Site icon IMLebanon

“أمن الدولة”… أين القطبة المخفية!

 

 

كتبت صحيفة “المستقبل”: تصاعد النقاش أخيرًا بشأن أوضاع جهاز أمن الدولة، ليصبح أحد الملفات العالقة التي تهدد ستقرار الحكومة، بعد الحدة التي شهدتها جلسة مجلس الوزراء الاخيرة عند طرحه من قبل وزير السياحة ميشال فرعون ومساندة وزراء “الكتائب” له، ووعد رئيس الحكومة تمام سلام بوضع هذا الملف على جدول أعمال الجلسة المقبلة.

لكن قصة هذا الجهاز الذي يعاني شللا منذ فترة برزت إلى العلن بشكل كبير، بعد إيقاف وزير المال علي حسن خليل معاملات مالية عائدة للجهاز بحجة عدم توقيع نائب الرئيس العميد محمد الطفيلي عليها، وإقتصار التوقيع على رئيس الجهاز اللواء جورج قرعة. ليظهر أن وراء هذا الإجراء “قلوب مليانة”، لم يحل طرح الملف على طاولة الحوار ووعد رئيس المجلس النيابي نبيه بري بدراسته وتلاه تعهد من الرئيس تمام سلام بحله خلال أسبوعين، دون تحوله إلى ملف شائك خصوصا مع عدم دعوة الرئيس سلام اللواء قرعة إلى الاجتماعات الامنية التي عقدت في السرايا الحكومية أخيرًا، ما دفع المجلس الأعلى للروم الكاثوليك في اجتماعه الأخير برئاسة البطريرك غريغوريوس لحام، إلى اعتبار الأمر تعدياً على حقوق الطائفة وطالب سلام بالتدخل لمعالجته.

هذه المحصلة دفعت فرعون “إلى الاصرار على وضع الملف على جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء المقبلة”، كما يقول لـ”المستقبل”، مشددا على أن “الامور لم تعد تحتمل خصوصا أنه تم طرحه على طاولة الحوار ومجلس الوزراء منذ شهر ووعد الرئيس سلام بحله من دون أن يحصل شيء، وهذا يعني تجميد أكثر من 200 معاملة خاصة بالجهاز في رئاسة مجلس الوزراء وإيقاف المستحقات المالية للجهاز في وزارة المالية، وهذا أمر لم يحصل منذ 30 عامًا ما يعني أن هناك وضعا غير سليم يمرّ به الجهاز، بالرغم من أنه يحقق إنجازات آخرها كشف جريمتي قتل الكويتيين في عاريا وبرج حمود، وبالتالي المبرر بأن الخلاف هو على شخص اللواء قرعة وعدم إتفاق وجهات النظر بينه وبين نائبه أمر غير مقنع”.

والسؤال الذي يطرح أمام هذا المشهد، أين تكمن القطبة المخفية لحل هذا الملف؟، يجيب فرعون: “هناك من يريد أن يكون هناك توقيع مزدوج على المعاملات الخاصة بالجهاز، من قبل رئيس الجهاز ونائبه، بمعنى آخر تقليص وتغيير صلاحيات رئيس الجهاز، وهذا أمر لا يحصل في الاجهزة الاخرى ومنها الامن العام مثلا، وبالتالي هذا أمر غير مقبول لا بالسياسة ولا بالقانون خصوصا في ظل غياب رئيس الجمهورية، وهذا ما يسبب إنزعاجا كبيرا عند القيمين على الطائفة ويعتبرون أن الامر استهداف لحقوقها”.

ويلفت فرعون إلى أن “الرئيس سلام يعتبر أن بداية الحل في مناقشة صلاحيات المدير العام وآلية إتخاذ القرار، لكن مأخذنا هو أن هذه الآلية والصلاحيات لم تتغير من نشوء الجهاز، فلماذا البحث عن تغييرها في هذا التوقيت، ولماذا تغيير الصلاحيات سيطال جهاز أمن الدولة وحده دون الاجهزة الاخرى”؟

ويتابع: “كل ذلك دفعنا للإصرار على طرحه في مجلس الوزراء، وبالتالي كل من الوزراء سيدلي بدلوه عن هذا الموضوع الذي بات يعني الجميع وليس طائفة الروم الكاثوليك وحدها”.

ويختم: “يعتقد البعض ومنهم الرئيس بري أن المشكلة تكمن بعدم وجود “كيمياء” بين رئيس الجهاز ونائبه، لكننا نرى أن المشكلة ليست بالأشخاص بل هناك أسباب أخرى، وأبرزها شعور مسيحي عام بالغبن والانزعاج وتأثير سلبي على معنويات ضباط الجهاز”.

في المقابل لا تخفي مصادر الرئيس سلام لـ”المستقبل”، “عتبها على كل من قرعة والطفيلي اللذين أوصلا بخلافهما، أحد أهم أجهزة الدولة إلى الشلل وهذا ما دفعه إلى عدم إعلام قرعة بالاجتماعات الامنية التي عقدت في السرايا”.

وتضيف المصادر: “ليس لدى سلام أفكار جاهزة لحل هذا الملف، كما أنه في غياب رئيس للجمهورية من الصعب إجراء تعيينات جديدة أو إجراء إستبدال إسم بآخر، وبالتالي ستكون الجلسة المقبلة مساحة نقاش بين القوى السياسية الممثلة في الحكومة، لحل هذا الملف الذي يجب حسمه ووضع حد للجدل الحاصل حوله على طريقة لا يموت الديب ولا يفنى الغنم”.

يشار إلى أن جهاز أمن الدولة يضم نحو ضابط ورتيب وعسكري، أُنشئ بموجب المرسوم رقم 2661 بتاريخ 6 أيلول 1985، كان من أبرز مهماته حماية الشخصيات. في مرحلة تأسيسها، سجّلت مديرية أمن الدولة بقيادة اللواء نبيه فرحات إنجازات أمنية عدة، لعلّ أبرزها كشف قتلة الأخوين أنطونيوس في التسعينيات، تلك الجريمة التي أحيلت على المجلس العدلي وانتهت بإعدام مرتكبيها، ثم كشف جريمة تزوير الطوابع الأميرية في وزارة المالية وكشف لغز مقتل أحد أطرافها رأفت سليمان، بالإضافة إلى توقيف عناصر من الجيش الأحمر الياباني في البقاع الغربي عام 1997.