كتب غاصب المختار في صحيفة “السفير”:
لم يكن مفاجئا ان يقل عدد النواب الذين حضروا الى مجلس النواب، امس، عن حضور الجلسة السابقة لانتخاب رئيس للجمهورية ولم تنعقد لغياب النصاب الدستوري، ذلك ان النِصاب السياسي العام في البلاد لازال معلقا على سلسلة خطوات وقرارات لم تتخذ بعد، ومن المفترض ان يبتها الرئيس نبيه بري في جلسة الحوار الموسع المقررة في الثلاثين من الشهر المقبل، ومنها نقطتان اساسيتان حسبما ذكرت مصادر نيابية مشاركة في الحوار: النقطة الاولى هي طرح موضوع قانون الانتخاب للخروج بموقف واضح منه، والنقطة الثانية اعادة عقد جلسات التشريع بعدما دخل المجلس النيابي عقده العادي الاول.
وترى المصادر النيابية ان الافق السياسي العام لا زال مسدودا في البلاد نتيجة تراكم عوامل عدة وبالتالي لا تقدم في الملفات المطروحة ومنها الاستحقاق الرئاسي، نتيجة تعذر التوافق على شخصية مقبولة من الجميع، بعدما خلط الاوراق ترشيح الرئيس سعد الحريري للنائب سليمان فرنجية، وترشيح “القوات اللبنانية” للنائب ميشال عون، وهو خلط قد يكون اربك “فريق 8 اذار” لكنه في الوقت ذاته اثار لديه الريبة والشكوك من وجود قطبة مخفية وراء مثل هذه اللعبة.
والامر كذلك بالنسبة الى قانون الانتخاب، حيث فشلت اللجنة النيابية في التوصل الى تفاهمات على صيغة القانون، مع انها اللجنة الثالثة التي تُشكل لهذه الغاية منذ ثلاث سنوات ولا زال الملف يراوح مكانه، بسبب رفض “تيار المستقبل” وبعض القوى السياسية الاخرى، كالنائب وليد جنبلاط، لاعتماد النسبية والاصرار على القانون الاكثري.
وتشير المصادر النيابية الى ان الصيغة المختلطة التي تقدمت بها بعض القوى السياسية، بين النسبي والاكثري، هي صيغة غير صالحة لا عمليا ولا موضوعيا ولا ميثاقيا حتى، بل انها غير قابلة للتطبيق، وهي طُرحت من باب التعطيل ليس إلاّ. موضحة ان بعض نواب “فريق 8 اذار” سيتولون قريبا شرح هذا الموضوع بالتفصيل لاطلاع الرأي العام على جوانبه المخفية وخلفياته الحقيقية.
كذلك الامر بالنسبة لعقد الجلسات التشريعية التي سيصر عليها الرئيس بري في جلسة الحوار المقبلة، خاصة مع اقتراب الدولة من الوصول الى ازمة انفاق مالي جديدة، تقول المصادرالنيابية ذاتها ان الدولة ستواجهها خلال شهرين تقريبا، ولا مجال ربما لتغطيتها بمراسيم عادية بل بقوانين صادرة عن المجلس النيابي، لكن المصادر تحمّل كتل “تيار المستقبل” و “القوات اللبنانية” و “حزب الكتائب” مسؤولية رفض انعقاد جلسات التشريع كلّ لأسبابه الخاصة والسياسية.
ولعل هذا التفاقم والعرقلة في الامور سينعكسان على عمل مجلس الوزراء، خاصة بعد تفاقم الخلاف بين “حركة امل” وبين “التيار الوطني الحر”، والذي ظهر جليا في التراشق السياسي والاعلامي بينهما، لذلك تعتقد المصادر ان عدم الانفراج سيكون سمة المرحلة المقبلة، خاصة ان “فريق 8 اذار” يرى ان ثمة قوى اقليمية عربية وغير عربية تعرقل التوجه نحو الحلول السياسية السلمية في سوريا وغيرها من دول المنطقة، وهي تراهن على متغيرات في السياسة الدولية قد تحصل نتيجة الانتخابات الرئاسية الاميركية، وهذا الرهان يعني مزيدا من الانتظار والمراوحة في الوضع اللبناني، علّ موازين القوى الدولية تميل لمصلحة هذه الرهانات فتخلق واقعا جديدا في لبنان لمصلحة القوى المعرقلة للحلول السياسية المطروحة، فتحاول فرض حلولها على المنطقة ومنها لبنان.