كتب أحمد عياش في صحيفة “النهار”:
في زمن التحضير للحل السوري الذي أعلن عنه وزير الخارجية الاميركي جون كيري بعد لقاء الاربع ساعات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يبدو أن الانضباط في المرحلة الممتدة حتى آب المقبل لكتابة مسودة دستور جديد لسوريا سيشمل “حزب الله” كي لا يقدم على أية خطوة من شأنها تعكير صفو هذا الحل. وبالطبع فان مسرح هذا الانضباط سيكون الحدود مع إسرائيل من الناقورة شمالا حتى مرتفعات الجولان السورية المحتلة شرقا. رب قائل ان هذه المعطيات تتهاوى امام ما أعلنه الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله في المقابلة التي أجراها معه قبل أيام غسان بن جدو في قناة “الميادين” وهدد فيها بقصف المفاعلات النووية الاسرائيلية ورد تل أبيب بالشكوى التي رفعها مندوبها الى مجلس الامن الدولي. بالتأكيد، لا يمكن تجاهل هذه المعطيات. لكن في الوقت نفسه يجب الأخذ في الاعتبار المعلومات التي أفادت عن تحذيرات متعددة المصادر بلغت الحزب كما بلغت طهران. ولم تكن صدفة ان ممثلة الامين العام للامم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ حذرت قبل أسابيع بعد زيارتها إيران من مغبة حرب جديدة مع إسرائيل. وبدوره سمع أعضاء الوفد النيابي الذي زار واشنطن أخيرا تحذيرات مماثلة.
هل من وظيفة محددة لتهديدات نصرالله في وقت لا يزال فيه متورطا في الحرب السورية؟ أوساط متابعة لأوضاع “حزب الله” وضعت مقابلة الامين العام للحزب وتهديداته لإسرائيل في خانة استنهاض جمهوره الذي يرزح تحت ضغوط كبيرة بسبب الاكلاف البشرية الجسيمة نتيجة المشاركة في الحرب السورية.وفي الوقت نفسه لم تستبعد هذه المصادر أن يكون نصرالله أثار الملف النووي الاسرائيلي بعد الضجة التي أثارتها تجارب الصواريخ الباليستية الاخيرة في إيران. و في الجانب الاسرائيلي تتحدث تل أبيب عن معطى إستراتيجي بين الدولة العبرية وروسيا تعفيها من الحاجة الى “مقاتلة حزب الله وغزو لبنان” على حد تعبير نائب رئيس أركان الجيش الاسرائيلي الجنرال يائير جولان.
الشغل الشاغل حاليا لإيران هو مصير رئيس النظام السوري بشار الاسد الذي لا يبدو في الوقت الراهن أن موضوع رحيله مطروح على طاولة جنيف. وعلى حد تعبير آن برنارد في “نيويورك تايمز” فإن الاسد ربما يراهن على أن روسيا والغرب “يحتاجانه أكثر مما يحتاجهما”. لكن ذلك لا يضمن أن تمضي الامور على هذا المنوال طويلا. وفي تقدير أوساط مقربة من “حزب الله” أن هناك ستة أشهر صعبة في المنطقة.
خلال لقائه الاخير مع وزير الخارجية الاميركي مازح بوتين ضيفه قائلا: “ماذا يوجد في حقيبتك؟هل هو المال لكي تساوم أفضل معنا؟”في ظل هذا الصفاء من المزاج الروسي لا أحد يشك في أن الصواريخ التي يهدد بها نصرالله إسرائيل هي خارج حقيبة بوتين الذي يتكفل بحراستها في زمن المفاوضات تحضيرا لزمن قبض الاثمان. وهذا الامر تعرفه إيران جيدا.