بول سوليفان
بعد ما يقرب من عقدين من الزمان في صناعة التعبئة والتغليف، اكتشف ايزي ايزنبرغ وجود حاجة لمنتجات التعبئة والتغليف الأكثر تخصصا وتعقيدا – أو كما وصف الأمر بنفسه «الأشياء التي لا يفضل الأشخاص الآخرون التورط فيها».
ولقد كان محقا، والشركة التي بدأها، والمعروفة باسم «أساليب التعبئة والتغليف المحددة»، قد انطلقت. والأمر الذي أزعجه كثيرا، رغم ذلك، أن أكثر الأرباح التي حققها كانت ناتجة عن ثلاثة أو أربعة عملاء كبار فحسب، وإذا لم يسدد أي منهم ما عليه من مستحقات – أو حتى كان بطيئا في سداد تلك المستحقات – فسوف تتضرر شركته وتواجه خطر الفشل، وقد يطيح ذلك بثروته الشخصية نفسها.
يقول السيد ايزنبرغ، متذكرا الوقت قبل 13 عاما: «كانت الكميات كبيرة للغاية لدرجة أشعرتني بعدم الارتياح، ومن حسن الحظ، لم يحدث ما يعكر الصفو عندما بدأت شركتي في العمل».
وبعد ثلاثة أعوام في ذلك المجال، كان لديه ما يكفيه من سجل متابعة الأعمال الكافي للحصول على التأمين الائتماني، والمعروف أيضا في الأوساط التجارية باسم التأمين المستحق، ويستخدم في تأمين مستحقاته لدى المشترين. ومنذ ذلك الحين، كانت له أربع مطالبات لدى المشترين، ومن بينها مطالبة بمبلغ كبير كانت لتسبب صدمة مالية مروعة لشركته. ولقد سددت شركة التأمين تلك الأموال، الأمر الذي أنقذ شركته من الإغلاق.
كتبت الأسبوع الماضي حول الكيفية التي يمكن لأصحاب الأعمال، والتي ترتبط ثرواتهم الشخصية بشركاتهم العاملة، تأمين الأموال لشراء حقوق الشركاء أو الاستحواذ على شركات أخرى في نفس المجال. ولكن قبل الوصول إلى هذه المرحلة، يحتاج رجال الأعمال في المعتاد إلى حماية شركاتهم بالأساس – وثرواتهم الشخصية كذلك – في حالة أن العملاء لا يسددون فواتيرهم المستحقة. ولسوف يكون أمرا معيقا وغير عملي الاحتفاظ بالكثير من الأموال النقدية في الاحتياطي.
وتلك هي الحدود التي تقف عندها شركات التأمين، حيث توفر التغطية التأمينية للشركات ذات الأرباح السنوية التي تتراوح بين مليون دولار وحتى 20 مليونا.
ولقد وضع يولر هيرميس، وكيل حدود التأمين، مؤخرا خطة تسمى «خطة البساطة»، وهي تهدف إلى مساعدة الشركات والأعمال التي تتراوح مبيعاتها بين مليون دولار وحتى 5 ملايين دولار، وهناك شركة تأمين أخرى تدعى «كوفيس»، توفر بوليصة التأمين الدولية، وهي المفضلة في المحيط الصناعي، والتي تهدف إلى تسهيل عمليات الشراء والاستخدام على الشركات التجارية متوسطة الحجم، وتراجع تلك البوليصة فقط الحسابات العليا للشركات وتوف الغطاء التأميني الشامل لبقية أعمال الشركة.
يقول فيكتور ساندي، الرئيس التنفيذي لدى شركة «غلوبال كومرشال كريدت» للوساطة التأمينية: «يشعر الجميع أنهم بخير حتى لا يعودوا كذلك، مجرد أن تتلقى الصدمة في المستحقات المالية، تهتز بسببها أصول الأعمال لديك، أو ربما تأتي على أموال التقاعد خاصتك».
ويقول بلاك هوكينز، مؤسس ورئيس شركة «كومباتيبال كابل»، وهي من شركات توزيع الكابلات في كونكورد بولاية كاليفورنيا، إنه حصل على تأمين سداد المستحقات بعدما أغلق أحد العملاء الذي كان يعمل معه لفترة طويلة شركته ولم يسدد مستحقاته. وقال إنه يتلقى العائدات من الكثير من الحسابات وبالتالي لم يسبب الأمر صدمة كبيرة بالنسبة له، ولكنه استطرد بأنه بدأ التفكير فيما يمكن أن يحدث إذا توقفت أعمال أحد كبار العملاء لديه.
وقال السيد هوكينز: «لم نشهد أي عميل يعلن إفلاسه من قبل، والتأمين ليس رخيصا بأي حال، وعليك التوقف والتفكير مليا في الفوائد المترتبة عليه».
ويقول جيمس دالي، الرئيس والمدير التنفيذي لعمليات الولايات المتحدة لدى شركة «يولر هيرميس»، أن المعدلات تختلف، ولكن الشركة التي تؤمن على مليون دولار من المستحقات المالية عبر «خطة البساطة» المشار إليها يمكنها أن تتوقع سداد قسطا تأمينيا سنويا بقيمة 7 آلاف دولار.
ويضيف السيد دالي قائلا: «البوليصة مصممة لتغطية كل شيء في الشركة حتى مطبات الطريق، وهي ليست مصممة لتوفير التغطية الشاملة، إننا نعرف إذا ما كانت لديك خسارة بمقدار مليون دولار في المبيعات، وهو مبلغ يكفي لتوقف أعمالك تماما».
ويقول مايكل شين، رئيس شركة مايكو للأثاث في هيوستن، إنه كان يستخدم «العوامل» – وهي المجموعات التي تعمل على شراء المستحقات المالية للشركة بأسعار منخفضة – ولكنه تحول إلى التأمين الائتماني من خلال شركة يولر هيرميس كوسيلة لتخفيض النفقات على شركته وإفساح المجال أمام المزيد من الخيارات لما تعمل شركته على تأمينه.
وكانت شركته، التي تصنع الأثاث في آسيا وتبيعه في الولايات المتحدة، قادرة على تأمين ما يقرب من 5 ملايين دولار من المستحقات المالية من العائدات السنوية وحتى مبلغ 25 مليون دولار. ويقول السيد شين إن التكلفة التأمينية كانت تساوي نصف نقطة مئوية فقط، وهي أقل من 2 نقطة مئوية على كافة المستحقات التي كانت مجموعات «العوامل» تفرضها عليه من قبل.
ويستطرد السيد شين فيقول: «إنها أكثر راحة للبال، بهذه الطريقة، لن نعاني كثيرا في الحسابات الكبيرة، فإذا كان التأمين على 300 ألف دولار في الشهر وأعلن أحد هذه الحسابات الإفلاس أو لم يقم أحدهم بالسداد في الميعاد فحسب، فلن نخسر تلك الأموال بالكلية».
يقول باركر فريدمان، رئيس شركة «آري غلوبال» للوساطة التأمينية، إن التأمين الائتماني هو آخر شيء يفكر فيه أصحاب الشركات والأعمال، ولا يفكر فيه إلا القليل منهم حتى يواجه أحدهم خسارة مالية معتبرة.
ويضيف قائلا: «أهناك أمر ما تتوقعه ويمكنه أن يضر بأعمال شركتك؟ إن الخسارة التي قد تسبب الضرر للشركة تختلف وفقا لحجم ومستوى أرباح الشركة. فإن خسارة 50 أو 100 ألف دولار يختلف تأثيرها في الشركة ذات المليون دولار عن الأخرى ذات الـ20 مليون دولار، وإنك تحاول على الدوام معرفة قدر الخسائر التي تستحوذ على جل اهتمامك».
ومع ذلك، يشير السيد ساندي إلى أنه في بعض الأحيان، حتى أكثر الشركات أمنا على ما يبدو، تعجز عن السداد في مرحلة من المراحل، وكانت تلك هي حالة شركة تارجت كندا، والتي أعلنت إفلاسها وتركت الكثير من البائعين دون سداد مستحقاتهم، وأضاف: «ليس لأنها تبدو كبيرة وقوية أن تكون فعلا كذلك».
بالنسبة للكثير من رجال الأعمال، كانت لشركات التأمين الائتماني استخدامات أخرى خارج نطاق تغطية المدفوعات، حيث إن الشركات التي توفر التأمين للشركات الصغيرة تملك قواعد بيانات حول الجدارة الائتمانية للشركات في جميع أنحاء العالم.
ويقول السيد هوكينز عن ذلك: «نتقابل في كل يوم بشركات جديدة وفي كل الأوقات، ولكننا لا نعرف عن هذه الشركات أي شيء»، ومن ثم يمكن لشركة التأمين مراجعة الجدارة الائتمانية لتلك الشركات.
وقال السيد شين إن قاعدة بيانات شركة يولر هيرميس تضم 55 مليون حساب، ولقد ساعدته في زيادة مبيعاته بشكل ملحوظ، وأضاف: «إذا ما تمت الموافقة على العملاء لقاء 10 آلاف حتى 20 ألف دولار، يمكن لشركة يولر أن تفيد بأن هذا حساب يتمتع بالجدارة الائتمانية، ويمكننا الموافقة عليه حتى مبلغ 100 ألف دولار، كما يمكننا أن نخبر مندوب المبيعات أن تلك الشركة تتمتع بالجدارة الائتمانية المطلوبة».
تقول كرستين براون، نائبة الرئيس التنفيذي لشركة كوفيس شمال أميركا، إن التحقق الائتماني كان مفيدا للشركات التي تسعى للتوسع دوليا، وأضافت: «يمكننا القول إننا نعرف هذا المشتري وإنه لا ينبغي عليك شحن البضائع إليه، أو إننا نعرف المشتري الآخر، ويمكنك إرسال 500 ألف دولار إليه».
يضمن التأمين في المعتاد ما نسبته 90 في المائة من قيمة المستحقات، بعد تصفية الأرباح تماما، ويساعد رجال الأعمال على زيادة مقدار المبالغ التي يمكنهم اقتراضها من البنوك.
ويقول السيد ساندي مضيفا: «إذا كنت متعهدا بالمستحقات خاصتك، فيمكنك الحصول على معدلات بين 75 إلى 80 في المائة». وفي وجود التأمين، فسوف تكون عند مستوى 70 في المائة مع التأمين بنسبة 90 في المائة، ويمكن للبنك حينئذ زيادة معدلاته المتقدمة، وإنها لرافعة أفضل كثيرا بالنسبة للأصول نفسها.
وقالت السيدة براون إنه إن لم تكن الشركة في حاجة للاقتراض، يمكن للتأمين أن يسمح لها بتخفيض مقدار الأموال التي تحتاجها في الاحتياطي النقدي من أجل تغطية الديون المتعثرة، وهناك حدود لذلك بطبيعة الحال.
وسوف تواجه الشركة إحدى هذه الحالات إذا ما حاولت التأمين فقط على أسوأ التسهيلات الائتمانية، كما قال السيد فريدمان، وتحتفظ أغلب شركات التأمين الائتماني بالحق في إصدار فاتورة التكاليف القضائية غير المتوقعة.
وقال السيد ايزنبرغ إنه كان في موقف قبل عدة سنوات ماضية عندما أعلنت شركة تقدر أصولها بمليار دولار عن إفلاسها. وكان فريق الدفاع عن الشركة يطالب شركة ايزنبرغ، والتي كانت تحقق أرباحا بقيمة تتراوح بين 2 إلى 5 ملايين دولار آنذاك، بإعادة الأموال التي تلقتها من الشركة في صورة مستحقات مالية.
يقول السيد ايزنبرغ «حاولت التفاوض لصالح شركتي، ولكنني لم أكن سوى ثقب صغير في جدار كبير، ونظرا لأنها كانت شركة عملاقة بالفعل، تمكنوا من الوصول إلى ومطالبتي بإعادة الأموال التي سددوها خلال الـ90 يوما الأخيرة، وكان مبلغا كبيرا». وتمكن السيد ايزنبرغ من الاستفادة من التغطية التأمينية التي وفرتها بوليصة شركة يولر هيرميس في ذلك الوقت، ثم منح شركة هيرميس حق التفاوض بالنيابة عن شركته.
وقال السيد ايزنبرغ أخيرا: «لم يكن أمامي من سبيل لأقوم بذلك وحدي، وبعض من الشركات الصغيرة التي تواجه مثل تلك المواقف ينتهي أمرها في عالم الأعمال تماما، كما أن انهيار تلك الشركات يؤثر من دون شك على ثروات مؤسسيها».