رنا سعرتي
دعا وزير المال السابق جهاد أزعور الى تفعيل الحوار والتنسيق مع المؤسسات الدولية والمجتمع الدولي، لتحصين الاقتصاد اللبناني واستباق اي تغييرات قد تطرأ على الساحة الاقليمية في ظل المرحلة الانتقالية التي يمرّ فيها لبنان على الصعيد السياسي.بدأ العام 2016 بهبوط حاد في التدفقات المالية بنسبة 27,3% في كانون الثاني 2016 مقارنة بالشهر نفسه من العام 2015، لتنخفض التدفقات المالية من 811 مليون دولار في كانون الثاني 2015 الى 589 مليون دولار في كانون الثاني 2016 . وينقلب الفائض في ميزان المدفوعات الذي لامس 8 مليارات دولار في العام 2009، الى عجز سنوي متكرر منذ العام 2011.
تزامن تراجع التدفقات المالية مع ارتفاع بنسبة 20% في عجز الميزان التجاري، مما ادّى الى زيادة عجز ميزان المدفوعات من 280 مليون دولار في كانون الثاني 2015 الى 790 مليون دولار في كانون الثاني 2016.
وصف وزير المال السابق جهاد أزعور هذه المؤشرات بالمقلقة وقال لصحيفة “الجمهوية” ان الصعوبة الاساسية التي نعيشها حاليا تتمثل بتدني المناعة الاقتصادية تدريجياً بسبب الأزمات المحلية والاقليمية.
واشار الى انها ليست المرّة الاولى التي يعاني فيها ميزان المدفوعات من العجز القائم منذ 4 سنوات على التوالي، رغم ان أسعار النفط في كانون الثاني 2016 كانت أقلّ من أسعار كانون الثاني 2015، وتأثير عقود استيراد النفط لمؤسسة كهرباء لبنان سيكون أكبر في العام 2016 عما كان عليه في العام 2015، وبالتالي فان ارتفاع عجز المدفوعات رغم ذلك، مؤشر مقلق فعلاً.
ورأى أزعور ان هذا المؤشر المقلق يضاف الى مؤشرات سلبية أخرى منها ارتفاع عجز الموازنة 2015 الى 4 مليارات دولار، واستمرار تدهور مؤشرات الاقتصاد الحقيقي رغم عوامل ايجابية تتمثل بتراجع أسعار النفط الذي وفّر على القطاع العام والخاص في لبنان حوالي 3 مليارات دولار، وتراجع سعر صرف اليورو وانخفاض الرسوم الجمركية الى صفر في المئة على كافة السلع المستوردة من دول الاتحاد الاوروبي.
وأكد انه لو لم تتراجع الفاتورة النفطية في العام 2015، لكان العجز في الموازنة وفي ميزان المدفوعات أكبر بكثير.
وشدد أزعور على ان استمرار هذه المؤشرات المقلقة في ظل التشنّج السياسي القائم، يضعف أكثر فأكثر مناعة لبنان، في حين ان الخطاب السياسي الشديد اللهجة يؤثر على مصالح لبنان الاستراتيجية المتمثلة بعلاقته الاقتصادية مع دول الخليج، المصدر الاساسي للصادرات ولتحويلات اللبنانيين ولتدفق رؤوس الاموال.
ورأى ان هذه المؤشرات يجب ان تخلق لدى الحكومة تغييراً في نهج التعاطي مع الشأن الاقتصادي، لأن استمرار العام 2016 بدرجة كبيرة من الصعوبة وعدم حصول اي تغييرات على الصعيد السياسي، يحتّم على الحكومة اتخاذ الاجراءات الضرورية لتحفيز الوضع المالي، منها:
- المحافظة على الاستقرار المالي وعدم تعريض الوضع الى مزيد من التقلبات.
- المعالجة الاستباقية لاستحقاقات العام 2016 من قبل الحكومة والمجلس النيابي، كعدم كفاية الاعتمادات الموجودة لتغطية رواتب واجور موظفي القطاع العام، وخدمة الدين وغيرها من الامور، تفادياً للوقوع بالمشاكل التي واجهت الحكومة في العامين الماضين في شهري تموز وتشرين الاول.
- العمل على تخفيض عجز الموازنة والحدّ من تنامي الإنفاق.
- التنسيق في موضوع تمويل الخزينة بين مصرف لبنان ووزارة المالية، خصوصا ان الطلب على مجموعة من الاستحقاقات في المرحلة الاخيرة لم يكن كافياً.
- فتح باب التشريع أمام القوانين المرتبطة بمشاريع بنى تحتية والتي قد تساهم في تحريك العجلة الاقتصادية والتعويض عما خسره الاقتصاد.
- الاستفادة القصوى من زيارة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي – مون ورئيس البنك الدولي جيم يونغ كيم الى لبنان اليوم، عبر تعميق الحوار مع المؤسسات الدولية ووضع خطة عمل لتحصين الاقتصاد اللبناني من تداعيات النزوح السوري تشمل موضوع الاستقرار المالي، النازحين السوريين، معالجة مشكلة عجز ميزان المدفوعات، خصوصا ان دول الخليج التي اعتاد لبنان الاعتماد عليها لتأمين الاستقرار، لم تعد راغبة في توفير هذا الدعم.
في الختام، رأى أزعور أن مسؤولية الحكومة تكبر وهناك ضرورة للحيطة واستباق الامور وعدم البقاء في موقع المتلقي والمستقيل أو استخدام المال العام لمعالجة مشاكل يجب معالجتها في السياسة على غرار ملف النفايات.