عبد الكافي الصمد
بعد إعلان فشل الجلسة الـ37 لانتخاب رئيس الجمهورية، أول من أمس، صرّح الرئيس سعد الحريري بأن “من مساوئ عدم انتخاب رئيس للجمهورية، ما حلّ في الشمال وطرابلس، التي تصدرت قائمة أفقر مدينة على البحر الأبيض المتوسط”، مضيفاً أنه يدعم “المشروع الذي تقدم به النائب روبير فاضل لمحاربة الفقر، وستكون لنا مبادرة معه قريباً إن شاء الله”.
لم تعرف أسباب ربط الحريري بين انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان ومعدلات الفقر في طرابلس! فهل انتخاب رئيس سابقاً قلص نسبة الفقر في عاصمة الشمال؟ إلا أن ما أثار التعليقات الساخرة والساخطة هو “المصدر” الذي استقى منه الحريري معلوماته في تصنيف طرابلس في أسفل قائمة مدن المتوسط من حيث معدل الفقر. فهناك 38 مدينة عربية رئيسية على حوض البحر المتوسط، منها غزّة في فلسطين التي تعيش ظروفاً مأسوية، وكذلك مدن تعاني من الحروب والاضطرابات.
كلام الحريري أثار تعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي، منها المؤيد لكلامه الذي دعاه “للمجيء إلى طرابلس وإنقاذها من براثن الفقر”، ومنها الذي سأله: “أين وعودك التي أعطيتها لطرابلس في انتخابات 2009، بدعم وتنفيذ مشاريع فيها. نفذ وعودك السابقة أولاً قبل أن تعدنا من جديد؟”. فتخفيف معدلات الفقر في طرابلس يكون عبر تنفيذ مشاريع إنتاجية وإنمائية للمدينة، لا عبر انتخاب رئيس للجمهورية.
لكن ماذا عن تصنيف الحريري لطرابلس بأنها أفقر مدينة على البحر الأبيض المتوسط؟ “هذا الاستنتاج يحتاج إلى تدقيق علمي قبل الركون إليه”، يقول المدير السابق لمعهد العلوم الاجتماعية في الجامعة اللبنانية في طرابلس الدكتور عاطف عطية. يبدي عطية شكوكه في هذا التوصيف المبالغ فيه “فطرابلس ليست بالتأكيد المدينة الأفقر في حوض البحر المتوسط، بالرغم من أن أغلب سكانها يعيشون تحت خط الفقر”.
تفيد دراسات بأن أكثر من 60 في المئة من سكان طرابلس يعيشون تحت خط الفقر، يردّ عطية السبب إلى “إهمال الدولة التاريخي لمشاريع التنمية فيها، وعدم مبادرة السياسيين إلى دعم مشاريع من هذا النوع، واكتفائهم بتقديم مساعدات عينية إلى فقراء المدينة من أجل رهنهم سياسياً”. يشير عطية إلى أن طرابلس “شهدت في السنوات الأخيرة ارتفاع عدد العائلات التي تعيش في فقر مدقع، مقابل عائلات قليلة تعيش في غنى فاحش، في حين أن الطبقة الوسطى تكاد تتلاشى، وهي في انحدار نحو خط الفقر، ما خلق تفاوتاً اجتماعياً كبيراً، مع أن طرابلس تتمتع بإمكانات وأرضية وطاقات كبيرة للنهوض بها واستقطاب مناطق الجوار وجلب استثمارات خارجية إليها”.
تنفي رئيسة اللجنة الاجتماعية والتربوية في بلدية طرابلس سميرة بغدادي، اwطلاعها على تصنيف طرابلس بأنها الأفقر في حوض المتوسط، مؤيدة رأي عطية أن “إهمال السلطات للمدينة وغياب الاستثمارات، إلى جانب التسرب المدرسي والبطالة وتراجع مستوى التعليم وضعف البنى التحتية، جعلت الفقر يجلب فقراً مضاعفاً إلى المدينة”.
يقول رئيس جمعية تجار طرابلس فواز الحلوة أن “المدينة منهارة اقتصادياً وتجارياً وفي كل يوم هناك محال تجارية تغلق أبوابها وتعلن إفلاسها بسبب الجمود وتداعيات الوضعين السياسي والأمني التي تعاني منها طرابلس أكثر من غيرها”.