IMLebanon

كيف تحصل على الأجر الذي تستحقه؟

interview

إليزابيث غارون


عندما تتطرق المقابلة الشخصية لمسألة لا مفر منها وهي الراتب، كيف يمكنك التأكد من أنك ستحصل على أفضل أجر ممكن؟

دائما ما يثير التفاوض على الراتب قلق كل من يبحث عن عمل، ويكاد لا يكون هناك أشخاص يتطلعون إلى التفاوض حول مسألة الأجور، بل إن غالبية الباحثين عن عمل يتجنبون هذا الموضوع تماما ويقبلون ما يعرض عليهم.
وعلى سبيل المثال، أظهر استطلاع للرأي أجراه موقع “نيرد واليت” للتمويل الشخصي عام 2015 أن 38 في المئة فقط من خريجي الجامعات الأميركية قد تفاوضوا على عروضهم الوظيفية. وهذا خطأ، لأن سبعة من بين كل عشرة من أرباب العمل يقولون إنهم يتركون مجالا للتفاوض عند تقديمهم العروض الأولية للمرشحين، وذلك وفقا لموقع “كارير بيلدر” في المملكة المتحدة. وذكر الموقع أن 10 في المئة من أرباب العمل قالوا إنهم يقللون من شأن المرشح الذي لا يحاول التفاوض.
لذا، كيف يمكنك تسهيل تلك العملية وجعلها أكثر تحقيقا للأهداف – خاصة إن لم تكن مفاوضا جيدا؟ ما هي أفضل طريقة للتأكد من أنك ستتقاضى أجرا منصفا من صاحب عمل جديد في ذات اللحظة التي تحاول فيها أن تترك انطباعا أوليا جيدا؟

لنكرر القول: قم بما يتعين عليك القيام به

قبل المقابلة، ابحث عن مستويات الرواتب لهذا المنصب عن طريق مواقع الكترونيه مثل Glassdoor.com وPayscale.com و WageIndicator.org، كذلك فإن شركة “هيز” العالمية للتوظيف تنشر نحو 20 دليلا للرواتب. لذا يتعين عليك البحث على شبكة الإنترنت.
تقول أليسون تافل رابينوفيتش، مستشارة وكاتبة في مدينة نيويورك: “اسأل معارفك إن كان بإمكانك إيجاد أشخاص آخرين يعملون أو سبق لهم أن عملوا في تلك الشركة”.
وتضيف تافل، التي تجري دورات تدريبية للنساء حول التفاوض في مدرسة “الجمعية العامة” لتعليم الكبار: “إذا ترك هؤلاء الأشخاص مكان عملهم، فسيكونوا أكثر استعدادا للإجابة على أسئلتك الصعبة حول مستويات الأجور الحقيقية”.
ومن هذا المنطلق يعتبر بناء شبكة من المعارف أمرا عمليا. ويستطيع الموظفون السابقون في الشركة التي ترغب بالعمل بها إعطاءك تصور واقعي عن نوعية العمل وساعاته.
وتعتبر مؤسسات التوظيف مصدرا آخر للمعلومات عن الرواتب بحكم صلتها المباشرة مع الشركات واطلاعها على الكثير من المعلومات المتعلقة بالرواتب والتي يمكن أن تشارك بعضها مع المتقدمين للعمل. يقول فرانك جنتايل، مدير بشركة “بروفشنال ستافنغ غروب” للتوظيف والتي تتخذ من بوسطن مقرا لها، في رسالة الكترونية: “عادة ما يطلب أرباب العمل معلومات عن مقياس الرواتب بغض النظر عن وجود طلبات توظيف”.
ويضيف: “لدينا بعض العملاء الذين يتصلون بنا مرة واحدة في العام – إما في نهاية العام أو ربما في بداية السنة المالية حسب تقويمهم- لمناقشة المقياس الآني للسوق بخصوص رواتب موظفيهم”.
كما أن العديد من شركات التوظيف الرئيسية تنشر تقارير سنوية عن الرواتب مصنفه حسب نوع الوظيفة والمنطقة الجغرافية والبيانات السنوية، وفقا لجنتايل.
وإذا لم تتمكن من التواصل مع شركات التوظيف، فهناك طرق أخرى أيضا. يقول جنتايل: “يمكنك البحث عن معلومات عن المرتبات عن طريق سؤال مجموعة من العاملين في هذه الصناعة أو في هذا المنصب، مثل أعضاء النقابات المهنية أو الجمعيات أو شبكة “لنكد إن” للتواصل المهني”، ولكن مع مراعاة كيفية الاتصال بهذه المجموعات لأنها قد تضم موظفين من الشركة التي ترغب في العمل بها؛ وبالتالي تكون الاستفسارات الفردية أفضل من الرسائل الجماعية.

الصورة الإجمالية
التعرف على مستوى الرواتب لمجال عمل معين ليس كافيا، بل تحتاج أيضا إلى معرفة أكبر قدر ممكن من المعلومات عن الشركة التي ستجري معك المقابلة الشخصية، فمثلا هل يتوقع منك أن تعمل الكثير من الساعات الإضافية أو تعمل في عطلة نهاية الأسبوع أو العطلات الأخرى؟ إذا كان الأمر كذلك، فهل هناك مقابل مادي لذلك أو تعويضات من نوع آخر، مثل إجازة بديلة؟ وماذا عن المكافآت؟ هل يمكن أن تتوقع أن يطلب منك توقيع عقد عمل مشروط بكيفية أدائك، أو بالمكافأة السنوية مثلا للاتفاق على مرتبك الأساسي؟
أما فيليب غود، أستاذ الإدارة والموارد البشرية بمؤسسة “إتش إي سي باريس للتعليم التنفيذي”، فيقول في رسالة الكترونية: “إذا كنت ترغب في خلق أفضل الظروف للتفاوض على راتب جيد مع صاحب العمل، عليك أن تظهر أولا أنك تتفهم وجهة نظر الشركة بخصوص سياستها المالية في التعويضات.
وعادة ما يكون للشركات محركات ثلاثة عند التعامل مع الراتب، وهي: القدرة التنافسية للمرشح، والإنصاف (التمييز بين المرشحين) والتكلفة (سواء المالية أو غيرها)
وعليك أن تكون واضحا أيضا فيما يتعلق بما تملكه من مقومات ذاتية: كالقدرة الشرائية والإدراك والإنصاف، كما يقول غود.
مع أخذ كل هذا في الاعتبار، عليك أن تطرح أسئلة محددة عن سياسة الشركة، مثل: “ما هو مقياس الراتب لمثل هذه الوظيفة في سوق العمل؟ وماذا تقدمون للموظف إلى جانب الراتب الأساسي؟” حسب غود، الذي يرى “أن هذا النهج سوف يسمح لك بتجنب تحول النقاش بسرعة كبيرة إلى تفاوض مزعج على المال فقط”.

كن ذكيا -لا، بل أكثر ذكاء
كلما عرفت أكثر عن الشركة كلما كان ذلك أفضل. يقول غود: “التمهيد لمحادثة متزنة وراشدة، سيجعلك أقوى في القدرة والتأثير على مسار النقاش لصالحك، وهذا يعني شرح دوافعك. تحدث عن توقعاتك قبل أن يقدم لك العرض الوظيفي، ولكن لا تركز فقط على الراتب وحده.
بل ينبغي أن تتضمن توقعاتك لمستوى الراتب قيمتك المهنية اليوم، وهي جزء متغير يظهر مدى طموحك، إضافة إلى المزايا الأخرى التي تظهر استعدادك لارتباط طويل المدى بالعمل”.
ويضيف: “الشركة قد يكون لديها استثناء إذا رأت أنك تستحق ذلك. وكذلك فإن طريقة تفاوضك ستعبرعن قيمتك المهنية أكثر من إصرارك فقط على الحصول على مزيد من المال، فكن ذكيا، ولا تكن انتهازيا”.

كن مستعدا لحديث ذي قيمة
يرى جنتايل أنه من المهم أن “تعرف القيمة المالية لمهاراتك”، وبتعبير آخر، عندما يكون ذلك مناسبا، ضع إطارا يظهر قيمتك النقدية الحقيقية.
ويضيف: ”عادة ما ننصح المرشحين بالتفكير في إنجازاتهم من حيث المساعدة على حل المشاكل ومدى تأثير ذلك الحل على العمل. على سبيل المثال، فإن المساعد الإداري الذي ابتكر نظام جديد للتسجيل والتدوين يمكنه الحديث عن سبب القصور في النظام السابق وكيف استطاع تقديم حل مناسب أثر إيجابا على سير العمل”.
كما دعا جنتايل إلى الاهتمام بالتفاصيل، مثل الحديث عن صعوبة الوصول إلى المعلومات في النظام السابق، لكن اتباع نظام التسجيل والتدوين الجديد الذي ابتكرته ساعد في الرد على تساؤولات العملاء بصورة فورية. أما إذا كنت في المبيعات، فبإمكانك الحديث عن الطريقة التي قادت فريق المبيعات إلى زيادة مبيعاته بنسبة 30 في المئة.

لا تكن أول من يحدد رقما للراتب
تقول كيلي ماتيس، نائب رئيس مجموعة “إكزيكيو سيرتش” ومقرها نيويورك، في رسالة الكترونية: “لا تكن الشخص المبادر بطرح أرقام حول الراتب ـ إلا إذا كنت على استعداد لخسارة التفاوض. وعوضا عن ذلك انتظر حتى يقدم صاحب العمل رقما لك، فمثلا، إذا بادرت بالتفاوض مقترحا مبلغ 50 ألف دولار، ولكن صاحب العمل كان على استعداد لأن يدفع لك 60 ألف دولار فقد تكون مضطرا إلى التوصل لتسوية بمبلغ أقل”.

ليكن لديك حل بديل
ولكن ماذا إذا سألك الشخص الذي يجري المقابلة عن راتبك الحالي؟ تطالب تافل المتقدم للعمل بالتروي والتدريب على الإجابة على هذا السؤال مرارا وتكرارا، لاسيما وأنه سؤال شائع، ويكون الرد: “وفقا لأبحاثي، فإن أقوى مرشح لديه مثل خبرتي يتراوح راتبه بين كذا وكذا دولار، وأعتقد أنني يجب أن أكون في أعلى سلم الرواتب بسبب خبرتي وسجلي الحافل”.

الدوافع
تقول لين سيجويك، المدير الإداري لشركة “كلايتون ركروتمنت” للتوظيف بالمملكة المتحدة: “يعتمد الكثير على مدى رغبتك في هذه الوظيفة وعلى دوافعك، فإذا كنت فقط تريد مزيدا من المال، وافق على أعلى عرض تشعر أنك تستحقه بصدق، ولكن تأكد من أن لديك رقم أدنى في ذهنك أنت على استعداد لقبوله قبل أن تبدأ التفاوض”.
وتضيف أنه إذا كان الدافع وراء انتقالك إلى شركة جديدة شيئا آخر، مثل التوافق الأفضل بين العمل وحياتك الشخصية أو بهدف التطور الوظيفي، فعندها يجب أن يكون نهجك مختلفا. وتقول سيجويك: “عليك أن تقرر ما هو التنازل الذي تكون مستعدا لتقديمه وأن تعرف متى تتم إعادة النظر في الأجور وكيف سيتم تقييمك”.