كتب داود رمال في صحيفة “السفير”
يتقاطع مسيحيو «8 و14 آذار» في تحليلهم لمآل الوضع اللبناني ربطا بما يرسم في سوريا.
وما تولّد من قناعة مستجدة لدى قوى «14 اذار»، كان سابقة لدى قوى «8 اذار»، ان «الروس والايرانيين وحزب الله لن يسمحوا بخسارة الرئيس بشار الاسد، كل من منطلقه وقراءته لمستقبل الاوضاع في المنطقة». ثمة من يشير الى ان الجانب الروسي يتحدث عن الحفاظ على النظام وترك القرار للشعب السوري لكي يختار، ويتمسك «حزب الله» مع الجانب الايراني الى ابعد الحدود بالرئيس بشار الاسد لاعتبارات استراتيجية واخلاقية ويعتبرون ان سوريا الجديدة لا تكون الا وهو على رأسها، ويستندون في ذلك الى براهين عديدة ابرزها السعي الجاد للاسد منذ استلامه سدة القيادة الى التغيير رغم عوائق ما عرف بالحرس القديم الذي تبين لاحقا ان له مشروعا خاصا.
يجزم احد قيادات مسيحيي «14 اذار» البارزين ان «الروس لن يسمحوا بخسارة بشار الاسد للعاصمة دمشق ايا كان الحل السوري، وهذه نقطة الخلاف المركزية مع الجانب السعودي». ويعتبر الجانب السعودي ان «اي حل في سوريا وفق هذه المعادلة يعني ان عاصمتين سنيتين ستكونان تحت التأثير الإيراني، عاصمة العباسيين (بغداد) وعاصمة الامويين (دمشق) ما يعتبرون انه يشكل خطرا على امنهم»، وفقا للمصدر.
ويعلق هذا السياسي على الامر بالسؤال «من قال ان المسيحيين قادرون على تحمل كل الخيارات الاقليمية لحزب الله، وهذا ما سمعناه من مقربين جدا من العماد ميشال عون؟»، ويضيف: «في الوقت نفسه لا نستطيع السير مع السنة في كل الخيارات وربط مصيرنا بالنظام العربي الرسمي واللعب صولد معه ما يجافي المنطق السياسي كليا». ويشير الى ان «هذا سبب ارتباك البعض عند طرح المبادرة الرئاسية. وعلى سبيل المثال الرئيس امين الجميل قال للنائب سليمان فرنجية عقب الافصاح عن المبادرة ما مضمونه: اذا وصلت الى سدة الرئاسة نحن معك الى الاخير ومن سيقف الى جانبك، واذا لم تصل لا تلومنا لاننا لا نريد ان نتلقى الضربات قبل وصولك الى الرئاسة، وهذه حال العديد من القوى على ضفة 8 آذار».
وهذا يعني حسب المصدر نفسه «ان الامور الرئاسية طويلة جدا بينما الوضع في البلد يهترئ ويتلاشى على كل المستويات، رغم اصرار الرئيس نبيه بري على شراء الامل في وقت الشغور الضائع بتحذيراته من ضياع الفرصة على 8 اذار وسقوط الثمرة التي نضجت ولا من يلتقطها».
لا يستبعد المصدر «حصول تقارب ظرفي وموضعي حول ملفات معينة بين المكونات الاساسية لقوى 8 و14 اذار، وربما يمرر امورا معينة لصالح العماد ميشال عون لفتح كوة في الجدار الرئاسي السميك». ولكن كل ذلك يبقى في اطار التكهنات، «لذلك انصح اليائسين من القيادات السياسية والذين يزداد عددهم تباعا ان لا يسكنوا في طبقات عالية والبقاء في طبقات سفلية، لانه كلما جاءهم الكلام الصريح عن عمق الازمة ربما يصيب بعضهم حالة من السوداوية المطلقة ويقرر ان يرمي بنفسه انتحارا، ونحن نريدهم احياء لالتقاط بارقة الامل عند بزوغها».