Site icon IMLebanon

الإنتاج والاستهلاك المستدام: التوازن بين الأرباح وحماية الموارد

overboard
أطلقت أمس خطة عمل “الاستهلاك والإنتاج المستدام للقطاع الصناعي في لبنان” من أجل تحقيق التوازن بين المكاسب الاقتصادية في قطاع الصناعة وحماية البيئة وتأمين استدامة الموارد الطبيعية

إيفا الشوفي

تعدّ مسألة الإنتاج والاستهلاك المستدام قضية عالمية، تحوز اهتمام أبرز البيئيين في إطار السعي إلى التخفيف من الأضرار، التي تلحق بالأرض والموارد الطبيعية الموجودة نتيجة التطور الصناعي. يؤدي لبنان دوراً هامشياً في هذا المجال، إذ إنه يتأثر ولا يؤثّر (مقارنة بالدول الصناعية) جراء ضعف القطاع الصناعي، إلا أن هذا لا يعني عدم اتخاذ الإجراءات اللازمة من أجل الحفاظ على البيئة.

لذلك أُطلقت أمس خطة عمل “الاستهلاك والإنتاج المستدام للقطاع الصناعي في لبنان” في وزارة البيئة بعدما باشرت وزارتا البيئة والصناعة منذ كانون الثاني 2015 في إعداد هذه الخطة بناءً على توصيات مؤتمر “ريو +20” عام 2012، الذي أكّد فيه لبنان التزامه التحوّل نحو أنماط استهلاك وإنتاج مستدامة.
يرتكز مفهوم الإنتاج والاستهلاك المستدام على ضرورة العمل “على تغيير الأساليب غير المستدامة التي تمارسها المجتمعات المحلية في عمليتي الاستهلاك والإنتاج” من أجل تحسين نوعية الحياة والرفاه، أي تحقيق التوازن بين المكاسب الاقتصادية وحماية البيئة وتأمين استدامة الموارد الطبيعية. ويقوم هذا المفهوم وفق الخطة على فكرة أساسية هي “دورة الحياة” بحيث يتم الأخذ بالحسبان “مختلف الآثار البيئية والاجتماعية الناتجة من أي منتج أو خدمة في كل مرحلة من دورة حياته”.
العلاقة بين البيئة والصناعة غير متوازنة، فالصناعة تستخدم الموارد الطبيعية وتلوّث البيئة، أمّا تأثيرات قطاع الصناعة في لبنان على البيئة فتتركز على أربع أصعدة هي: الطلب على المياه، إذ يستهلك هذا القطاع 11% من مجمل الطلب على المياه، ومن المتوقع أن يصل إلى 16% عام 2030، مياه الصرف الصحي الصناعي التي تشكّل 20% من مجمل ما ينتجه لبنان، عدا عن رميها في الأنهر والبحر. الانبعاثات في الهواء الناتجة بشكل أساسي من إنتاج الطاقة في القطاع الصناعي، وأخيراً كمية النفايات المنتجة التي تشكل 10% من إجمالي النفايات.
وقد حددت الخطة المشتركة بين الوزارتين ثلاثة أهداف عملانية: أولاً، الاعتماد على أفضل التقنيات المتوفرة لتحفيز الاستهلاك والإنتاج المستدام في القطاع الصناعي عبر إعداد برنامج تحفيزي للصناعات المهتمة بهذا الأمر مثل إطلاق برنامج مالي ضمن مبادرة التمويل الأخضر في مصرف لبنان يتعلق بالاستهلاك الفعال للموارد والإنتاج الأنظف، دعم الخدمات المرتبطة بالاستهلاك الفعال للموارد والإنتاج الأنظف. ثانياً، إدخال المبادئ ضمن الأطر المؤسساتية وإعداد السياسات عبر خلق إطار تشريعي لتشجيع مفهوم الاستدامة في الصناعة مثل اعتماد مفهوم الاستدامة في المشتريات ضمن القطاع العام التي تصل إلى 12% من الناتج المحلي الإجمالي، ما يؤثر على السوق المحلي. إضافة الى إعداد تشريعات للقطاع الصناعي متعلقة بمبادئ الاستدامة. أمّا الهدف الثالث فيؤكد ضرورة تثقيف وزيادة وعي المستهلكين على مبادئ الاستدامة.
الحديث “المُشرق” عن السعي إلى تحقيق استهلاك وإنتاج مستدام في قطاع الصناعة لا يعني أن هذا القطاع متفوّق. فالقيّمون على الخطة يُدركون أنّ “مساهمة القطاع الصناعي في الاقتصاد الوطني لا تزال محدودة، إذ يساهم بـ 8% من الناتج المحلي”. تعدّد الخطة أبرز العوائق التي تواجه الصناعة، فيتبيّن أنّه على الرغم من أهمية تحقيق الاستدامة في الإنتاج والاستهلاك، هناك مشاكل جمّة يعانيها القطاع الصناعي لا بد من العمل على تذليلها للنهوض بالصناعة، آخذين بالحسبان مبادئ الاستدامة، مثل غياب سياسات صناعية ورؤية اقتصادية ــ اجتماعية، غلاء كلفة إنتاج الطاقة وأسعار العقارات وسوء البنى التحتية…