قال مصدر مطلع إن شركة سوناطراك الجزائرية المملوكة للدولة غيرت استراتيجيتها لتتيح للشركات الأجنبية إجراء مفاوضات مباشرة لشراء حصص في 20 حقلا للنفط والغاز في مسعى لاجتذاب مستثمرين وزيادة الإنتاج.
ويأتي هذا المسعى لجلب استثمارات إلى قطاع الطاقة في وقت حساس للجزائر في مواجهة تراجع إيرادات الدولة وركود الإنتاج.
وتجري الجزائر، وهي مورد رئيسي للغاز بالنسبة إلى أوروبا، محادثات أيضا مع مسؤولي الاتحاد الأوروبي لعقد قمة في العاصمة الجزائرية في مايو لمناقشة فرص الاستثمار في قطاع الطاقة بالبلاد مع سعي قادة الاتحاد إلى تقليص اعتمادهم على الغاز الروسي.
ويأتي التحول صوب صفقات ثنائية في أعقاب جولتين لعطاءات الطاقة أخفقتا في جذب الكثير من الاهتمام. وألغيت جولة عطاءات العام الماضي بسبب هبوط أسعار النفط.
وقال المصدر إن “المفاوضات المباشرة أكثر فعالية وأقل تكلفة وأسرع وأقل نزوعا إلى البيروقراطية… تجري سوناطراك بالفعل مفاوضات مـع إيني وشركـات أجنبيـة أخرى”.
ولم يذكر المصدر تفاصيل عن الشركات الأخرى بينما امتنعت إيني عن التعقيب. وبموجب القانون الجزائري فإنه من المتوقع أن تحوز سوناطراك على الأغلبية بعد بيع الحصص.
وتشتمل الحقول العشرون التي قال المصدر إنها آلت إلى سوناطراك من الوكالة الوطنية لتثمين موارد المحروقات في سبتمبر الماضي، على حقول للنفط والغاز في وسط وجنوب البلاد مثل ولايتي ورقلة وأدرار وفي ولاية إيليزي قرب الحدود الليبية.
وفي إطار الخطة سيسافر الرئيس التنفيذي لسوناطراك أمين معزوزي إلى الصين في نهاية الشهر لعقد اجتماعات مع شركتي النفط الصينيتين سينوبك وسي.إن.بي.سي اللتـين تعمـلان بالفعـل في الجزائر.
وإمكانيات الجزائر في قطاع الطاقة ليست موضع شكوك لكن مسؤولين في صناعة النفط يقولـون إن الشـروط الصارمـة في عقـود المشاركة في الإنتاج والبيروقراطية ومشاكل أخرى مثل تأخيرات الجمارك وأنظمة بنكية عتيقة تضعف جاذبية البلاد للاستثمار.
وبدأت الجزائر في 2005 فتح قطاع النفط والغاز أمام الاستثمار الأجنبي لكنها تراجعت عن ذلك بعد عام حيث فرضت مزيدا من الضرائب ومزيدا من سيطرة سوناطراك حينما ارتفعت أسعار الخام وزادت احتياطاتها من النقد الأجنبي.
وبرز الوضع الأمني كعامل مهم أيضا بعد الهجوم على محطة عين أميناس للغاز في 2013 والتي تديرها بي.بي البريطانية وشتات أويل النرويجية وسوناطراك. وقالت بي.بي وشتات أويل الاثنين إنهما ستخفضان عدد الموظفين في الجزائر بعدما تعرضت محطة أخرى للغاز لهجوم بالصواريخ الأسبوع الماضي.
وقال مسؤولون تنفيذيون بالقطاع إن العقود الثنائية ربما تتيح مرونة لكن الإطار القانوني في الجزائر والعقبات الإدارية لا يزالان مبعث قلق كبير لبعض الشركات وأنه لم تتضح بعد الشروط التي ستعرضها سوناطراك.
وقال مسؤول بشركة نفطية له خبرة في الجزائر “إنهم سيحتاجون إلى تغيير شروط التعاقد حتى يحصلـوا على استثمـار حقيقي”.
ومع اعتمادها على حقولها المتقادمة يتراجع إنتاج الجزائر منذ عشر سنوات. وقد بلغ في العام الماضي نحو 190 مليون طن من النقط، أي بانخفاض نسبته 23 بالمئة عن مستويات الذروة في عام 2007.
وتركز سوناطراك على تعظيم الإنتاج في حقولها المتقادمة وتسعى إلى شركاء أجانب لاكتساب التكنولوجيا. ويركز ذلك المسعى على حقول حاسي مسعود وحاسي بركين وإيليزي. وفازت شركة جي.جيه.سي. اليابانية الشهر الماضي بعقد قيمته 339 مليون دولار للمساعدة في زيادة إنتاج حاسي مسعود.
ومن المتوقع أن تدخل حقول الغاز الجنوبية التي يجري تطويرها حاليا مع شركاء أجانب مرحلة التشغيل في 2018 بعد تأجيل المواعيد الأولية لبدء التشغيل وقالت الحكومة إنها تتوقع أن يرتفع إنتاج الغاز بنسبة 13 بالمئة بحلول 2019.
وبعد عدة تأجيلات من المتوقع أن تعود محطة عين أميناس، إلى التشغيل الكامل في الشهر المقبل ليرتفع إنتاجها من الغاز من 16 مليون متر مكعب يوميا إلى 20 مليونا.
ويقول مسؤولون بقطاع النفط إن المشاكل في الجزائر يمكن إرجاعها إلى البيروقراطية وتأخيرات في معالجة البيانات وبطء عملية صنع القرار في سوناطراك ووكالة النفط، إضافة إلى الشروط المالية الصارمة وقصر فترات الاستكشاف.
وبدأ معزوزي في أكتوبر إعادة هيكلة للتغلب على الأزمة النفطية. وتم تكليف مساعدين جدد بعمليات التكرير وعمليات الاستكشاف والإنتاج والنقل وخطوط الأنابيب والعمليات التجارية. لكن بضعة مسؤولين سابقين في سوناطراك يقولون إن الشركة في تقلبات مستمرة بعد 4 تغييرات في الإدارة العليا وفقدان مئات الفنيين والمهندسين الذين انتقلوا إلى وظائف في الخارج خلال الأعوام القليلة الماضية.
وقال مسؤولون ومدراء إن فضيحتي فساد ومحاكمات لمسؤولين سابقين بقطاع الطاقة تسببت في توترات بين العاملين في سوناطراك وأبطأت عملية صنع القرار.
وقال مسؤول سابق في الشركة إن “سوناطراك شركة ضخمة لكنها ليست شركة مثالية… إنها في حاجة جدية للإصلاح”.
وفي مؤتمر نفطي عقد في الجزائر العاصمة أواخر العام الماضي طالبت شركات أجنبية بتحسين الحوافز والمرونة وإجراء حوار مع الحكومة لتقليل التأجيلات التي يمكن أن تستمر لسنوات. بل إن وزير الطاقة الجزائري نفسه دعا في العام الماضي سوناطراك إلى تسريع العمل.