أشارت الوكالة “المركزية” الى أنّ مجمل التصريحات الصادرة من واشنطن في شأن زيارة وزير الخارجية جون كيري لموسكو تركز على سعي رئيس الدبلوماسية الاميركية لمعرفة كيفية الانتقال من حكم الرئيس السوري بشار الاسد في سوريا ومدى استعداد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لبحث المسألة. ويرى مراقبون سياسيون في هذه المواقف اكثر من اشارة في اتجاه السعي الاميركي ـ الروسي لعدم مغادرة كيري روسيا الا وقد تم وضع اللمسات الاخيرة على مشروع التسوية السياسية السورية التي يوليها الجانبان الجزء الرئيسي من اهتمامهما الى جانب توسيع التعاون بين القطبين الدوليين.
واذا كانت تجربة وقف اطلاق النار حققت الهدف على رغم “وابل” الشكوك الذي ارتسم حول مدى قدرة القرار الاميركي ـ الروسي على الصمود في وجه آلة الحرب والدمار بين المعارضة والنظام، فان مشروع التسوية لا يبدو مستعصيا، اذا ما توافرت النيات، بيد انه لن يكون سهلا حكما نظرا للتعقيدات المحيطة بالملف. ويقول مراقبون سياسيون لـ”المركزية” ان استمرار صمود وقف النار والاعمال العدائية يشكل التحدي الاكبر امام انطلاق جدي للمفاوضات الى جانب الوصول الى تفاهم مع الهيئة العليا للمفاوضات في شأن الفصل بين مسألة رحيل الاسد وبدء العملية الانتقالية، وهو شأن ليس سهلاً تحقيقه نسبة لما يتطلب من ضمانات من الجانبين، علماً انّ بعض اطراف المعارضة يميل الى هذا الخيار وبدأ يقتنع بحتميته لكن بعض الدول الاقليمية يبدو يفعل فعله في عدم بلوغ الهدف.
ويضيف هؤلاء ان كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف سيوظفان كل جهودهما بالتنسيق مع اوروبا ويبذلان كل ما أمكن في سبيل التوصل الى التسوية المنشودة التي سيتوّجان بها مسارهما الدبلوماسي قبل انتقال السلطة الى خلفيهما مع الادارة الاميركية الجديدة في الخريف المقبل والتعديلات التي يعتزم بوتين اجراءها في ادارته، وتقول مصادر دبلوماسية غربية لـ”المركزية” انّ اوروبا لمست رغبة روسية اميركية جامحة في نجاح مسعى الحل لاعتبارات تتصل بالاطار الزمني لما تبقى من عمر الادارة الاميركية وموعد مراجعة العقوبات الاوروبية المفروضة على روسيا في حزيران المقبل وهي عنصر اساسي في الحسابات الروسية من زاوية الحصول على تنازلات من الاتحاد الاوروبي في ما يتصل بأوكرانيا اضافة الى مكاسبه في سوريا.
والى مجموع هذه العناصر تضيف المصادر ان موجة الارهاب التي تستهدف دول الغرب باتت تشكل خطرا جديا يوجب على الجميع التأهب في مواجهته لا سيما بعد ما تكشفت عنه التحقيقات في تفجيري بروكسل منذ يومين، وما مشروع التسوية في سوريا الا اللبنة الاساس لتوحيد الجهود الدولية في مسار القضاء على الارهاب واجتثاثه من جذوره.
اما دور سائر الدول المعنية بالازمة لا سيما منها ايران، فتشير المصادر نقلا عن اوساط نيابية سورية انّ ورقة سوريا باتت في يد روسيا بعد تقلص النفوذ الايراني بفعل سقوط كل الاوراق التي استخدمها لقلب المعادلة وموازين القوى ومن بينها ورقة “تشييع” سنّة سوريا عبر اغراءات مالية وغيرها، الا انّ هؤلاء انقلبوا عليها واسقطوا معهم الامال الايرانية بوضع اليد على سوريا. وتبعاً لذلك بات مفتاح الحل السوري في جيب الاميركي ـ والروسي حصراً.