كتبت ألين فرح في صحيفة “النهار”:
يتوقف “العونيون” و”القواتيون”، ومعهم باقي الأطراف، عند اللقاء الذي انعقد الاسبوع الفائت في زحلة، وما شهده من إقبال وقبول، إذ لم يقتصر الحضور على الحزبيين فقط من الجهتين. وهو شكّل مقدمة لسلسلة لقاءات بدأ الطرفان التحضير لها في أكثر من منطقة، مظهرةً مدى التناغم والانسجام، ليس فقط لدى القواعد “القواتية” و”العونية” بل أيضاً على صعيد المسيحيين الذين كانوا متعطشين لرؤية مشهد المصالحة ينعكس على كل الأمور في البلد.
في الشكل والمضمون، كان لافتاً الغداء الذي جمع النائبين ابرهيم كنعان وجورج عدوان في توقيت جلسة انتخاب رئيس الجمهورية من دون أن يدخل الثاني الى مجلس النواب، في مطعم قبالة المجلس. فالرسالة وصلت. أمس أيضاً بعد الانتهاء من رتبة دفن المسيح في الكسليك، فضّل كنعان وعدوان أن يتناولا طعام الغداء معاً، ليس في ضيافة الرهبان مع بقية الحضور الرسمي كما جرت العادة، وذلك لمزيد من البحث والتنسيق في ملفات وأمور كثيرة بدأت تجمع بين الطرفين، ناهيك باللقاءات المتكررة والمكثفة بين كنعان والمسؤول عن جهاز الاعلام والتواصل في “القوات” ملحم الرياشي مع العماد ميشال عون والدكتور سمير جعجع. ووفق معلومات حصلت عليها “النهار” أن ثمة تحضيراً للقاء نيابي “عوني- قواتي” قريباً هدفه إعلان موقف مهمّ من التطورات الحاصلة.
ففي الاستراتيجية السياسية الداخلية، ثمة تصميم، من خلال قراءة مشتركة، على ان المعركة ليست معركة رئاسة، فهذه جزء من تكوين سلطة ومؤسسات دستورية، اذ يتبيّن أن لا إرادة لدى الآخرين لتصحيح الخلل المزمن من الطائف احتراماً للميثاق والدستور كما يدّعي البعض، عبر محاولة ايجاد ثغرة للانقضاض على هذا الاتفاق.
وتشير مصادر من الطرفين الى ان هذا الرفض ليس فقط في الرئاسة، “فما شهدناه أخيراً من تعطيل للتوافق على قانون الانتخاب يظهر بوضوح أن ليس هناك إرادة لتصحيح الخلل عبر قانون انتخاب يؤمّن الشراكة والمناصفة، والتذرع بتفاصيل صغيرة وغير أساسية وعدم الأخذ بكل المحاولات التي جرت ليس فقط من “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر” بل أيضاً من كل القوى المسيحية”. فهل من المقبول أن يحتاج التوافق على قانون انتخاب الى أكثر من 26 عاماً من دون التوصل الى نتيجة؟ وما الهدف من وضع قانون الانتخاب على جدول أعمال طاولة الحوار سوى تظهير فشل لجنة قانون الانتخاب والانقضاض على القانون والتحرر من شرط جدولة الدولة، علماً أن الرئيس سعد الحريري تعهّد في الجلسة التشريعية الأخيرة ألا يشارك في أي جلسة تشريعية ما لم يكن قانون الانتخاب بنداً أول على جدول أعمالها؟
وتخشى أوساط من الطرفين وجود مناورات كبيرة تحصل لإبقاء الخلل على صعيد النظام، مؤكدة أن حركة الاعتراض لن تبقى كلامية بعد الآن، ويوماً بعد يوم تزداد أرجحية اللجوء الى الاعتراض عبر الشارع، ليس فقط بسبب رفض الرئيس الميثاقي القوي الذي اتفقت عليه غالبية المسيحيين، من أجل إعادة إنتاج السلطة، بل أيضاً بسبب الاستمرار في تعيينات غير ميثاقية في بعض الوزارات ومؤسساتها. وقد بدأت هذه الفرضية تتداول في شكل جدي في أوساط العونيين والقواتيين، بعدما سادت في السابق بعض التحفظات، علماً ان جعجع أعلن أن “القوات” هي في إطار البحث ومناقشة هذا الخيار وغيره من الخيارات…”.
اذاً، الى الآن الخيار يتجه صوب الشارع، “ولن نقبل أن يتم التعاطي معنا بمناورات سياسية. فهدفنا تصحيح الخلل تحت سقف الدستور، اذ اننا طلاب حفاظ على الدولة والدستور، لكن ليس على حساب وجودنا وحضورنا”.