الإقتصادية جزءا من المسؤولية، “إذ عليها التعاون مع المؤسسات التعليمية”.
وقال: “سوق العمل لا يؤمن الوظائف الكافية للشباب، فجزء كبير من الطبقة العاملة التي تتراوح أعمارها بين الـ25 و45 قد هاجروا بحثا عن فرص العمل”.
وتناول أسبابا مؤثرا في ذلك وهي “النزوح السوري، والأزمة المستجدة في الخليج ودول النفط”.
ودعا شماس التجار إلى “عدم استبدال العمال اللبنانيين بالسوريين”، مذكرا في السياق عينه بحملة أطلقتها جمعية تجار بيروت منذ سنتين، بعنوان “خليني محلي.. ليبقى بلبنان ناتج محلي”.

حايك
ثم تحدث حايك، فتناول جيل الحرب مشيرا الى أن الفاسدين اوهموا شباب هذا الجيل بأن الفساد، ولو لم يكن مستساغا، إلا أنه من دواعي الضرورة لحماية مصالحهم من الآخر الشرير. ومع مرور الزمن تحول هذا الانحراف للأسف نهجا وقاعدة للعمل في الشأن العام”.
وقال: “مستقبل لبنان بأيدي شبابه؟ نعم، بالتأكيد. فلا من يكترث به غيرهم. لقد رأوا أن الهجرة التي وضعت حلا في الماضي للمشاكل المعيشية والاجتماعية التي يعاني منها الناس، ليست حلا أكيدا. رأوا كيف أن أولائك الذين هاجروا لم يجدوا بالضرورة السعادة المنشودة حتى ولو حصدوا في بعض الاحيان الثروات الطائلة”.

وختم: “باستطاعة الشراكة بين القطاعين العام والخاص – فيما لو أقر قانونها الذي ما زال يرزح في أدراج الحكومة ومجلس النواب منذ 9 سنوات – باستطاعتها أن تخلق أكثر من 200,000 فرصة عمل خلال 5 سنوات، منها ما يقارب الـ80,000 فرصة عمل لخريجي جامعاتنا”.

رحمة
من جهته، قال رحمة: “ان مستقبل العالم بين أيدي شبابه، وقد اكتسب من التجارب والضغوطات التي مر بها حالة من التفرد في الإبداع، وهذا ما يظهر جليا من خلال ما تظهره مواقع التواصل الإجتماعي”.
وتحدث عن ايجابيات التطور التكنولوجي والإنترنت، وتطرق إلى الهدر القائم في البلد، وأعطى أمثلة في هذا الشأن، ثم فتح باب الحوار مع الحاضرين.